دوار الحاج إدريس، أو حي الحاج إدريس، كما يحلو لقاطنيه تسميته، من بين أحياء مدينة فاس التي يرفض سائقو سيارات الأجرة إيصالك إليها؛ لأنهم ما زالوا يعتبرونه تجمعا بشريا خارج المجال الحضري لفاس، رغم أنه ضم إلى هذا المجال من الجماعة القروية سبع رواضي، بشكل رسمي، منذ سنة 2004. هذه فقط صورة عن هذا الحي الكائن بمنطقة واد فاس الذي بقي طيلة سنوات يعيش التهميش والنسيان من طرف السياسيين، كما يقول سكانه الذين يعتبرون أنفسهم مجرد رقم في المعادلة الانتخابية، ولا يصبحون محط اهتمام إلا خلال الحملات الانتخابية، حيث يزورهم الجميع ويمطرونهم بالوعود المعسولة. دوار الحاج إدريس، الذي كان يوجد على خط التماس بين فاس وجماعة سبع رواضي، عرف خلال الفترة الانتقالية من المجال القروي إلى المجال الحضري، بحسب ما أكدته مصادر هسبريس، طفرة غير مسبوقة في البناء العشوائي، حيث ظهرت في تلك المرحلة الكثير من البنايات السكنية الجديدة بطابقين أو أكثر، بعد أن كانت المنازل، في مجملها، مجرد دور صفيحية. "بعد إدخال الدوار إلى المجال الحضري لمدينة فاس، بادرنا إلى تأسيس ودادية سكنية، وبدأنا في المطالبة بتمكيننا من التجهيزات والمرافق الأساسية، حيث لم يكن هناك لا كهرباء ولا ماء ولا أي شيء آخر، لكن السلطات أعطت آنذاك تعليماتها بعدم تسليمنا رخص الربط بشبكة الماء والكهرباء والصرف الصحي بدعوى أن البناء في الحي غير مرخص له"، يتذكر حميد الورداني الإسماعيلي، الرئيس السابق لودادية دوار الحاج إدريس. المتحدث لهسبريس أردف قائلا: "مع الإعلان عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005، وصدور التعليمات الملكية بإعطاء الأولوية في برامجها للأحياء المهمشة وناقصة التجهيز، بادرت وداديتنا إلى عقد اتفاقية إطار مع البلدية والعمالة، استفاد من خلالها السكان من رخص ربط منازلهم بشبكة الماء والكهرباء وقنوات الصرف الصحي، قبل وقف منح هذه الترخيصات مرة أخرى إلى الآن". وإذا كانت مشاريع "المبادرة" قد مكنت سكان دوار الحاج إدريس من تلك التجهيزات الضرورية، فإن التوسع العمراني به سرعان ما أبان عن الخلل الذي شاب إنجاز تلك المشاريع، حيث لم تعد المياه الصالحة للشرب تصل إلى المنازل الكائنة بالبقع المرتفعة وبالطوابق العلوية، بينما أضحى توتر الكهرباء يعتريه الضعف بسبب غياب محول خاص بالحي، انطفأت معه مصابيح الإنارة العمومية، ناهيك عن تلاشي قنوات الصرف الصحي التي أصبحت تنبعث منها الروائح الكريهة هنا وهناك. سكان دوار الحاج إدريس أكدوا لهسبريس أن عددا كبيرا منهم يضطر للتزود بالماء والكهرباء من جيرانهم أو بالاعتماد على الوسائل التقليدية في تلبية حاجياتهم من هاتين المادتين الحيويتين، موردين أنه رغم خوضهم وقفات ومسيرات احتجاجية عدة من أجل إنصافهم، إلا أن ذلك كان بدون جدوى. البحث عن الماء وافتقار عدد من المنازل إلى الكهرباء ليسا الوحيدين من مظاهر البداوة التي ما زالت مخيمة على دوار الحاج إدريس الذي يضم أزيد من 150 منزلا، جلها بأكثر من طابق واحد، حيث ما زالت تربية المواشي، وزراعة بعض الاستغلاليات الفلاحية الصغيرة، وتسييج المباني بالتين الشوكي، تخدش المشهد الحضري بهذا الحي الذي يجاور عددا من الأحياء الراقية بمنطقة واد فاس التابعة لمقاطعة المرينيين. "الساكنة تعاني، إضافة إلى ضعف التجهيزات الأساسية، من وقف عملية بيع العقارات، والحصول على الوثائق الخاصة بتملكها"، يقول حميد الورداني، أحد مؤسسي ودادية حي الحاج إدريس، مشيرا في حديثه لهسبريس إلى أن التهميش يشمل أيضا قطاع النظافة، حيث تنتشر الأزبال في كل مكان، وذلك بسبب غياب الحاويات، وعدم جمع النفايات من طرف الشاحنات المخصصة لذلك بانتظام. في غضون ذلك، نقلت هسبريس معاناة ساكنة دوار الحاج إدريس إلى رئيس مقاطعة المرينيين، عز الدين الشيخ، الذي أقر بوجود مشاكل وتعثرات تتعلق بإدماج هذا الحي في النسيج الحضري لمدينة فاس، مبرزا أن مقاطعته بصدد التواصل مع الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بفاس (لاراديف) من أجل إيجاد حل لما يعانيه دوار الحاج إدريس من خصاص على مستوى التزود بالماء والكهرباء والصرف الصحي. رئيس مقاطعة المرينيين أكد أن مقاطعته راسلت ولاية فاس-مكناس من أجل إحاطتها باحتياجات هذا الحي، موضحا أن اختصاصات المقاطعة تنحصر في الإصلاحات، أما إنجاز مشاريع البنية التحتية بالنسبة للأحياء التي يتم ضمها للمجال الحضري فيبقى من اختصاص مؤسسة العمران و"لارديف"، فيما برامج التأهيل تتكفل بها الجماعة الحضرية لفاس.