توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    الإدارة السورية الجديدة تُعلن أحمد الشرع رئيساً للبلاد    مجلة الشرطة تسلط الضوء في عددها الجديد على الشرطة السينوتقنية (فيديو)    بسبب سوء الأحوال الجوية.. وزارة التجهيز تهيب بمستعملي الطرق توخي الحيطة والحذر    جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025 تكرّم جهود بارزة في نشر المعرفة الإسلامية    رسمياً..أحمد الشرع رئيسًا لسوريا    وزارة التجهيز تحذر مستعملي الطرق من سوء الأحوال الجوية على خلفية نزول أمطار رعدية قوية    طنجة: تساقطات مطرية غزيرة وسيول جارفة تغرق عددا من الأحياء الشعبية (فيديو)    المغرب التطواني يتعاقد مع مدير رياضي تداركا لشبح السقوط    محكمة الاستئناف بطنجة: البت في 328.704 قضية خلال سنة 2024    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    نادي "غلطة سراي" يودع زياش    الحموشي يجري سلسلة اجتماعات بمدريد لتوسيع مجالات التعاون الأمني مع إسبانيا وألمانيا    أخنوش يذكر بالولوج العادل للأدوية    بلجيكا تؤكد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي لقضية الصحراء.. توجه أوروبي متزايد لدعم السيادة المغربية    أونسا يؤكد إخضاع مشروبات "كوكا كولا" لمراقبة صارمة    الشبكة الكهربائية.. استثمار يفوق 27 مليار درهم خلال السنوات الخمس المقبلة    قيادة حزب الاستقلال تدعم سعي نزار بركة إلى رئاسة الحكومة المقبلة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تستفيد من استثمارات استراتيجية ضمن 17,3 مليار درهم صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمارات    معهد التاريخ يبرز عالمية المغرب    حصيلة أداء اليوم ببورصة البيضاء    رسميا.. الوداد يعزز صفوفه بضم مالسا    جائزة عبد الله كنون تكرّم الإبداع الفكري في دورتها الثانية عشرة حول "اللغة العربية وتحديات العولمة"    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    انهيار الطريق بين الحسيمة والجبهة..اتخاذ عدة إجراءات لضمان استمرار حركة السير    6 أفلام مغربية ضمن 47 مشروعا فازت بمنح مؤسسة الدوحة للأفلام    حزب "النهج" يستنكر التعسف في هدم المنازل بالأحياء المهمشة    إفران تطمح إلى الحصول على العلامة الدولية لمدينة نظيفة 100 في المائة    طقس المغرب: رياح قوية وأمطار رعدية وتساقطات ثلجية بهذه المناطق    الفنان المغربي علي أبو علي في ذمة الله    مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة يطلق منصة رقمية لتعزيز الشفافية في دعم الجمعيات والتعاونيات    ساعة نهاية العالم تقترب أكثر من منتصف الليل.. 89 ثانية تفصلنا عن الكارثة    الريان يعلن إنهاء التعاقد مع المغربي أشرف بن شرقي    تقرير: 66% من أسئلة النواب دون جواب حكومي والبرلمانيات أكثر نشاطا من زملائهن    ترامب يأمر بتقييد إجراءات عمليات التحول الجنسي للقاصرين    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    ليفاندوفسكي:" أرغب في إثبات أن العمر مجرد رقم"    دلالات ‬الموقف ‬المغربي ‬المتزن ‬و ‬المتفرد ‬من ‬رؤية ‬الرئيس ‬ترامب    توقيف مروج للبوفا مبحوث عنه بموجب مذكرات بحث وطنية    توقيف شخص بتهمة التخطيط لقتل وزير في الولايات المتحدة    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    نجم كرة القدم الإسباني المعجزة لامين يامال إشترى لجدته وأمه وأبيه ثلاثة منازل في عمره 16 سنة    إجلاء 176 شخصًا بعد اندلاع النيران في طائرة بكوريا الجنوبية    التعاونيات كقوة دافعة للتنمية: نحو نظم زراعية وغذائية أكثر استدامة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا    "كاف" يقرر رفع عدد المنتخبات المشاركة في "كان" تحت 17 سنة المقرر في المغرب إلى 16 منتخبا    الرجاء الرياضي يفك ارتباطه رسميا بالمدافع ياسر بالدي خلال فترة الإنتقالات الشتوية الحالية.    المغرب يتصدر قائمة الوجهات السياحية الموصى بها لعام 2025 من قبل كبار منظمي الرحلات البرازيليين    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون متعلق بنظام الضمان الاجتماعي    الذهب يصل إلى هذا المستوى    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    عائلة الشاب حسني والشاب عقيل تمنع حفلهما بالمغرب    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"دار الأمل" ترعى الأطفال المتخلى عنهم في تزنيت
نشر في هسبريس يوم 10 - 02 - 2020

كثيرة هي الأسباب الكامنة وراء ارتفاع ظاهرة التخلي عن الأطفال الرضّع بالمغرب، وتختلف بين ما له علاقة مباشرة بجرائم الاغتصاب وتراجع الأشخاص عن إتمام عقود الزواج وانتشار العلاقات غير الشرعية، وغيرها من العِلل التي تدفع "الأمهات" إلى قطع الصلة بكل ما هو وجداني وعاطفي والإقدام على التخلي عن فلذات أكبادهن بدون رحمة أو شفقة.
