صدر أخيرا عن دار كتوبيا للنشر والتوزيع بمصر 2019، كتاب في السوسيو- لسانيات، للباحث الأكاديمي المغربي الدكتور محمد نافع العشيري، يتناول بالدراسة والتشريح المشهد اللغوي المغربي عبر تاريخ تشكل بنياته، مع تحديد مكوناته اللغوية والبشرية وبيان القيم المتصارعة فيه. معتمدا على آليات تحليلية تطبيقية كالجرد والإحصاء والاستبيان والمقابلة والاستمارة. يقع الكتاب في 320 صفحة من الحجم الكبير، وفي حلة طباعية بديعة تليق بالمجهود المبذول وبالمادة الغنية المعروضة فيه. وهو كتاب جدير بالقراءة المتأنية والدراسة العميقة، ويعتبر إضافة نوعية في الخزانة المغربية. ملحوظة (سيصل الكتاب قريبا إلى المغرب، وسيتم عرضه على الجمهور بالمعرض الدولي بالدار البيضاء.) تقديم: ما دام الباحث قد اختار لكتابه عنوانا مثيرا للفضول هو (السوق اللغوية المغربية)، فإنني أدعوكم إلى جولة سياحية تفقدية استكشافية في فضاء ومرافق هذه السوق المليئة بالمعرفة والفائدة والمتعة. هي سوق فريدة غنية مثيرة، سيخرج زائرها والمتسلل عبر فجواتها بزاد وفير لا محالة. سيملأ جراره وجرابه وعقله وكيانه بما يفيد ويمتع. بل إني أعتبر هذا الكتاب خزانة رفيعة لكثير من الفنون والمعارف والأسئلة الكبرى التي تؤرق الباحثين والمفكرين ورجال السياسة والتربية وعلوم الإنسان. وقبل أن أخوض في تقديم المضامين والرسائل والقضايا التي يتضمنها هذا الكتاب، أرى أنه من اللازم تحديد السياقات التي فرضت تأليفه. سياقات التأليف السياق العالمي يكتسب هذا المنجز العلمي أهميته وخصوصيته من كونه أنجز في سياق تاريخي دولي حساس. سياق برزت فيه حركة كلونيالية ثقافية ولغوية وفكرية تستهدف احتلال العقول قبل الحقول، لم تعد فيها اللغة أداة للتواصل فحسب بل أصبحت وسيلة لتمرير القيم والثقافات، وأداة لتشكيل العقول والقناعات، وعاملا لتحقيق الحظوة والامتيازات. وهو كذلك سياق مفصلي في تاريخ الإنسانية، تجاوز فيه مفهوم التنمية البعد الاقتصادي والقوة المادية والمالية والعسكرية، لتصبح التنمية دينامية حضارية مرتبطة أساسا بالعنصر البشري وبالمعرفة والبحث العلمي. وهو أيضا سياق مضطرب مكهرب تكثر فيه الزوابع الثقافية والاجتماعية بسبب هبوب رياح العولمة العاتية المُشيّئة للإنسان، والتي تسعى إلى اقتلاع المجتمعات من جدذورها وطمس هوياتها والقضاء على خصوصيتها الثقافية عبر عولمة النموذج الغربي وتقديمه كبديل لغوي وثقافي وقيمي للإنسان المعاصر. إنه سياق ما بعد الحداثة؛ سياق بدأت فيه الشعوب الراقية تستشعر الخطر الداهم القادم المهدد لكيانها الثقافي والاجتماعي، وأخذت تعود إلى ذاتها وإلى الاعتصام بتراثها اللغوي والشعبي والثقافي للوقوف في وجه جرافة العولمة الكاسحة، وللرد على أوهام الحداثة وعلى فلسفتها المخادعة التي دعت إلى إحداث قطيعة مع التراث ومع الأصول والثوابت الحضارية والقيمية للأمم. سياق وطني: الكل يعلم الوضع اللغوي بالمغرب، وكيف أصبحت المسألة اللغوية مدخلا لمناورات سياسية وحزبية، وعنوانا مضللا في برامج انتخابية صورية كاذبة. فقد شكلت المسألة اللغوية أحد مرتكزات مشاريع الإصلاح التي شهدتها البلاد منذ فجر