اتصالات المغرب توقع شراكة استراتيجية مع شركة "زوهو" لتقديم حلول رقمية متطورة للشركات المغربية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة.. أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، مشتل لمواهب تسطع في سماء الكرة القارية والدولية    مراكش..توقيف سائق سيارة أجرة ومرافقه للاشتباه في تورطهما في قضية تتعلق بحيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    ماكرون يزور الجناح المغربي بمعرض الكتاب بباريس ويشيد بالصداقة المغربية الفرنسية    الذهب يرتفع ويسجل مستوى قياسيا جديدا    السياحة.. المغرب يسجل أرقاما قياسية خلال الربع الأول من سنة 2025    المغرب يدعو إلى تضافر الجهود الدولية لضمان سلامة الأجواء في مناطق النزاع    الصين ترد على تصعيد واشنطن التجاري بورقة بيضاء: دعوة للحوار والتعددية بدلًا من المواجهة    المغرب: تساقطات مطرية قوية من الجمعة إلى الأحد وهبات رياح قوية مع تطاير للغبار بعدد من الأقاليم    "الديربي البيضاوي" يفتتح "دونور" وسط مقاطعة مرتقبة من أنصار الوداد والرجاء !    ليفربول يعلن تجديد عقد نجمه المصري محمد صلاح لموسمين إضافيين    هزيمة الفتح أمام ريفرز هوبرز النيجيري في دوري الBAL تُعقّد مهمته في التأهل    ملتقى الضفتين بمدريد يختتم فعالياته بتوصيات قوية أبرزها تنظيم النسخة الثالثة بالمغرب والانفتاح على الصحافة البرتغالية    تفكيك لغز العثور على جثة شابة بسد اسمير بين المضيق والفنيدق وتوقيف 5 أشخاص للاشتباه في تورطهم    الناصري يعد المحكمة بتقديم تفاصيل جديدة "قد تغير مسار" ملف "إسكوبار الصحراء"    خلاف بسيط يتحوّل إلى جري..مة ق..ت..ل تهزّ مدينة طنجة    طنجة.. القطب الحضري والاقتصادي الثاني في المغرب، بدون جامعة!        حادثة سير مروعة بالقصر الصغير تودي بحياة سائق شاحنة (فيديو)    رئيس مجلس المستشارين: مستعدون لجعل دورة أبريل منعطفًا نوعيًا في العمل التشريعي والرقابي والدبلوماسي        بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    ندوة بالقصر الكبير تحتفي بذكرى زيارة الملك محمد الخامس لطنجة    حزب الاستقلال يدعو إلى تقوية الشفافية في المعاملات التجارية وملاءمة قانون حرية الاسعار وحماية المستهلك    تفاصيل الاجتماع بين النقابات ووزارة الصحة لتنفيذ "اتفاق يوليوز" الموقع مع الحكومة    الصين تقول إنها سترفع الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية إلى 125%    بطولة إسبانيا.. أنشيلوتي وريال مدريد تحت المجهر وبرشلونة للابتعاد    إجراء قرعة جديدة لكأس أمم أفريقيا للشباب بعد التحاق تونس    في غياب الجماهير .. من يحسم صراع الدفاع وشباب المحمدية؟    اتهامات للمؤثرة الشهيرة "ميس راشيل" بتلقي أموال للترويج لحماس    الاحتكار آفة الأشْرار !    ظروف مادية تُؤجل الدورة الثلاثين من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    الذهب يسجل مستوى قياسياً مع تزايد الإقبال على الملاذات الآمنة    المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية يدين جرائم الجيش الجزائري بمخيمات تندوف ويدعو لتصنيف "البوليساريو" كمنظمة إرهابية    نجاة الرجوي: "مشاركتي في حفل تكريم عبد الوهاب الدكالي شرف كبير"    أسعار النفط تتراجع بشكل حاد مع تأثر السوق بالحرب التجارية    الخارجية الأمريكية تبلغ دي ميستورا بأنه لا حل لنزاع الصحراء خارج السيادة المغربية    توقعات أحوال الطقس ليوم الجمعة    مصرع ستة أشخاص بينهم أطفال بسقوط مروحية في أمريكا    وفاة مدرب ريال مدريد السابق الهولندي ليو بينهاكر عن عمر 82 عاما    بنسعيد يدشن جناح المغرب ضيف شرف مهرجان باريس للكتاب 2025    جامعيون ومسؤولون سابقون يرصدون صعوبات الترجمة بأكاديمية المملكة    عراقجي في الجزائر .. هل تُخطط إيران للهيمنة على شمال إفريقيا عبر قصر المرادية ؟    فضيحة للوزير السكوري.. خبير سيبراني حذّر من ثغرة خطيرة بموقع وزارة التشغيل قبل "تسريبات جبروت" بخمسة أيام        10 حقائق عن استيراد الأبقار والأغنام وتداعياتها السياسية والمالية والاجتماعية!    أكثر من نصف الأمريكيين ينظرون سلبيا لإسرائيل.. استطلاع جديد يكشف تداعيات حرب غزة        السلطات الصحية بجنوب إسبانيا تتأهب لمواجهة "بوحمرون" القادم من شمال المغرب    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن أن توعد تيودور روزفلت أحمد الريسوني (تتمة)
نشر في هسبريس يوم 03 - 01 - 2020

سرد تاريخي في قالب قصصي؛ تعود وقائعه إلى بداية القرن العشرين، حيث شهد المغرب؛ على مدى عقود؛ أطماعا سياسية توسعية، وحركات ثورية متمردة وسمت بعهد السيبة، زادت من ضعف تماسك وحدته، وسرّعت من إفلاسه الاقتصادي، من أبرز وجوه هذه الثورات يأتي أحمد الريسوني على رأسها بمناطق واسعة في الشمال، وبوحمارة في الوسط، ومحمد عبد الكريم الخطابي لاحقا بمطقة الريف.
