قال مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي بوجدة، إن "اختيار العربيّة لغةً للقرآن الكريم يعكس الحكمةَ الإلهية التي تنسحب على اختيار الأنبياء والزمان والمكان أيضا"، وربط الاقتناع بهذا المعطى ب"العقيدة في الإيمان والحكمة التي تنتفي معها العبثية والاعتباطية في الاختيار الإلهي". واعتبر بنحمزة الذي كان يتحدّث في محاضرة افتتاحية لندوة فكرية دولية في موضوع "عربية القرآن الكريم"، نُظّمت الأربعاء بالكلية متعدّدة التخصّصات بالنّاظور، أن اللغة العربية "تُعدّ الوشيجة التي تشدنا بقوة إلى الشريعة، وإلى الحضارة والمعرفة، لذلك حينما نقطع صلتنا بهذه اللغة بتجليها العلمي الجميل، فمعنى ذلك أننا أنهينا علاقاتنا بهذا التراث الذي نبني ونؤسس عليه ونجدد انطلاقنا". وأبرز المتحدّث إلى عدد من الباحثين والطلبة في مدرّجٍ للمحاضرات بالكلية ذاتها أن "اللغة العربية تمتازُ بمجموعة من الخصائص التي تجعلها متفوّقةً على باقي اللغات، أهمّها البيانُ"، مشيرًا إلى أن "البيان هو أسمى ما أعطي للإنسان، لذلك جاء القرآن بلسان عربيّ مبين على خلاف اللغات الأخرى التي ينحصر دورها في التّواصل". وتابع بنحمزة قائلا إنّ "بيان اللغة العربية يتجلّى بما فيها من تمثيل ومجاز وتقديم وتأخير وغيرها من الأساليب البلاغية"، محيلًا على نموذج كتاب "الخصائص" لابن جنّي الذي أبان مضمونه عن الكثير من مميّزات اللغة العربية في البيان". "اللغة العربية ميّالة إلى الرقّة والخفّة، وحمّالة لكثير من المعاني بقليل من الألفاظ"، يقول رئيس المجلس العلمي بوجدة، "لذلك كان بعض العلماء يضعون كتابًا بأكمله في تفسير آية واحدة، لأنها مشحونة بالكثير من المعاني، هذا بخلاف بعض اللغات التي تعبّر عن المعاني القليلة بالألفاظ الكثيرة". وبخصوص الغنى المعجمي للغة العربيّة، قال بنحمزة: "ليست هناك لغة بلغتْ العربية في غناها على مستوى الكلمات، فقد بلغت اللغة العربية في آخر معجم جامع لها 12 مليونا و300 ألف كلمة، ما يزيد عن معجم اللغة الإنجليزية ب25 مرّة، وكذلك معجم اللغة الفرنسية". وأضاف بنحمزة أن "هذا الغنى في كلمات اللغة العربية من باب الإمكانات التّعبيرية الهائلة، وليس من قبيل الكثرة والتكرار"، منتقدًا أولئك الذين يعتبرون اللغة العربية "تعاني من العقم اللغوي"، مشددا في المقابل على مرونتها بفضل عدد من الظواهر اللغوية، من أهمّها "الاشتقاق". واعتبر رئيس المجلس العلمي بوجدة أن سبب اتهام العربية بالعقم راجعٌ إلى القصور في فهم طبيعتها وما لها من إمكانات هائلة في الاشتقاق وإيجاد الألفاظ، جازما أن العربية لن يصيبها العقم ما دامت تمتلك خاصية الأوزان المرنة.