الاستقلال، وقد أفرزت متوالية من المحطات التي طرح فيها السؤال اللغوي كمحور أساسي لإصلاح منظومة التعليم. وعديدة هي الشعارات الجوفاء التي رفعت في المؤتمرات والندوات والخطب، دون أن تجد طريقها إلى الواقع. سمعنا كثيرا عن برامج إصلاحية حالمة، سمعنا عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وعن المخطط الاستعجالي، وأخيرا عن الرؤية الاستراتيجية وهلم جرا.. وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على استقلال المغرب مازالت الأسئلة نفسها تطرح، ولم يتم الحسم في المسألة اللغوية بعد، سواء فيما يتعلق بالازدواجية اللغوية، أو بمسألة لغة تدريس المواد العلمية. بل تحولت اللغة إلى عامل تفرقة وتمزيق وصراع حاد بين مكونات المجتمع المغربي. وأعتقد أن السبب وراء هذا العطب المقصود الذي عمر طويلا هو أن السؤال اللغوي ببلادنا تحركه مواقف سياسية وخلفيات أيديولوجية وجماعات ضغط لها حساباتها الخاصة وأجنداتها ومخططاتها. ولم يكن التخطيط اللغوي ولا القرارات الحاسمة حوله في يد رجال البحث العلمي والدراسات الأكاديمية. ولقد لمح الدكتور العشيري إلى هذا السياق في مقدمة كتابه، ولكنه في ثنايا هذا المنجز عرى أعطاب الوضع اللغوي المغربي، وكشف عورة الأطراف المشوشة على اللغة العربية، سواء من داخل بعض المؤسسات أو من خارجها، سواء من يعمل منهم في الخفاء أو من يتحدى قيم المغاربة علانية، ويستفز قناعاتهم الثقافية واختياراتهم اللغوية. سياق خاص: يندرج هذا الكتاب ضمن مشروع علمي يركز فيه الباحث على مسألة ارتباط اللغة بالهوية. وقد أنجز في إطار هذا المشروع العديد من الدراسات، في مقدمتها كتابه (اللغة والثقافة)، الذي حاول فيه الكاتب إبراز دور اللغة في تشكيل الهوية الفردية والهوية الجماعية على المستوى النظري. وبعده جاء هذا الكتاب الجديد ( السوق اللغوية) ليكون الشق التطبيقي في مشروع الباحث، وليركز فيه على الفضاء المغربي وعلى السوق اللغوية وما يموج فيها من قيم ولغات ولهجات، وما تعرفه من صراعات وتدافعات بين مكوناتها اللغوية الأصيلة منها والدخيلة. ولتقريب هذا الكتاب من القارئ المغربي والعربي، أقترح عليكم محاولتين قرائيتين، إحداهما تحاول سبر أغوار هذا الكتاب من الداخل واستنطاق رسائله وقضاياه وإشاراته المتعددة، والثانية قراءة استعراضية أفقية تقدم أهم مكونات الكتاب بشيء من الاختصار، حتى تبقى الفرصة للقارئ كي يجول في أطراف هذه السوق ويستمتع بمادتها المشوقة، ويقطف منها ما يشاء. فهذه المحاولة القرائية لا تغني القارئ عن اللقاء المباشر مع هذا الكتاب والتحاور معه، والإنصات إلى الأصوات الصادرة منه، وتأمل قضاياه الشائكة ورسائله القوية. قراءة عمودية للكتاب في الحاجة إلى هذا الكتاب: إن كل قارئ لهذا الكتاب- مهما اختلفت المشارب والتخصصات والميولات- سيجد ضالته وبغيته بين فصوله ومحاوره الآسرة والمشوقة، سيما وأن المواد المعروضة فيه متنوعة تلامس قضايا كثيرة ومتعددة، بعضها يحملنا إلى الماضي القديم لنستمع إلى الأصوات المنبعثة من بطون التاريخ، وبعضها الآخر يعرّج بنا نحو الحاضر بكل إشكالاته الآنية السياسية والثقافية والاجتماعية، وبعضها