أعلنت الرئاسة التونسية أن مندوبها لدى الأممالمتحدة، الذي أعفي من مهامه، قام "بخطأ دبلوماسي جسيم" تمثل في توزيع وثيقة ستُعتمد لبلورة مشروع قرار أممي، لإدانة الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط، بدون التشاور مع سلطات بلاده ودول عربية. وأعلنت وزارة الخارجية التونسية إعفاء مندوبها لدى الأممالمتحدة، المنصف البعتي، معلّلة قرارها بضعف الأداء وغياب التنسيق معها في مسائل وصفتها بالهامة. وتشغل الجمهورية التونسية منذ بداية شهر يناير المنقضي، ولمدة عامين، مقعدا في مجلس الأمن الدولي مُمثِّلة البلدان العربية. واعتبرت رشيدة النيفر، المستشارة لدى الرئيس التونسي والمكلفة بالإعلام والاتصال، أن ذلك "خطأ دبلوماسي جسيم"، مشيرة إلى أخطاء مهنية قام بها البعتي، "تتمثل في غياب التنسيق والتشاور أوّلا مع وزارة الخارجية، ومع بقية أعضاء المجموعة العربية التي رشحت تونس لعضوية مجلس الأمن". وكانت مصادر دبلوماسية في الأممالمتحدة قد ذكرت أنه تم وضع حد لمهام البعتي على خلفية موقفه من مشروع قرار فلسطيني يدين خطة السلام الأميركية التي أعلِن عنها مؤخرا. وأضافت النيفر، في تصريح صحافي، أن البعتي "قام بتوزيع وثيقة ستُعتمد لبلورة مشروع سيُعرض على اجتماع مجلس الأمن القادم"، مشيرة إلى أن "هذه الوثيقة لم يتم التشاور حولها مع رئاسة الجمهورية التونسية ووزارة الخارجية". وأوضحت النيفر أن "الأخطاء التي قام بها البعتي من شأنها أن تؤثر على مدى نجاح تونس في تمرير مشروع القرار الأممي القاضي بإدانة صفقة القرن ... ويُضعف حظوظ مرور هذا المشروع، ونحن نصرّ على أن يحظى هذا المشروع بأكبر تأييد ممكن حتى يستطيع أن يمرّ في مجلس الأمن". وتلقى الرئيس التونسي، قيس سعيّد، مكالمة هاتفية من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تم التطرق فيها إلى "مشروع القرار الذي ستقدمه تونس إلى مجلس الأمن، والاتفاق على أن يتم التشاور مع الدول العربية وكل الدول الداعمة لحق الشعب الفلسطيني قبل تقديمه بصفة رسمية إلى مجلس الأمن"، وفق ما أفادت الرئاسة التونسية في بيان. ونفت النيفر وجود ضغوطات من قبل الإدارة الأميركية من أجل إقالة البعتي. بينما قال مصدر إن البعتي ذهب أبعد مما أرادت السلطات التونسية في ملف الشرق الأوسط، وقدم دعما كبيرا للفلسطينيين يهدد بإفساد العلاقة بين تونس وواشنطن. واستدعت تونس مندوبها لدى الأممالمتحدة على نحو مفاجئ، إذ لم يشارك في الاجتماع الذي نظمته الولاياتالمتحدةالأمريكية بين "عرّاب خطتها للسلام جاريد كوشنر" ومجلس الأمن. وبيّنت وزارة الخارجية التونسية، في بيان، أن "قرار إعفاء المندوب الدائم يعود لاعتبارات مهنية بحتة؛ تتعلق بضعف الأداء وغياب التنسيق والتفاعل مع الوزارة في مسائل هامة مطروحة للبحث في المنتظم الأممي". ومنذ إعلان خطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط، في 28 يناير الماضي، ضاعف الرئيس الفلسطيني محمود عباس مبادراته الدبلوماسية لحشد معارضة للمشروع. وبعد تلقيه دعم جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، من المنتظر أن يشارك عباس في قمة الاتحاد الإفريقي المقررة الأحد والاثنين، قبل أن يتوجه الثلاثاء ليلقي كلمة أمام مجلس الأمن الدولي. ويسعى الفلسطينيون إلى عرض مشروع قرار أمام مجلس الأمن الدولي يدين الخطة الأميركية. وقدمت تونس وإندونيسيا مسودة قرار سيطرح للنقاش، الخميس القادم، بين الدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن، وفق ما قاله دبلوماسيون. ويعرف عن الرئيس التونسي دعمه المطلق للقضية الفلسطينية، وقد وصف في تصريحات سابقة خطة الإدارة الأميركية ب"مظلمة القرن"، وقال: "أُكرّرها، هي خيانة عظمى".