شكل "استعراض فرص التعاون لتعزيز قيم التسامح والتعايش" أحد المحاور الرئيسة في اللقاء الهام الذي جمع بين الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، ورئيسة كرواتيا كوليندا غرابر كيتاروفيتش، في القصر الجمهوري للبلاد. وفي وقت أكد الشيخ العيسى على رسالة "الرابطة" للمجتمع الإنساني نحو "الالتزام بمبادئ السلام والتعايش ونبذ كافة أشكال التطرف"، ثمنت الرئيسة الكرواتية رسالة الرابطة وأعمالها حول العالم، وخاصة مبادرتها في تعزيز الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب، من أجل عالم أكثر تفاهماً وسلاماً ومجتمعات أكثر وئاماً واندماجاً. الاجتماع كان فرصة أمام رئيسة كرواتيا لإبداء موافقتها على رئاسة مركز التواصل الحضاري الذي أوصى به إعلان "مؤتمر زغرب" حول "الأخوة الإنسانية لتعزيز الأمن والسلام"، كما نادى بتجريم كل أساليب وممارسات الكراهية والعنصرية والتهميش والإقصاء. المؤتمر الدولي المذكور شدد على ضرورة "إنشاء مركز عالمي للتواصل الحضاري يكون مقره مدينة زغرب، ليكون جسراً للتعارف والحوار والتفاهم والتعاون بين كافة مكونات المجتمع الإنساني، ومكاناً حاضناً للمبادرات ذات الصلة بتعزيز القيم الإنسانية والمجتمعية وردم الفجوات الدينية والثقافية والعرقية". وأثارت كلمة العيسى اهتمام الحاضرين في المؤتمر، كما استأثرت بتغطية عدد من وسائل الإعلام الكرواتية والدولية المهتمة، خاصة عند حديثه بشأن واقع العالم اليوم، والذي يشهد استقطابات وصراعات حادة بين الدول وبين بني البشر، أغلبها ينتهك روح المشترك الإنساني بين هذه الأطراف المتناحرة. وركزت دعوة القيادي الإسلامي في المؤتمر، كما في سابق لقاءاته وأنشطته المختلفة، على "أهمية الالتفاف حول قيم الأُخوة الإنسانية التي تلغِي الحواجز السلبية وتردم فجواتها، وتبني الجسور وتُسهل الحوار والتفاهم والتعاون، وتُقوي العمل على مشتركات تُمَثل القانون الطبيعي الموحد". النزاعات الثنائية والإقليمية والجهوية والدولية التي لا تنتهي في مختلف ربوع المعمورة جعلت العيسى يركز في دعوته على القيم المشتركة للإنسانية، التي بإمكانها لو تم منحها فرصة كافية للتبلور والنضج أن ترسي دعائم السلام وتحل جسور الوئام في عالم مضطرب إلى حد مقلق. عنصر التاريخ ما كان ليغيب عن بال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي في بسط ملامح دعوته إلى الأخوة الإنسانية، التي لا سقف دينيا لها، بقدر ما ترحب بكل الأديان والأنماط البشرية والبوتقات الحضارية المتنوعة، مبرزا أن "عالم اليوم سيكون أكثر وعياً إذا استفاد من عظة التاريخ التي تدعوه إلى خيار الحكمة المتمثل في الحوار الإيجابي والفعَّال". وبعد اجتماعه بالرئيسة الكرواتية، التقى الشيخ العيسى برئيس وزراء كرواتيا، أندريه بلينكوفيتش، في مقر رئاسة الوزراء، حيث كانت مناسبة لاستعراض مجالات العمل المشترك في إطار تنفيذ الخطط والمبادرات التي تطلقها الرابطة لترسيخ قيم الوئام الديني والوطني. والتقى القيادي الإسلامي البارز برئيس مجلس النواب الكرواتي، غوردن ياندروكوفيتش، في مقر المجلس، حيث بحث معه مجالات التنسيق بين المجلس و"رابطة العالم الإسلامي" في المهام ذات الاهتمام المشترك، وخاصة ما يتعلق بحقوق وواجبات الأقليات. أنشطة العيسى امتدت إلى لقائه مع الأئمة العاملين في كرواتيا ورئيس المركز الإسلامي الثقافي؛ حيث ألقى كلمة في المركز المذكور أثنى فيها على أوضاع المسلمين في كرواتيا، الذين يتمتعون بكافة حقوق المواطنة دون تمييز. وبعد ذلك عقد الدكتور العيسى في الأبرشية الكرواتية اجتماعاً مع الأساقفة القائمين عليها، بشأن مجالات التعاون المشترك، كما استجاب لدعوة عمدة زغرب، ميلان بانديتش، لزيارة بلدية العاصمة، والذي ثمّن جهود الرابطة في دعم السلام والتعايش حول العالم وتعميق العلاقات بين الأمم والشعوب.