واصل مئات العراقيين، لليوم الثاني على التوالي، محاصرة حقل الناصرية النفطي جنوببغداد الذي توقف الإنتاج فيه، بينما ما زالت الاحتجاجات تشل العديد من مدن العراق الذي يشهد تظاهرات منذ ثلاثة أشهر. وتواصل إغلاق حقل الناصرية النفطي، على بعد 300 كيلومتر جنوببغداد، وتوقف العمل فيه الأحد، لليوم الثاني على التوالي، مع استمرار محاصرة الموقع من قبل متظاهرين يطالبون بفرص عمل، وفقا لمصادر نفطية محلية. ويبلغ إنتاج حقل الناصرية مئة ألف برميل في اليوم عادة. وهي المرة الأولى التي يتوقف فيها الإنتاج في حقل نفطي في العراق منذ بدء التظاهرات غير المسبوقة المناهضة للحكومة. وقال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد، في بيان رسمي، إن "الوزارة أوقفت عمليات الإنتاج في حقل الناصرية بشكل مؤقت لعدم تمكن موظفي الحقل من الوصول إلى أماكن عملهم بسبب قطع الطريق من قبل المتظاهرين المطالبين بالتعيين". وأشار إلى أن "عملية الإيقاف لم تؤثر على عمليات الإنتاج والتصدير التي سيتم تعويضها من شركة نفط البصرة، لا سيما ما يتعلق بسقف الإنتاج المحدد من أوبك". والعراق هو خامس أكبر مصدر للنفط في العالم. وهو يصدر نحو 3,4 ملايين برميل يومياً من ميناء البصرة في جنوب هذا البلد الذي يعتمد بشكل كامل تقريبا على عائدات النفط التي تشكل 90 بالمئة من ميزانية البلاد. ورغم الثروة النفطية الهائلة، يعيش واحد من كل خمسة أشخاص في العراق تحت خط الفقر، وتبلغ نسبة البطالة بين الشباب 25 في المئة، بحسب البنك الدولي. استمرار الاحتجاجات تتواصل الاحتجاجات في بغداد وغالبية مدن جنوبالعراق للمطالبة ب"إقالة النظام"، وتغيير الطبقة السياسية التي تسيطر على مقدرات البلاد منذ 16 عاما ويتهمها المحتجون بالفساد والتبعية لإيران. وأدت هذه الاحتجاجات التي انطلقت منذ الأول من أكتوبر إلى شلل في العديد من مدن البلاد، بينها الحلة والكوت والعمارة والنجف، وجميعها ذات غالبية شيعية وتقع في جنوب البلاد، وفقا لمراسلي فرانس برس. ففي الديوانية أعلن متظاهرون مجددا، اليوم الأحد، "الأضراب العام" في إطار احتجاجات متواصلة تهدف إلى دفع السلطات إلى الاستجابة لمطالبهم. ويأتي ذلك بعد يومين على تعرض قاعدة عسكرية تتواجد فيها قوات أميركية في شمال العراق لهجوم بثلاثين صاروخاً أسفر عن مقتل أميركي، وفق ما أكد مسؤول أميركي لوكالة فرانس برس. ودفع ضغط الشارع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى الاستقالة في نهاية نوفمبر، لكن الأحزاب السياسية ما زالت حتى الساعة غير قادرة على التوصل إلى اتفاق على تسمية رئيس للحكومة المقبلة. من جانبه، هدد رئيس الجمهورية، برهم صالح، الخميس، بالاستقالة، معلناً رفضه لمرشح قدمه تحالف موال لإيران لمنصب رئيس الوزراء إلى البرلمان. لكن ذلك ينذر بتعميق الأزمة السياسية في البلاد، خصوصاً مع نفوذ الجارة إيران. ورغم تصويت البرلمان قبل أيام على إصلاحات لقانون انتخابي، لا توجد مؤشرات لخطوات باتجاه إجراء انتخابات قريبة. وقال المتظاهر أسامة علي، من ساحة الاحتجاج في مدينة الناصرية، إن الرئيس "صالح قطع الطريق أمام محاولات الأحزاب والميلشيات لإجهاض الانتفاضة بهدف حماية مصالحهم". وأضاف أن "هذا يشجعنا على مواصلة الاحتجاجات السلمية حتى تحقيق أهداف الانتفاضة". ويطالب المتظاهرون في عموم العراق بمعالجة الفساد المستشري في البلاد والبطالة التي خلفها تحكم الأحزاب السياسية التي تسيطر على مقدرات البلاد منذ 16 عاماً. وتعرضت الاحتجاجات منذ انطلاقها في الأول من أكتوبر لقمع واسع أدى إلى مقتل قرابة 460 شخصاً وإصابة حوالي 25 ألفا، غالبيتهم العظمى من المتظاهرين. ورغم انخفاض حدة العنف خلال الأيام القليلة الماضية، كشفت مفوضية حقوق الإنسان الحكومية عن "وقوع 68 حادث خطف وفقدان على خلفية التظاهرات". من جانبها، توجه مفوضية الأممالمتحدة الاتهام إلى "ميليشيات" بالقيام بحملة واسعة من عمليات الخطف والاغتيال للمتظاهرين وناشطين في الاحتجاج. وتعرض ناشطون لعمليات اغتيال، غالبا ما كانت بالرصاص، في هجمات وقعت بشوارع أو أمام منازلهم، وأكد عشرات آخرون من المتظاهرين أنهم تعرضوا لخطف واحتجزوا لساعات أو أيام في منطقة زراعية قرب بغداد، قبل أن يتم رميهم على جانب الطريق.