كثيرا ما يشتكي المرء من ضيق الوقت لممارسة الرياضة؛ نظرا لازدحام الجدول اليومي بأعباء العمل والحياة والأسرة، وهنا ظهر الاتجاه HIIT الجديد في ممارسة الرياضة؛ حيث يمكن لهواة الرياضة الحصول على قوام ممشوق ولياقة بدنية جيدة في غضون دقائق معدودة كأنهم حصلوا على دورة تدريبية كاملة. ويشير الاختصار HIIT إلى التمارين المتقطعة عالية الكثافة (High Intensity Interval Training)، وفي هذا الاتجاه يتم استبدال التحميل المعتدل والثابت لأشكال التدريب الأخرى، بأحمال قصيرة وخاطفة؛ حيث يمكن استبدال جولات الركض الطويلة بالكثير من القفزات القصيرة تتخللها مراحل راحة يتم أداء التمارين فيها بسرعة أبطأ. وأوضح البروفيسور كريستوف إيفلر أن الاتجاه HIIT يعول على التمارين المتقطعة ويدفعها إلى الحدود القصوى؛ نظرا لأنه لم يعد هناك ما يسمى بفترات الراحة المفيدة في الاتجاه HIIT. وأضاف رئيس قسم التدريب وعلوم الحركة بالجامعة الألمانية للوقاية والإدارة الصحية بمدينة ساربروكن، أنه في فترات الراحة المفيدة ينتظر المرء إلى أن ينخفض نبض التحميل بعد الفترة الفاصلة، ولكن الأمر يختلف مع الاتجاه HIIT؛ حيث يتم هنا تحديد طول الفترة الفاصلة ويتم مواصلة التمرين بعد 60 ثانية مرة أخرى كحد أقصى، بغض النظر عن سرعة ضربات القلب. وأشار البروفيسور كريستوف إيفلر إلى أن هذا الإجراء يجعل الاتجاه HIIT مكثفا للغاية، حتى إذا لم يتمكن المرء من تمييز التمرين بوضوح عن التمارين المتقطعة التقليدية أثناء الممارسة العملية. وأضاف الخبير الألماني قائلا: "في النهاية الفرق ليس كبيرا، ولكن مصطلح HIIT انتشر حاليا للتسويق لهذا الاتجاه الجديد في اللياقة البدنية". وأوضح ألكسندر فولف، من الرابطة الألمانية لصالات اللياقة البدنية والصحية قائلا: "منذ عام 2018 أصبح الاتجاه HIIT من الاتجاهات الكبيرة بالفعل، وأصبح جزءا أساسيا وثابتا في أنظمة اللياقة البدنية". تدريب وليس رياضة ومن الأمور المهمة معرفة أن اتجاه HIIT يعتبر شكلا من أشكال التدريب وليس رياضة، ويمكن تطبيق المبدأ الأساسي له على دراجة الجهد أو جهاز الجري أو دورات اللياقة البدنية الجماعية التقليدية بدءا من البيلاتس وحتى التمارين الهوائية. وأضاف ألكسندر فولف أن الاهتمام المتزايد بالاتجاه HIIT يرجع إلى التوفير الكبير في الوقت، مع الحصول على نفس تأثير التدريب على الأقل، وبالتالي فإن الاتجاه HIIT يصبح جذابا للموظفين والمجموعة المستهدفة، التي يتراوح عمرها من 20 إلى 35 عاما. وحول حجم التوفير في الوقت أوضح ألكسندر فولف أن الفترة الفاصلة المفردة تستغرق من 15 إلى 60 ثانية، ويكتمل التدريب بعد حوالي 20 دقيقة، ولا يجوز أن تزيد مدة التدريب عن هذا الحد لأسباب صحية، وأكد الخبير الألماني على ذلك قائلا: "من الأمور المهمة للغاية ألا يستمر التدريب بهذه الكثافة العالية لفترة طويلة"، علاوة على أنه ليس جيدا في كثير من الأحيان، ويبلغ الحد الأقصى حصتين أو ثلاث حصص تدريبية في الأسبوع. وللإجابة على الاستفسار حول ما إذا كان القليل من التدريبات يؤدي إلى ظهور نتائج، أشار البروفيسور أندرياس نيس بالإيجاب، وأكد أن السؤال الأهم عند تقييم الاتجاه HIIT، هو ما يرغب المرء في الوصول إليه، وأضاف مدير قسم الطب الرياضي بمستشفى توبنجن الجامعي أن السؤال الوحيد هو ما إذا كان الاتجاه HIIT أفضل من تمارين قوة التحمل المستمرة التقليدية. وعندما يتعلق الأمر باللياقة البدنية فقط، والتي يتم قياسها من خلال تشبع الأكسجين في الدم، فإن الاتجاه HIIT يتفوق على تمارين قوة التحمل المستمرة؛ حيث أوضحت الدراسات ذلك بوضوح، ولكن الأمر يصبح أكثر صعوبة مع الفوائد العلاجية، أي مع تنظيم معدل ضربات القلب أثناء فترة الراحة أو ضغط الدم أو حتى عند إنقاص الوزن، وفي بعض الحالات تظهر الطريقة المستمرة أكثر فاعلية. وإذا رغب المرء في ممارسة التمارين المتقطعة عالية الكثافة، فيمكنه القيام بها، أما إذا لم يرغب في ذلك فيمكنه الركض بأريحية في الأماكن المفتوحة، وأضاف البروفيسور أندرياس نيس قائلا: "من الناحية العملية ومن وجهة نظر الطب الرياضي لا يجب التركيز على نوعية معينة من التدريبات، ولكن من الأفضل الجمع بين الشكلين معا أثناء التدريب". فحص طبي ومع ذلك هناك ثمة قيد على ممارسة التمارين المتقطعة عالية الكثافة، والذي يتمثل في المخاطر الصحية، وعلى الرغم من أن الاتجاه HIIT ليس أكثر خطورة على الصحة من أشكال التمارين الأخرى بالنسبة للأشخاص الأصحاء على الأقل، ولكن يجب على هواة الرياضة، الذين يعانون من أمراض سابقة، إجراء فحص طبيعي قبل ممارسة التمارين، وهو ما يسري بصفة خاصة عند ممارسة التمارين المتقطعة عالية الكثافة. وينصح كريستوف إيفلر المبتدئين بتوخي الحذر بشكل خاص، معللا ذلك بأن التمارين المتقطعة عالية الكثافة تعتبر مجرد اتجاه في الرياضة، ولكن يكمن دائما خطر انتقال مبادئ الرياضات التنافسية إلى الرياضة الترفيهية دون تفكير، ويعتبر هذا الأمر مرهقا جسديا ونفسيا للغاية. وأضاف الخبير الألماني أن تمارين قوة التحمل التقليدية تعتبر أكثر ملاءمة للمبتدئين، ومن الأفضل بعد ذلك أن يتم دمج التمارين المتقطعة عالية الكثافة في خطة التدريب على المدى الطويل، وبعد بضعة أشهر يتم إضافة بعض سباقات السرعة إلى مسار الركض، دون التحويل إلى الاتجاه HIIT تماما. *د.ب.أ