يقذف بنا في جحيم القضايا الساخنة التي انشغل بها المفكرون والفلاسفة قديما وحديثا ولمّا يجدوا لها مخرجا أو حلا. ولذلك أعتبر أننا بصدد قراءة أكثر من كتاب واحد. هو كتاب اجتمع فيه ما تفرق في غيره. كتاب تتقاطع فيه علوم ومعارف متنوعة وتتحاور فيه أطروحات متباينة وفلسفات كثيرة: يحضر فيه التاريخ وعلم الاجتماع والانثربولوجيا واللسانيات المقارنة وعلوم اللسان والنقد الثقافي وعلوم التربية والبيداغوجيا والفلسفات والأيديولوجيات والثقافة الشعبية وعلم النفس والمذاهب الفقهية... إن الدكتور العشيري وهو المتخصص في عالم اللسانيات لم يخش خوض هذا الخضم الهائل الصاخب بما أوتي من علم ومعرفة واقتدار. فقد كان حضوره بارزا كباحث متمرس بالبحث الأكاديمي في تفاصيل هذا الكتاب بما أبداه من مواقف معتدلة تتعالى على التعصب والتطرف أو الانحياز السلبي، خصوصا أنه تعامل مع قنابل مشتعلة، وطرق قضايا خلافية شائكة، قيل فيها الكثير وما تزال موضوعا إشكاليا مثيرا مطروحا للجدال والسجال. كأمثلة على ذلك: أصل الأمازيغ. وأنواع اللهجات الأمازيغية. والعلاقة بين الفصحى واللهجات. تدريس اللهجة. السياسة التعليمية ومآزقها وأعطابها المتكررة. النخبة الفرنكفونية وعلاقتها بالمخطط الاستعماري. تحكم النخبة الفرنكفونية في الإدارة المغربية.. الموقف من التعريب. الخلاف حول لغة تدريس المواد العلمية .. حاجتنا إلى هذا الكتاب تكمن في التعرف على الخريطة اللغوية المغربية وعلى تاريخ تشكل هذه الخريطة وعلى العناصر البشرية المشكلة للمجتمع المغربي على امتداد التاريخ، وعلى أشكال التفاعل والتدافع والصراع التي شهدتها السوق اللغوية المغربية، وعلى القيم المؤثرة في بناء العقل المغربي وفي توجيه اختياراته اللغوية. فقد طاف بنا الباحث حول السؤال اللغوي سبعة أشواط كاملة. وفي كل شوط منها يدق ناقوس الخطر، ويشعرنا بما يتهدد هوية المغاربة، ويوجه رسائل منبهة قوية للجميع. حاجتنا إلى هذا الكتاب تكمن في التعرف على أن الصراع اللغوي بالمغرب مفتعل وليس متجذرا. فمنذ التاريخ القديم وخلال فترات الدول المتعاقبة على حكم المغرب والتي كانت ذات جذور أمازيغية كالمرابطين والموحدين لم تكن هناك سياسة لغوية تفرض لغة على حساب لغة أخرى. ولم تكن هناك حساسية تجاه العربية. إذ كانت لغة التواصل عربية وأمازيغية، بينما لغة الأدب والإدارة والتعليم والفكر كانت هي الفصحى. حاجتنا إلى هذا الكتاب تكمن في التعرف على أن الأمازيغي المغربي لم يحمل يوما حقدا تجاه العربية، بل نظر إليها في إطارها الوظيفي كلغة الدين والقرآن. إذ كان هناك اتفاق تاريخي غير مكتوب بين الجماعة العربية والجماعة الأمازيغية لتحقيق التعايش والتواصل بين اللغتين، خصوصا أن الفصحى ليست لها جماعة محددة أو فريق معين لا داخل المغرب ولا خارجه. لأن الفصحى لغة القرآن ولغة الدين وليست لغة القوم. حاجتنا إلى هذا الكتاب تكمن في التعرف على أنه لم تكن هناك حرب لغوية في المغرب ولا صراع بينهما على كرسي الريادة. ولم تكن المسألة اللغوية تطرح بالشكل الذي تطرح به اليوم في بعدها العرقي. حاجتنا إلى هذا الكتاب تكمن في التعرف على أن اللغتين