أجمع المشاركون في أشغال الدورة الثانية للملتقى الوطني لليتيم ، الذي احتضنه نهاية الاسبوع الماضي مدينة الدارالبيضاء ، تحت شعار “التخلي عن الأطفال في المغرب …مأساة وواقع” على ضرورة اعتماد اجراءات عملية للتسريع بادماج الأطفال المتخلى عنهم في محيط أسري طبيعي. فقد أكد نخبة من المتخصصين في مجال الطفل والأسرة، والفاعلين جمعويين، والاساتذة والباحثين في علوم التربية على أن الظروف المزرية التي تعاني منها الاطفال المتخلى عنهم، تقتضي تدخلا عاجلا وحاسما ،من قبل جميع الجهات المهتمة بقضايا الطفولة ، ينهي مأساة أطفال تخلت عنهم الأمهات لظروف مختلفة.
و في هذا السياق ، اعتبر رئيس الجمعية المغربية لليتيم ، ياسين بنجلون ، أن الملتقى يعتبر مناسبة حقيقية لتذكير الجهات المسؤولة بالوضعية الصعبة التي يعيشها الأطفال اليتامى والمتخلى عنهم،” بهدف الخروج بحلول عملية وفعالة للنهوض بهذه الفئة من الأطفال التي تعاني في صمت، لأن الطفل قبل أن يكون له الحق في الحياة ،فله أيضا الحق في العيش داخل الأسرة وليس داخل مؤسسات رعاية الطفولة”. ولتفعيل هذا الحق ،أكد ياسين بنجلون انه من اللازم تبني مجموعة من الإجراءات العملية،” أهمها تقديم كل الدعم للأم التي أنجبت الطفل للاحتفاظ بمولودها ،عن طريق تطبيق كل القوانين الخاصة بحقوق الطفل وإنزالها على ارض الواقع”. وفي هذا الاتجاه، طالب مدير دار الحديث الحسنية ، أحمد الخمليشي بمراجعة جزء من الخطاب الديني المتداول، والعمل على التحلي بالقيم النبيلة والأخلاق في بناء الأسر، منبها من خطورة ظاهرة الأطفال الذين يولدون بطرق غير شرعية وخارج علاقة الزواج الغير الموثق. وأكد أنه للحد من هذه المعضلة ينبغي اعتماد شكل جديد من النصوص القانونية ، التي من شأنها أن تقطع مع المشاكل السلبية التي تنخر الأسر التي تعيش أوضاعا صعبة. من جهتها ،تطرقت نادية مشتاق مديرة المركز الطبي النفسي والاجتماعي، ورئيسة جمعية أفاق للصحة النفسية، إلى وضعية النساء المريضات نفسيا اللواتي يلفظهم الشارع، ليسقطن ضحية الحمل الغير الشرعي وبعد ذلك التخلي عن الأطفال الرضع. وكإجراء للتخفيف من حدة المشكل، ذكرت مشتاق أنها كونت رفقة مجموعة من المتطوعين الجمعويين، خلية لرصد وتتبع الأطفال اليتامى المتخلى عنهم وإيوائهم داخل دار الأطفال مولاي رشيد بالدارالبيضاء، حيث يجري الاشتغال على مجموعة من الآليات لتعويض الأطفال الحرمان الأسري الذي يعانون منه. من جانبه ، توقف المحلل والمعالج النفساني محمد البغدادي، عند ثلاث محاور ، اعتبرها أساسية للتخفيف من حدة الظاهرة، يستعلق أولاها بالإيمان بقدرة المجتمع على رعاية الطفل المتخلى عنه ،ودمجه في النسيج المجتمعي والأسري ، وثانيها مواكبة العائلات الكفيلة والمستقبلة للأطفال بمساعدتها على تبني الطفل بطرق سليمة وعملية لإنجاح مسلسل الكفالة ،و ثالثها السعي إلى إدراج دروس تكوينية علمية لفائدة كل العاملين في مؤسسات الرعاية الاجتماعية وحماية الطفل.