يعد محمّد السوسدي، الذي لبى داعي ربه صباح الثلاثاء 17 يناير الجاري بالدار البيضاء، عن سن 60 عاما، واحدا من أبرز الفنانين الذين أنجبتهم ظاهرة المجموعات الغنائية مع عقد السبعينيات من القرن الماضي، وخاصة ضمن مجموعة "لمشاهب". وبرحيل هذا الفنان تكون هذه المجموعة فقدت أحد أعمدتها الذي ساهم بقسط وافر في بناء مجدها وشهرتها اللذين تجاوزا حدود الوطن. فقد غنى السوسدي، إلى جانب رفاقه في "لمشاهب"، عن تيمات عدة تتعلق بالحب والحياة والتسامح والسلام، وتعتبر أغنية "واحيدوس" من أبرز أغانيه. ولد الراحل محمد السوسدي سنة 1952، الذي خلف خمسة أبناء، بحي كاسطور بالحي المحمدي بالدار البيضاء، ومارس، منذ طفولته، التمثيل مع مسرح "الخلود" بالحي المحمدي، قبل أن ينضم إلى مجموعة حسن السوداني، إذ كان يؤدي مقاطع من الأغاني الهندية التي كان يتقنها، بين المشاهد المسرحية. في سنة 1969، حصل السوسدي على جائزة أحسن صوت، بعدما أدى أغنية" دوستي" بالهندية، في برنامج المسابقات التلفزيوني "الوقت الثالث". والتحق بعد ذلك بمسرح الطيب الصديقي وشارك معه في العديد من الأعمال المسرحية، إلى غاية سنة 1972. وفي هذه السنة دخل السوسدي عالم المجموعات الغنائية (ناس الغيوان، وجيل جيلالة) مع المجموعة التي أطلق عليها اسم "أهل الجودة"، وكانت تضم، بالإضافة إلى مؤسسها مبارك الشادلي، عبد الرحيم معلمي، وصلاح نور، وسعيد سعد، والصوت النسوي حليمة. وستبقى سنة 1974 المحطة الأبرز في المشوار الفني للراحل، الذي التحق خلالها بمجموعة "لمشاهب"، حيث أتحف، منذ هذا التاريخ، الجمهور المغربي بالعديد من الأغاني الجيدة والهادفة، والتي تطرقت لمواضيع اجتماعية ووطنية وعربية نذكر منها، أغنية "فلسطين" و"الغادي بعيد" و"الليل" و"طبايع الناس" و"بغيت بلادي" و"داويني" وغيرها... وظل صوت السوسدي متميزا حيث أحرز من خلال مشاركة فردية بموسكو على جائزة أحسن صوت في إحدى المسابقات الفنية، التي شارك فيها فنانون عالميون، حيث أدى أغنية "حمودة"،. وفي شهادة لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال الفنان أحمد الروداني، عضو مجموعة تكادة، والدموع من لوعة الفراق تبح صوته، إن الراحل محمد السوسدي كان، بحق، فنانا كبيرا ومبدعا فذا في مجال أغنية المجموعات، كلمة ولحنا وأداء، وكان حضوره متميزا في المشهد الفني الوطني، ولاسيما في إطار ظاهرة المجموعات الغنائية. واعتبر الفنان الروداني أنه برحيل الفنان السوسدي تذوي ورقة أخرى من شجرة الإبداع الموسيقي الوطني، وينضاف إلى فنانين آخرين فقدتهم، مؤخرا، الساحة الفنية. وبنفس لواعج الألم والحزن، أكد محمد البختي الرئيس المؤسس لمجموعة "لمشاهب"، ومحمد حمادي عضو المجموعة منذ سنة 1975، أن الراحل كان عنصرا هاما وركيزة أساسية في مجموعة "لمشاهب"، فبالإضافة إلى الألحان التي قام بوضعها، كان يكتب مع لمراني مولاي الشريف لوسي ومحمد باطمة والشاذلي امبارك كلمات الأغاني التي أدتها المجموعة، مشيدين بخصاله الإنسانية، رجلا طيبا وفنانا ملهما وملحنا متميزا. ومن المؤكد أن صورة هذا الفنان ستظل موشومة في الذاكرة المغربية ومرصعة السجل الفني الوطني.