العربية والأمازيغية، وإن كانتا لغتين رسميتين دستوريا، فإنهما ظلتا مهمشتين واقعيا. في حين إن اللغة الدخيلة لغة المستعمر"الفرنسية" هي اللغة المهيمنة على القطاعات الحيوية في البلاد، وإن لم تكن لغة رسمية دستوريا. حفريات سوسيو – لغوية: يتلخّص عمل الكاتب في إنجاز حفريات عميقة في جسد البنية اللغوية المغربية، لتشريح مكوناتها الجينية، ولبيان العناصر الأصيلة والدخيلة التي تؤثر فيها إيجابا وسلبا. وقد ساهمت هذه الحفريات في الكشف عن حقائق كثيرة ومثيرة واكبت مسيرة اللغة العربية في البلاد المغربية، وعن ألغام خطيرة مزروعة في السوق اللغوية المغربية، وعن خلفيات أيديولوجية وسياسية موجهة لقطاع التعليم، وعن إرادات متحكمة في المسألة اللغوية بالمغرب. كشفت هذه الحفريات عن مسار تعريب المغرب وعن مراحل ترسخ جذور اللغة العربية في بنياته الاجتماعية والثقافية، بدءا من الفتح الإسلامي لبلاد المغرب، ومرورا بأهم المحطات التاريخية التي حدث فيها الانصهار بين المكونات البشرية الأصلية والوافدة من المشرق ومن الأندلس، مع ذكر أهم العوامل المساهمة في الثنائية اللغوية( عربية – أمازيغية)، وانتهاء بالعصر الحديث وما شهده المغرب خلاله من هجرات داخلية نحو المدن، مع التركيز على الدور الذي قام به التعليم بجميع مستوياته والإعلام بجميع أشكاله وقطاع الإدارة وغيرها من المؤسسات. كشفت عن أشكال الاختراق التي عرفتها السوق اللغوية المغربية من أجل توطين لغة المستعمر وتزهيد المغاربة في لغاتهم الوطنية وتوتير العلاقة بينهم وإقناعهم بأن الحضارة لا يمكن الوصول إليها إلا من باب اللغة الفرنسية. ومن أجل هذا الهدف عمل الاستعمار القديم وأتباعه وشيعته على تضخيم قضية التنوع أو التناقض اللغوي ليكون مدخلا لتفتيت لحمة المجتمع وإضعافه داخليا وتقسيمه عرقيا من أجل خلق الفتنة والصراع حتى تسهل عملية السيطرة والتحكم. كشفت هذه الحفريات عن ذلك التشويه الكبير الذي تعرض له مشروع التعريب الذي كان في الأصل عملية لإعادة الاعتبار للغة العربية في مقابل الهيمنة الفرنسية، لكن تم تشويهه بادعاء أنه جاء لضرب المكونات اللغوية الأمازيغية والعامية. وهذا ما خلق الصراع المفتعل بين العربية والأمازيغية. كشفت هذه الحفريات عن تحول الرسالة التي أسست من أجلها المدارس الخاصة. ففي أيام الاستعمار كانت المدارس الخاصة أو الحرة مؤسسات وطنية تسعى إلى حماية الثوابت وترسيخ الهوية ونشر الوعي الوطني في صفوف التلاميذ. بينما في مرحلة الاستقلال أصبح لهذه المدارس مقاصد مخالفة تماما، هي التشويش على العربية، والتمكين للغة المستعمر، وتغريب المتعلمين وطمس هويتهم عبر مواد مفرنسة ومقررات مستوردة باهظة الثمن. تحولت رسالتها من مشروع وطني ثقافي إنساني إلى مشروع تجاري مادي محض، وإلى أداة مخربة للوجدان الوطني) كشفت هذه الحفريات عن أن السوق اللغوية المغربية سوق متنوعة العناصر والمكونات- كما هي السوق دائما- تجد فيها الأصيل والدخيل. المحلي والمستورد. القديم والجديد. فهناك من يطلب المحلي ويدافع عنه، وهناك من ينبهر بالمستورد ويروّج له. وأسعار هذه المعروضات تتباين حسب نوع الطلب وكثرته. ولأجل ذلك