أكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أول أمس، أثناء مباحثات مع موفدين أمريكيين، أن الخلافات مازالت قائمة بين الجانبين، بشأن فرص انضمام دولة فلسطينية إلى الأممالمتحدة، كما أعلن مسؤولون فلسطينيون كبار. وقال المتحدث باسم عباس نبيل أبو ردينة في ختام محادثات جرت بين عباس وكل من ديفيد هيل الموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ودينيس روس المستشار الخاص للرئيس الأمريكي باراك أوباما: “مازالت هناك فجوة واسعة في المواقف بخصوص توجهنا إلى الأممالمتحدة”. وأضاف “نحن متمسكون ومحتفظون بحقنا بالتوجه إلى الأممالمتحدة لطلب عضوية دولة فلسطينية الكاملة”. وقال عباس في بيان بثته وكالة “وفا” الفلسطينية الرسمية، إن التوجه إلى الأممالمتحدة لا يتناقض مع العملية السلمية، بل يخرجها من المأزق الذي وصلت إليه بسبب تعنت “إسرائيل”. وجدد عباس التأكيد على أن القيادة الفلسطينية مستعدة للعودة إلى المفاوضات حال التزام “إسرائيل” بمرجعيات العملية السلمية ومبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967 ووقف الاستيطان”. من جهته، قال صائب عريقات (كبير المفاوضين الفلسطينيين) إن “اللقاء كشف بوضوح حجم الخلاف في الموقف بين الجانبين الفلسطيني و”الإسرائيلي” وأنه مازال الخلاف في المواقف قائماً بخصوص توجهنا للأمم المتحدة”. وتابع أن عباس “أوضح لهم أننا لا نرى تناقضاً بين التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة واستمرار المفاوضات، لكن إحياء المفاوضات يتطلب وقفاً شاملاً للاستيطان والقبول بمرجعية حدود 1967”. وأضاف أن “الموقف الأمريكي عبر عن رفض التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة ورأى أنه ليس خياراً وطريقاً لإقامة الدولة الفلسطينية”، موضحاً “أنهم أبلغونا أن مبعوث اللجنة الرباعية توني بلير يقوم بجهود مكثفة لإصدار بيان من الرباعية لدعوة الاطراف لاستئناف المفاوضات”. وأعلن أن لجنة المتابعة العربية ستعقد، الاثنين المقبل، في القاهرة آخر اجتماع لها قبل التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة. وأوضح أن الاجتماع سيعقد برئاسة رئيس اللجنة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، وبحضور الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، وذلك من أجل “مناقشة تفاصيل الخطة النهائية للتحرك الفلسطيني والعربي للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي”. لكنه شدد على أن قرار التوجه إلى الأممالمتحدة “اتخذ ولا رجعة عنه ولا يوجد أي خيار آخر، وقضية التوجه للأمم المتحدة لطلب عضوية دولة فلسطين الكاملة حسم أمرها وانتهى الموضوع”. وفي القاهرة أوضح مصدر دبلوماسي عربي أن “فلسطين سترأس اجتماع الدورة العادية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري يسبقه اجتماعات على مستوى المندوبين، كما ستترأس فلسطين اجتماعات المجموعة العربية في الأممالمتحدة”. وبالتزامن مع اللقاء، تظاهر عشرات الفلسطينيين وسط رام الله منددين بالموقف الأمريكي من التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة، وممارسة واشنطن “تهديدات وضغوط” على القيادة الفلسطينية لثنيها عن هذا التوجه. ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية ولافتات تطالب بوقف الانحياز الأمريكي لمصلحة “إسرائيل” ودعم الحقوق الفلسطينية. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد دعت محمود عباس إلى الاستماع ل»الرسالة الأمريكية» أثناء استقباله المبعوث الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل لتفادي أي سيناريو سلبي أواخر الشهر الجاري، موعد طلب الاعتراف الكامل من الأممالمتحدة بالدولة الفلسطينية. وكشفت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند في مؤتمر صحفي، أول أمس، أن كلينتون تحدثت هاتفيا مع عباس وحثته على استقبال المبعوث الأمريكي ديفيد هيل والاستماع إلى ما لديه بأذن صاغية. وأضافت المتحدثة الأمريكية أن كلينتون حثت محمود عباس أيضا على الاستمرار في العمل الجدي لتفادي «أي سيناريو سلبي» في نيويورك نهاية شتنبر، مشيرة إلى أن الأمريكيين لديهم «محادثة حقيقية بشأن الخيارات لجلب الأطراف المعنية إلى طاولة المفاوضات». وأكدت أن نتيجة الاتصال الهاتفي كانت جيدة وأن الهدف منها هو تحديد طاولة للمحادثات التي ستجرى في المنطقة، معتبرة أن استقبال رئيس السلطة الفلسطينية للفريق الأمريكي والاستماع إلى ما لديه، هو الحد الأقصى الذي تريد الولاياتالمتحدة الوصول إليه. ويأتي هذا التحرك الأمريكي في الوقت الذي أكد فيه صائب عريقات أن الخطوات العملية للتوجه إلى الأممالمتحدة للاعتراف بدولة فلسطين وطلب العضوية الكاملة لها بدأت وستتم مناقشة المسألة الشهر الجاري. وقال صائب عريقات في وقت سابق إن الفلسطينيين يسعون لضمان دعم أكثر من 150 دولة من أعضاء الأممالمتحدة ال192. وفي السياق، أكدت الصين، أول أمس، دعمها لطلب انضمام دولة فلسطين إلى الأممالمتحدة، معتبرة أن ذلك «حق مشروع ثابت» للفلسطينيين وأن ذلك سيشكل عامل سلام في المنطقة. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية جيانغ يو «إننا نعي ونحترم وندعم المشروع الفلسطيني لطرح هذه المسألة على الأممالمتحدة». وتعترض «إسرائيل» على الخطوة الفلسطينية وكذلك حليفتها الولاياتالمتحدة التي هددت باستخدام حق النقض في مجلس الأمن الدولي لرفض عضوية الدولة الفلسطينية، بحجة أنه لا يمكن تحقيق هذا المطلب الفلسطيني إلا من خلال المفاوضات مع الصهاينة.