ولعل أكبر تدخل أجنبي جاء من الرئيس الأمريكي روزفلت يوم أن قابل تحدي الريسوني بتحد أكبر منه.
في صحبة الريسوني ورجاله
كانت الرهينة بيرديكاريس Perdicaris لا تفارق الريسوني في حله وترحاله، وكثيرا ما كان يدنيه من مقامه ويشاركه في وجبات الكسكس، وافتراش جلود الماشية خلال ظعنه وإقامته بالخيام، حتى إن (ضيفه)، وللحميمية التي بدأ يستشعرها تجاهه، غير نظرته إليه من بربري قاطع طريق إلى ثائر ينشد بسط السلام والنفوذ على القبائل والبلدات المتمردة.
ذات ليلة، بعد فراغ الريسوني من أداء شعائره التعبدية، ناداه بيرديكاريس برقة وعذوبة:
"... سيدي أحمد، لي جولات في المغرب لا تحصى... من خلالها اقتربت إلى المغاربة؛ تعرفت على عاداتهم وتقاليدهم ومناسباتهم.. فهل تأذن لي باصطحابك في حملاتك؟ ..".
الريسوني مستدركا: "... لا أريد أن يتغير رأيك في ثانية، إذا ما عاينت مشاهد حراكنا، لكن سنسمح لك بمرافقتنا في الغد، فعليك بالتصلب والجلد..".
ولما كان الفجر، أخذوه بينهم على متن فرس في اتجاه قبيلة؛ بلغ الريسوني عصيانها وتمردها على أوامره.
بدت من بعيد وفي ضوء غبش الصباح؛ أدخنة تعلو مباني وخياما متناثرة، بينما كان ثغاء الماعز والشياه يملأ الفضاء استعدادا لقصد مراعيها. كان المنظر مهيبا حينما شعر سكانها فجأة بأصوات الغوغاء وعواء "السّيافة"، وهو تقليد ألفه الريسوني في حملاته وغاراته.. ولما أبصر بعض الأهالي زوبعة الغبار تتطاير في الأفق خروا إلى الأرض منبطحين؛ إشارة منهم إلى الإذعان والطاعة والولاء، وحماية لرقابهم من أن تطالها سيوف الريسوني وقواته.
نصبوا له خيمة بالقرب من جبّ... هناك وبعد أن فرغ من أداء صلاته هب واقفا ملتفتا إلى حامل السيف "السيّاف" وزمجر غاضبا:
"... أين هم الخونة الذين عصوا أوامري ...؟"
كان رجاله قد أخلوا الديار وأضرموا النار في بعض خيامها، وأسروا رهطا من سكانها على مرأى ومسمع الملأ بمن فيهم أبناؤهم ونساؤهم.. وقذفوا بهم أمام الريسوني ليستل سيفه ويهوي على رقابهم الواحدة بعد الأخرى.... كان منظرا فظيعا لم تتمالك أنظار بيرديكاريس عن مشاهدته، فدفن وجهه بين كفيه وأحس بالغثيان، وهو لم يصدق بعد هول ما يراه من الريسوني!!.. دنا منه هذا الأخير وصرخ قائلا:
".. أنا لم آت بفعل شنيع! هؤلاء متمردون... منهم من اغتصب مراع ليست له، ومنهم من صادر سواقي مياه تصب في أراض..".
تيودور روزفلت والريسوني (لي)
كان روزفلت محاطا بمساعديه في رحلة استجمام، وإعادة خلط أوراقه بمناسبة ترشحه للمرة الرابعة (1945 1933 ) رئيسا 32 للولايات المتحدة الأمريكية، وبلغه أن الميلياردير الأمريكي إيون هانفورد بيرديكاريس Ion Hanford Perdicaris من أصل يوناني، سقط رهينة بيد أحد "الثوار المغاربة"، وأن السلطات المغربية ما زالت تفاوضه من أجل إطلاق سراحه؛ فكتب كتابا عهد به إلى وزير خارجيته John Hay؛ يشدد فيه على إطلاق سراح الرهينة، وألح في طلبه بعبارته Westernian الويستيرنية النارية:
Perdicaris alive or Raisuli dead "إما بيرديكاريس حيا أو الريسوني ميتا!" ؛
فكان لهذا التحدي أثره الكبير في فوزه الساحق في الانتخابات الأمريكية التي جرت سنة 1904.
