تواجه أكادير، التي أعلنت مدينة بدون صفيح منذ 2008، اليوم المشكل الشائك للبناء العشوائي الذي ينتشر بالخصوص في بعض الأحياء الهامشية ،حيث أضحى اليوم الحزم بعد فترة من التساهل، السمة الغالبة لوضع حد لهذه الظاهرة. وتكشف الصدامات والتوترات الأخيرة التي واكبت تدمير مساكن غير قانونية في جماعة أورير حجم هذه الآفة وكذا حجم اللوبيات والوسطاء من جميع الاتجاهات المستفيدين من العجز الذي لايزال مطروحا في السكن الاجتماعي بهذا التجمع الحضري الذي يعرف ضغطا ديموغرافيا قويا. وتميط المشكلة، التي تفاقمت مؤخرا بفعل بعض التساهل من قبل فاعلين يفترض أنهم يسهرون على احترام قانون التعمير، أيضا اللثام عن عدة اختلالات هيكلية. ويعزو عدد من فاعلي القطاع هذه الآفة إلى بطء برامج السكن الاجتماعي، ووثائق التعمير التي لازالت تنتظر تحيينها وغياب أدوات من شأنها تسهيل الولوج للملكية والبناء الذاتي، خاصة في الوسط القروي. وعلى غرار باقي عمالات وأقاليم الجهة، تعرض المشهد العمراني بأكادير "لتدهور خطير"، كما أكد والي جهة سوس-ماسة-درعة محمد بوسعيد أمام دورة استثنائية للمجلس الجهوي مؤخرا، تم عقدها بالخصوص لدق ناقوس الإنذار إزاء تفاقم الظاهرة. لا تساهل بعد اليوم وأدى عدم احترام المقتضيات القانونية للتعمير والاحتلال العشوائي لأراضي الدولة والترامي على ملك الغير إلى انتشار نسيج عمراني لا يستجيب بتاتا لمتطلبات حياة كريمة، لا على مستوى التجهيزات السوسيو-اقتصادية ولا الولوجية أو الفضاءات الخضراء. وقال بوسعيد "إننا مدعوون جميعا للإبانة عن الحزم المطلوب لمواجهة أولئك الذين يسعون لتجاوز القانون"، في إشارة إلى المضاربين، وباعة و حائزي القطع الأرضية العشوائية ومن يوظفون التجزئات السرية، فضلا عن المتواطئين معهم من أعوان السلطة والمنتخبين والموظفين. ويبدو أن السلطات والمجالس المنتخبة قررت منذ عدة شهور مسبقا مواجهة المشكل مباشرة. وبعد عشرات السنين من العرقلة والتوترات، تم إيجاد نهاية سعيدة للحي غير اللائق أغرود في بنسركاو، غير بعيد عن وسط المدينة، حيث أضحى بإمكان السكان ذوي الحقوق الحصول على رخصة للبناء في إطار احترام مخطط تهيئة الحي. وفي انتظار حلول مماثلة في ملفات لا تقل تعقيدا، لازال التوتر والحذر يسود في دور سفح الجبل. وتم فتح حوار بالتأكيد مع ممثلي السكان، إلا أنه بموازاة ذلك، لم يعد هناك مجال للسماح بتمرير مواد البناء نحو هذه المنطقة. وكان يفترض توقف انتشار البناء العشوائي بأورير وتامغارت وقبل ذلك بالدراركة، حيث جرت عمليات هدم متتالية لم تخل من اصطدامات. كما صدرت عقوبات قاسية وتنقيلات في حق أعوان السلطة المتواطئين أو المرتشين، ويتابع قضائيا عدد من المضاربين الوسطاء أو المنتخبين أو الموظفين الذين مارسوا الاحتيال في معاملات غير قانونية أدت إلى إقامة هذه المساكن السرية غير اللائقة في أغلب الأحيان. وإلى جانب التحدي الخطير بالنسبة للمشهد العمراني والأمن الاجتماعي، تعرقل هذه الظاهرة بالتأكيد برامج السكن الاجتماعي وحتى التنمية الاقتصادية لمدينة تعد قاطرة ثاني أكبر قطب اقتصادي بالمغرب. ولعل الاجراءات الهيكلية أضحت تفرض نفسها أملا في سد الخصاص القائم بقطاع السكن والتعمير الذي تعرفه جهة سوس-ماسة-درعة بأكملها. ويعد عاجلا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تحيين مخططات التهيئة، وتغطية الجماعات القروية الفقيرة بوثائق التعمير، وتسهيل مساطر البناء وملاءمتها مع إكراهات الوسط القروي وإحداث وكالات حضرية جديدة للاستجابة لحاجيات السكن ووثائق التعمير في جهة مترامية الأطراف. ولا يوجد اليوم سوى هيئة واحدة من هذا النوع بالنسبة لتسع عمالات وأقاليم. ويعتبر تجاوز هذا التأخر في قطاع جد حيوي كالسكن ضرورة لا تحتمل المزيد من الانتظار، نظرا لارتباطها الوثيق بتحقيق التنمية الاقتصادية والسلم الاجتماعي.