وفي ظل التزايد المخيف لنِسب هذه السلوكيات غير الإنسانية ومالها من تداعيات اجتماعية ونفسية على الأطفال المتخلى عنهم والمجتمع على حد سواء، تُبادر الجهات المسؤولة، بين الفينة والأخرى، إلى اتخاذ مجموعة من التدابير الهادفة إلى محاربة هذه الظاهرة، لكن للأسف تبقى نتائجها محتشمة في ظل الارتفاع المهول لعدد الأطفال المتخلى عنهم الذي يصل إلى "رضيع واحد كل الساعة"، حسب ما كشف عنه التقرير الأخير الصادر عن منظمة اليونيسيف والمنظمة المغربية لحماية الطفولة.
وفي مقابل التطور الخطير لهذه المعضلة الاجتماعية التي لم تنفع معها حلول الردع والتقنين، برزت هيئات جمعوية عدة بالعديد من المناطق والمدن على صعيد المملكة لِلعب دور الأسرة والاهتمام بشريحة الأطفال المتخلى عنهم والاعتناء بهم ورسم البسمة على شفاههم ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.
دار الأمل بتيزنيت
تعد "دار الأمل" للأطفال المتخلى عنهم وفي وضعية صعبة، التي تشرف عليها جمعية أصدقاء المركز الاستشفائي الإقليمي بمدينة تزنيت، واحدة من الفضاءات الاجتماعية التي بصمت منذ تأسيسها سنة 2007 على مسار جمعوي حافل بالتطوع ونكران الذات من طرف كافة مكوناتها في سبيل إعادة الأمل لفئة مجتمعية في حاجة إلى عناية دقيقة ورعاية خاصة.
وبخصوص الخدمات التي تقدمها مؤسسة دار الأمل، قال مديرها، أحمد سهلي، في تصريح لهسبريس، "منذ 13 سنة ونحن نعمل جاهدين على توفير العناية اللازمة من تربية وتطبيب وتعليم وجو أسري، وكل ما يحتاجه الأطفال المتخلى عنهم من طرف أمهات عازبات أو يوجدن في وضعية صعبة".
وأوضح المسؤول المتطوع أن "تاريخ تأسيس جمعية أصدقاء المركز الاستشفائي الإقليمي يعود إلى 24 أبريل 2007، حيث كنا نتخذ مستشفى الحسن الأول كمقر لإيواء نزلائنا، قبل أن نفكر في بناء مؤسسة دار الأمل كفضاء مستقل بذاته، وعيا منا بأن المكان الطبيعي لهذه الفئة التي نهتم بها هو الوسط المجتمعي، وليس المستشفى بين المرضى".
وأضاف: "ذلك ما تأتى لنا سنة 2017 بعد تضافر جهود مجموعة من الفاعلين، على رأسهم السلطات الإقليمية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجلسين الجماعي والإقليمي والتعاون الوطني ووكالة ANDZOA، فضلا عن الدور الكبير للمحسنين في عملية بناء وتسيير المرفق، وأخص بالذكر الحاج لحسن أسكتي بصفته رئيس الجمعية الحاضنة لهذا المشروع الاجتماعي".
وعن الأهداف التي تصبو دار الأمل لتحقيقها، أبرز سهلي أنها تتمثل أساسا في "إسعاد المتكفل بهم البالغ عددهم حاليا 20 طفلا وطفلة، والاعتناء بهم وإدماجهم اجتماعيا، وتمكينهم من الاستفادة من جميع الحقوق المخولة لهم، وعلى رأسها التمدرس، حيث يتابع المتمدرسون منهم تعليمهم بشكل عاد بمدارس عمومية أو خصوصية، ويحظون بمتابعة دقيقة من طرف المؤسسة من أجل ضمان تمدرس جيد يؤهلهم لولوج معاهد عليا، وبالتالي ضمان مستقبلهم".
"أما بالنسبة لعملية التكفل التي نباشرها بتنسيق مع النيابة العامة المختصة، فتتم وفق تدابير خاصة نحرص خلالها على أن تكون الأسرة موضوع طلب التكفل قادرة ماديا ومعنويا وتستطيع الالتزام بضوابط التتبع المعمول بها في هذا الجانب، بما فيها الإدلاء بصور وشواهد طبية للطفل بين الفينة والأخرى، أو إحضاره للمركز قصد المعاينة في حالة القرب، وهي جميعها خطوات تليها تقارير نعدها ونرسلها إلى وكيل الملك قصد الإخبار".
وختم مدير مؤسسة دار الأمل حديثه لهسبريس بالقول: "إننا نطمح دائما لتطوير هذا المشروع والسير به قدما نحو الأفضل والترافع من أجله على جميع المستويات حتى نتمكن من تقديم أحسن ما لدينا لهذه الفئة التي نعمل كل ما في وسعنا حفاظا عليها من الضياع وتعويضها ولو القليل مما حرمت منه من دفئ أسري".
