مُستكينا إلى مَزيد من الروية، لا يُبدي المغرب أية حَماسة للرد على التصريحات المتوالية الصادرة عن الجار الجزائري؛ فللمرة الرابعة منذ وصوله إلى "قصر المرادية"، لا يجد الرئيس عبد المجيد تبون حرجا في ربط أزمات بلاده بالمغرب، وهو ما تجنبت المملكة الرد عليه إلى حدود اللحظة، على الرغم من استرساله ومروره عبر قنوات مختلفة، منها الحملة الانتخابية ووسائل الإعلام الدولية. ورفض ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية المغربي، التعليق على الخرجات المتوالية للجزائر قائلا: "غايخصني نرد يوميا على الجزائر"، في جوابه عن أسئلة هامشية لوسائل إعلام، أثناء حلوله بالبرلمان لمناقشة تفاصيل مصادقة المغرب على حدوده البحرية. وبعدها بأسابيع قليلة، اتهم الرئيس تبون "لوبيا فرنسيا مغربيا" بعرقلة الاستثمارات الأجنبية ببلده. وتحاول الجزائر منذ صعود الرئيس الجديد، إيجاد موطئ قدم على مستوى منطقة شمال إفريقيا؛ وهو ما جعلها في صدام دائم، مع "المصالح المغربية"، خصوصا في ملف "الأزمة الليبية"، التي يحاول المغرب معاودة ولوجها، لكن "قصر المرادية" يتجه نحو حصر الحل في قرارات "الدول الحدودية"، كما أنه ظل محتفظا بمواقف كلاسيكية من الصحراء، واجهها المغرب ب"الصمت" كذلك. وبالنسبة إلى عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، فإن "الرئيس الجديد هو امتداد لعقلية موجودة داخل "قصر المرادية"، لا تستطيع تقديم مشروع مجتمعي حقيقي يحل مشاكل البلد، وبالتالي تلجأ إلى طرح وجود خطر خارجي هو المغرب"، مشيرا إلى أن "تبون عاود الهجوم غير ما مرة من خلال وسائل الإعلام وأجهزة الاتحاد الإفريقي". وأضاف البلعمشي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الجزائر لم تطور أداءها على المستوى الدبلوماسي، وظلت محتفظة بنفس القناعات والتصورات، وتطرحها بنفس الطريقة والشكل"، مؤكدا أن "الخطاب الذي يصدر عن الرئيس تبون موجه بالأساس للاستهلاك الداخلي"، مسجلا أن "عدم رد المغرب على هذه التصريحات يحمل فهمه للأمور". وأوضح الأستاذ الجامعي أن "المغرب يدرك أن الملفات باتت تدبر أكثر على المستوى القانوني، وبالتالي لا مجال للصدامات الثنائية، والدليل هو اتفاق الصيد البحري وترسيم الحدود البحرية وغيرها"، مشددا على أن "المواقف الدولية تبقى ثابتة، والدليل هو قرارات مجلس الأمن، والوضع على مستوى الكركارات، حيث لم تتأثر بما يردده عبد المجيد تبون". وزاد البلعمشي قائلا: "المواجهة المباشرة بين المغرب والجزائر موجودة، ولا يمكن انتظار الكثير من الرئيس عبد المجيد تبون، فهو وفي لتيار ساعده على الوصول إلى "قصر المرادية""، مسجلا أن "القياس الحقيقي هو النتائج وليس الخطابات".