قالت كريستالينا جورجييفا، المُديرة العامة لصندوق النقد الدولي، إن المغرب بمثابة جزيرة استقرار تشتغل وفق رؤية مستقبلية لتحقيق نمو شامل ومستدام ومفيد لجميع المواطنين المغاربة، خصوصاً النساء والشباب. وأشارت المسؤولة ذاتها في مؤتمر صحافي في ختام زيارتها الأولى إلى المملكة، عقدته الخميس في الرباط، إلى أن "المغرب بلدٌ رائدٌ في المنطقة والقارة الإفريقية لأنه واصل اعتماد إصلاحات صعبة لكنها كانت مُفيدة للاقتصاد الوطني والمواطنين المغاربة". وأشادت جورجييفا، في المؤتمر الذي حضره وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون، ووالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، بجُهود المملكة من أجل تقوية الحكامة ومحاربة الفساد، مشيرةً إلى أن الاستراتيجية الوطنية المعتمدة لمحاربة الفساد "مهمة لبناء الثقة". وقالت جورجييفا، البلغارية التي خلفت كريستين لاغارد على رأس صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي، إن للمغرب أهمية كبيرة في القارة الإفريقية، معتبرةً أنه "يمثل جسراً بين أوروبا والعالم العربي وباقي إفريقيا". وعبرت المسؤولة نفسها عن إعجابها ب"الالتزام المغربي بالازدهار الاقتصادي عبر الاستثمار في باقي دول القارة الإفريقية"، مشددةً على "تميز الشراكة التي تربط الصندوق مع المغرب من خلال العمل على مواضيع عدة، منها إصلاح النظام الضريبي وتحسين جودة النفقات العمومية والسياسة النقدية". توقعات النمو وأوردت جورجييفا أن التوقعات الخاصة بنسب النمو في المغرب تعرف تحسناً، بحيث سينتقل النمو من 2,4 في المائة المسجلة سنة 2019 إلى 3,7 في المائة متوقعة خلال السنة الجارية، لتصل إلى 4 في المائة في سنة 2021. وذكرت المتحدثة أن "ما هو مهم أن معدل البطالة في البلاد يتراجع والإيرادات ترتفع، لكن طموحات المغرب تتطلب بذل مجهودات أكثر وأفضل، وأنا أشجع صندوق النقد الدولي على دعم البلاد في هذا الصدد". وبخصوص خط السيولة والوقاية الموضوع رهن إشارة المغرب بقيمة 3 مليارات دولار، قالت جورجييفا إنه مستمر إلى غاية نهاية السنة الجارية، موردةً أن "نتائجه إيجابية لأنه يُعطي ثقة للمستثمرين الخواص، والاستمرار في خط جديد أو شكل آخر هو قرار يعود إلى الحكومة المغربية وعلى الصندوق التجاوب". واعتبرت المسؤولة أن عدم استعمال المغرب لما يوفره خط السيولة والوقاية "يُبين قوة سياسات البلد، وأيضاً حِكمة الاستعانة بتأمين في ظرفية يعرف فيها الاقتصاد العالمي مخاطر عدة". وشددت جورجييفا على أن التزام النقد الدولي مع المغرب هو التزام للعمل يداً في يداً مع الحكومة، وقالت بشكل واضح: "الحكومة هي التي تُقرر من أجل البلد، والصندوق يقدم أفضل نصائحه ويستجيب للطلبات للمساعدة على تحقيق التنمية بشكل أفضل وسريع". النموذج التنموي وفي معرض ردها على أسئلة الصحافيين بخصوص عمل اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، قالت جورجييفا إن "الصندوق يقدر بشكل كبير اهتمام المغرب بتحليل المستقبل بطريقة شاملة"، معبرةً عن على استعداد الصندوق لتوفير أي تحليل قد يكون مفيداً لعمل اللجنة. وقالت مُقدمةً نصائح لعمل اللجنة: "ما تعلمناه من خلال تجربتنا في عدد من الدول، وفي عالم يتغير بشكل سريع على المستوى التكنولوجي والاقتصادي والسياسي والبيئي، من الضروري أن تكون لدينا مرونة في سياستنا لنكون مستعدين لمواجهة المجهول في المستقبل". والنقطة القوية لتحقيق نموذج تنموي ناجح، حسب جورجييفا، هي الاستثمار في العنصر البشري، موردة أن "هذا أمر بسيط، لأن التحول نحو بلد غني غداً يقتضي الاستثمار اليوم في البشر لكي يكونوا مصدر المرونة المطلوبة للاستعداد للمهن المستقبلية التي لا وجود لها اليوم". وأشارت المسؤولة بصندوق النقد الدولي في معرض حديثها عن الخلاصات المرتقبة للجنة التي عينها الملك لبلورة نموذج تنموي جديد للمغرب، إلى أن صندوق سيتعلم من عملها وسيقوم بنشر الاستفادة من تجربتها في الخارج. جدير بالذكر أن زيارة جورجييفا جاءت في إطار التحضير للاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي التي ستحتضنها منطقة باب إيغلي بمدينة مراكش سنة 2021، وهو ما سيجعل من المدينة الحمراء عاصمة مالية واقتصادية عالمية.