ولما علم بأن هناك تلكؤا ما من قبل السلطات المغربية بشأن تلبية شروط الريسوني بإطلاق سراح الأسير الأمريكي، بعث بأربع سفن حربية باتجاه السواحل المغربية، وبموازاة مع هذا التهديد العسكري؛ حملت أمريكا كلا من بريطانيا وفرنسا للضغط على السلطان المغربي للقبول بمطالب الريسوني، ودارت مناوشات عسكرية بين وحدات من رجال المارينز وقوات عسكرية مغربية عند مدخل إقامة السلطان بالمغرب، ليرضخ هذا الأخير، أخيرا إلى شروط الريسوني، وأفرج حينها على بيرديكاريس مع تسلم الريسوني لفدية ببضعة آلاف قطعة ذهبية، وتعيينه باشا على مناطق جبالة!
الريسوني باشا...
في أعقاب إطلاق سراح الرهينة بيرديكاريس، والقبول بالريسوني باشا على أجزاء من منطقة الريف، علاوة على الفدية المالية السمينة، أصبح الريسوني أكثر ثراء، لكن لم يمكث طويلا في منصبه، حتى اتجهت إليه أنظار المخزن من جديد كعدو لدود، لاسيما بعد إقدامه على إطلاق سراح كل سجناء المنطقة من أتباعه والموالين له، وامتناعه عن أداء الخراج لبيت المال، فضلا عن مصادرته لممتلكات العديد ممن كانوا بالأمس مناوئين له، وهكذا تم طرده من منصبه عام 1906، وبعد فصله بوقت قصير أقدم على اختطاف السير هاري Sir Hary الضابط في الجيش البريطاني؛ كان يعمل مساعدا عسكريا لجيش السلطان، وطلب فدية بمبلغ 20 ألف جنيه إسترليني وهو ما يعادل حاليا أكثر من 2 مليون جنيه، هكذا استمر لسنوات في معاداة الحكومة المغربية حتى تنازل المولى عبد العزيز عن العرش، لكن لم يلبث أن استعاد مركزه بانحيازه إلى المولى عبد الحفيظ الذي أطاح بالمولى عبد العزيز، وعلى إثره عادت إليه باشوية طنجة من جديد، إلا أن الحكومة الإسبانية ستزيحه عن منصبه نهائيا سنة 1912.
الريسوني ومعركة الفنيدق
أمضى الريسوني بضعة أشهر في التخطيط لمعركة فاصلة بمعبر الفنيدق؛ حشد لها العديد من رجال القبائل الريفية في ثورة دامية ضد وجود المحتل الإسباني، استمرت لثماني سنوات بين كر وفر، بين غارات ومناوشات، لكن أخيرا مع مستهل أكتوبر 1919 تقهقر رجاله أمام الوحدات العسكرية الإسبانية بقيادة مانويل فيرنانديز سيلفيستري Manuel Fernàndez Silvester ، وخلال الحرب العالمية الأولى كان الريسوني على اتصال بعملاء الحكومة الألمانية لقيادة تمرد قبلي ضد فرنسا، وردا على هذه الشائعات، شنت القوات الفرنسية حملة عقابية داخل (المغرب الإسباني)؛ أسفرت عن مقتل العديد من رجال الريسوني، لكن السلطات الفرنسية فشلت في القبض عليه ، لفراره إلى أصقاع جبالة والحسيمة.
نهاية الريسوني
صبيحة يوم غائم من أكتوبر 1925؛ كانت سحب داكنة تجثم على مرتفعات الريف اجبالة؛ حيث تقع إقامة الريسوني الحصينة، حلت فرقة عسكرية مختلطة من الجنود المغاربة في مقدمتهم رجال المقاومة السرية التي كانت موالية لعبد الكريم الخطابي، فانتشرت في تلك الأصقاع؛ ترصد تحركات حراس الإقامة وتعاين المقربين من الريسوني؛ كانوا يذهبون جيئة وإيابا في بهو فسيح كان معدا لفرز غنائم الغارات والحملات العسكرية.
في جنح الليل تسلل رجال من أعين المخزن "البركاكا" إلى مربط للخيول لفك رباطها، وحثها على الهرب... وما إن أخذ الحراس يهرعون حتى انقضوا عليهم والتحموا بهم، دار الاقتتال في ما بينهم زهاء الساعتين، أكثرهم سقط بأيدي رجال المقاومة، بينما تمكنت فلول منهم من الفرار، ولم يجد الريسوني بدا من استسلامه ويودع في ما بعد السجن ببلدة تماسينت حيث توفي في متم أبريل 1925، بعد أن ظل لأمد طويل يعاني من داء كلوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.