طوق نجاة
وحول هذا الموضوع، قال محمد الفقير، خبير متخصص في المجال النفسي والتربوي، إن "وجود مؤسسات ودور للرعاية الاجتماعية للأطفال في وضعية صعبة أو متخلى عنهم، يمثل طوق نجاة لهذه الفئة من الطفولة التي حكمت عليها الظروف بأن تعيش وضعا خاصا بعيدا عن حضن الأسرة الطبيعي".
وأضاف الفقير: "في اعتقادي، هذه المؤسسات نجحت إلى حد كبير في المهمة، وهو أمر يتطلب مجهودا نفسيا وتربويا واجتماعيا من طرف الأطر والمربين العاملين بالفضاءات الحاضنة، بالرغم من التحديات المرتبطة بالمحيط الاجتماعي الذي يرى بعين الانتقاص الأطفال المتخلى عنهم حتى وهم لا يتحملون أي ذنب أو مسؤولية في وضعيتهم، هنا يكمن التحدي الأهم الذي يواجهونه في حياتهم الاجتماعية بالمدرسة والشارع وعند رغبتهم في تكوين أسرهم، مما يتطلب توعية المجتمع وتغيير العقلية تجاه هؤلاء واحتضانهم بدلا من رفضهم، لأن من حقهم الشعور بالقبول الاجتماعي".
وبخصوص العمل التربوي والنفسي الذي يبذل في فضاء المؤسسة أو الدار المحتضنة تجاه هؤلاء، أوضح الخبير النفسي ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه "يمثل ما يتلقاه أقرانهم في الوسط الأسري مع بعض الخصوصية التي تتمثل في التفاوت في الأعمار والجنس، كما أن خصوصية المنطقة التي يتواجد بها الفضاء الحاضن يكون لها تأثير، وهنا نتحدث عن دار الأطفال بمدينة تيزنيت التي تتسم بالنسق الاجتماعي المحيط بها المحافظ بالطبع الذي يرفض مواليد خارج مؤسسة الزواج".
وكيفما كان الحال، يقول محمد الفقير، فإن "الواقع يتطلب مجهودا كبيرا للتوعية بظروف وحقوق هذه الفئة والعمل على تفادي ارتفاع حالات الأطفال المتخلى عنهم، فالطبيعي هو أن يترعرع الإنسان في وسط أسري مكون من أبوين بيولوجيين ولا يحس بأنه مختلف عن بقية أقرانه".
المقاربة الشمولية هي الحل
وفي تعليق حول الظاهرة، قال الطيب البوزياني، ناشط حقوقي، إن "الأطفال المتخلى عنهم عرضة لحرمان كبير ومعاناة مضاعفة ترافقهم طيلة حياتهم للأسف الشديد، ذلك أن هؤلاء الأطفال غير المرغوب فيهم، أو هم نتيجة انهيار الأسرة لسبب من الأسباب، يكونون عرضة لكل تبعات غياب حضن الأسرة ولكل أشكال الظلم الاجتماعي والعنف المادي والرمزي، الشيء الذي يؤثر سلبا على شخصياتهم المستقبلية، وبالتالي صعوبة إدماجهم واندماجهم في مجتمع يرمقهم بنظرات الاحتقار والنفور ويحرم نفسه من طاقات خاصة تشكل ثروة بشرية حقيقية ضائعة بين متاهات الخيريات ومقرات جمعيات المجتمع المدني التي تحاول جاهدة ملء فراغ الخدمات الاجتماعية الواجبة على الدولة تجاه هذه الفئة، ثم الشارع حين تلفظهم هذه المؤسسات بعد بلوغهم سن الرشد القانوني".
وأردف البوزياني، في تصريح أدلى به لهسبريس، أن "معاناة هذه الشريحة المجتمعية للأسف لا تتوقف هنا؛ إذ يواجهون صعوبات وعراقيل تعبر عن ظلم اجتماعي تذكيه ثقافة غير متصالحة بتاتا تنعتهم بأوصاف قدحية ترافقهم طيلة حياتهم وتنظر إليهم بنظرات تحقير ودونية وعدم ثقة، تؤثر فيهم أبلغ تأثير ليس فقط على المستوى النفسي بل على كل المستويات، مادام أن مثل هذه الممارسات تقف حاجزا منيعا أمام أي اندماج فعلي في كل مناحي الحياة اليومية، فيتحولون في غالبيتهم إلى متشردين مرة أخرى".
ويرى الناشط الحقوقي ذاته أن "حل قضية الأطفال المتخلى عنهم، التي تتحول إلى قضية أشخاص مشردين أو بدون مأوى أو شغل، يقتضي مقاربة شمولية تجمع بين ما تقتضي الرعاية الخاصة لهذه الفئة من توفير التربية والتعليم والصحة البدنية والنفسية والمأوى ثم الشغل والاندماج، وما تقتضي أيضا ضرورة تسييد قيم ثقافية جديدة تتأسس على المقاربة الحقوقية ومبادئ العدالة الاجتماعية بعيدا عن المقاربة الإحسانية الغالبة على منطق تعامل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني مع الحقوق الأصيلة لهذه الفئة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.