اختارت أن تشق طريقها بنفسها، متحدية الصعاب ونظرة المجتمع الذكوري..لم تبق مكتوفة الأيدي تنتظر "غودو" الذي قد لا يأتي، وعملا ينقذها من حالة البطالة التي تعيشها ويعيشها عدد من الشباب المغاربة. طالما شكلت الدراجة ثلاثية العجلات رعبا على الطرقات، لكن هذه الشابة استطاعت أن "تروض" هذه الدراجة وتجعلها وسيلة تدر من خلالها دخلا يوميا وكلها طموح أن تصير صاحبة مشروع كبير تشغل معها شبابا عاطلين. من البيضاء إلى المحمدية فتحت عينيها بمدينة الدارالبيضاء، وبالضبط بمنطقة عين السبع.. هناك ترعرعت وتابعت دراستها إلى حدود الباكالوريا، وشكلت وفاة والدها نقطة تحول في حياتها، بعدما وجدت نفسها رفقة أسرتها الصغيرة مضطرة للتنقل صوب مدينة المحمدية للاستقرار بها. كابدت لمياء علوسي، ذات العشرين عاما، ظروف الحياة، ولَم توقف مسارها الدراسي، إذ قررت مواصلة تعليمها والحصول على شهادة تخولها ولوج سوق الشغل ومساعدة نفسها وأسرتها في تجاوز صعاب الحياة اليومية. اختارت هذه الشابة ولوج التكوين المهني على مستوى مدينة بوزنيقة..هناك ستقضي سنتين من التكوين والتحصيل عسى أن يمكنها من الحصول على فرصة شغل بعد الظفر بشهادة من المؤسسة. بعد قضاء دورات تدريبية، والحصول على شهادة التكوين، بدأت لمياء تبحث لنفسها عن فرصة شغل، لتتمكن من الظفر بواحدة لدى إحدى الشركات المختصة في النظافة.. هناك ستقضي فترة زمنية، لكنها ستغادرها نحو أفق جديد. تحدي البدايات قبل أشهر، بدأت هذه الشابة تفكر في مورد رزق لها، وكيف تساعد نفسها وأسرتها على العيش، ولأن شغفها كان مرتبطا بالنظافة، فكرت في مشروع متنقل لغسل السيارات على مستوى مدينة المحمدية. كانت الفكرة غريبة نوعا ما بالنسبة لأسرتها التي لم تتقبلها ولَم تستوعبها، لكن لمياء عملت على إقناعها بجدواها. شرعت هذه الشابة في التحضير لولوج هذه المهنة الجديدة وهي المرتبطة بالذكور، خصوصا أن سياقة دراجة ثلاثية ليست بالأمر السهل. تروي هذه الشابة أنها بدأت منذ مدة طويلة في التحضير لهذا المشروع، عبر العمل على اقتناء دراجة ثلاثية، والشروع في اقتناء باقي التجهيزات الخاصة بغسل وتنظيف السيارات، ولَم يتبق لها سوى البدء والخروج إلى العلن. كانت البداية صعبة، تقول هذه الشابة، خصوصا أن المجال عرف بتولي الذكور قيادة هذه الدراجات الثلاثية والقيام بتنظيف وغسل السيارات بمدينة المحمدية ومدن أخرى؛ لكنها لم تتوان في المغامرة في مشروعها وهي على يقين بأنها ستتكلل بالنجاح. حلم شركة تنظيف السيارات "بدأت العمل منذ ما يزيد عن شهر، والحمد لله الأمور تسير على أحسن ما يرام"، تقول لمياء ذات ال23 ربيعا، مضيفة أنها لم تواجه عراقيل إلى حدود اليوم من لدن الشباب الذين يمارسون هذه المهنة، الذين يتنقلون صوب الزبناء بواسطة دراجات ثلاثية العجلات. وتتحدث هذه الفتاة، في حديثها لجريدة هسبريس الإلكترونية، عن كون بعض الزملاء في المهنة يساعدونها لتجاوز الصعوبات التي تعترض طريقها، لافتة إلى كون الزبناء ذكورا وإناثا يعاملونها بشكل جيد. وتؤكد صاحبة "تريبورتور" لغسل وتنظيف السيارات أن وصفتها في النجاح في هذه المهنة تتمثل في تقديم خدمة جيدة لفائدة الزبناء، إلى جانب حسن المعاملة معهم، وهو الأمر الذي يمكنها من جني دخل جيد، وفق تعبيرها. لا تريد هذه الشابة أن يتوقف مشروعها على هذه الدراجة ثلاثية العجلات، بل تسعى حتى ولو صارت زوجة وأما إلى أن تتحول إلى صاحبة مشروع كبير تتوفر من خلاله على سلسلة من الدراجات ويشتغل تحت إمرتها عدد من الشباب توفر لهم فرصة شغل.