تهيّئ فرنسا المجتمع المغربي ليكون سوقا لغوية تروّج فيه لبضاعتها الكاسدة. ولكي تحافظ على قيمة بضاعتها اللغوية في هذه السوق، فهي في حاجة إلى إعادة إنتاج مستهلكين منبهرين بتلك البضاعة عن طريق قناة التعليم. وهذا ما تساهم فيه السياسة التعليمية ببلادنا اليوم مع الأسف. كشفت هذه الحفريات عن الدور الخطير الذي تقوم به النخبة الفرانكفونية وريثة المشروع الاستعماري والمسيطرة على الاقتصاد والإعلام والإدارة ومؤسسات المجتمع الحيوية. فهي تمثل ذاك اللوبي الخطير الذي ينهش في جسد المجتمع المغربي، ويمزق أوصاله تارة باسم الحداثة، وتارة باسم حقوق الإنسان، وتارة باسم التسامح والانفتاح وحقوق الأقليات ومناهضة التمييز. بين الرصد والجرد والنقد: مما يسجل للدكتور العشيري من مزايا أنه أنجز هذا العمل العلمي الرصين بآليات قرائية علمية متنوعة تاريخية-وصفية-تحليلية، كما حددها هو نفسه في مقدمة الكتاب. وقد أخلص لهذه المقاربات في فصول الكتاب السبعة وفي مختلف محاوره. فقد قدم دراسة تاريخية فريدة من نوعها لتاريخ تعريب المغرب، جرد فيها مختلف الأحداث والعوامل والعناصر التي ساهمت في تغلل اللغة العربية في البيئة المغربية. كما رصد أشكال القيم المتحاورة والمتصارعة والمتكاملة في هذه البيئة على مر التاريخ. ولم يقف عمله عند هذا الحد، بل نجده يكتب محاور هذا الكتاب بنزعة هوّياتية بارزة وبغيرة وطنية قوية، من خلال ما وجه من سهام النقد الصريح إلى كل من سوّلت له نفسه الإساءة إلى الشخصية المغربية، وإلى كل من سعى إلى تفكيك لحمة المجتمع المغربي وطمس خصوصيته الثقافية وزرع الفتنة والفرقة بين مكوناته البشرية، بدءا من المستعمر وانتهاء بالتيارات العنصرية الراديكالية، ومرورا بالنخبة الفرنكفونية المستلبة المتحكمة في مقاليد السياسة التعليمية بالمغرب. لم يكن الكاتب سلبيا في عرضه لهذا الموضوع الإشكالي، بل كانت، ذائقته النقدية حاضرة وبقوة. فهو تارة يصحح بعض المعطيات وتارة يرد على بعض الأطروحات ، وتارة أخرى ينتقد بعض الممارسات السائدة في البيئة المغربية بلغة الباحث الأكاديمي المدقق المحقق، وبأخلاق المثقف المعتدل المنصف. وفي ما يلي عرض لبعض الوقفات النقدية الواردة في الكتاب: - نقد للحداثة الغربية ولفلسفتها الساعية إلى فصل الإنسان عن ثوابته وأصوله وهويته. - نقد للمخططات اللغوية الاستعمارية الهادفة إلى التضييق على العربية والترويج للفرنسية،والساعية إلى تمزيق وحدة المجتمع المغربي عن طريق الظهير البربري ومدارس البعثات ومدارس القليات. - نقد للنخبة الفرنكفونية المغربية التي تساهم في تكريس النفوذ الأجنبي، لتجعل المغرب تابعا سياسيا واقتصاديا وثقافيا. - نقد لمشروع تدريس الفرنسية في المغرب كحامل لثقافة المستعمر وليس كوسيلة للتواصل. - نقد لميثاق التربية والتكوين الذي أعطى وضعا اعتباريا وامتيازات خاصة للفرنسية، وبيان تناقضاته الصارخة الواردة في بعض البنود. - نقد للأطروحة التي تقول بأن اللهجات متفرعة عن الفصحى. - نقد لمشروع التلهيج في التعليم المغربي. - نقد لسياسة الدولة المتمثلة في عدم تفعيل بعض القرارات التي تخدم اللغة العربية - نقد للتعليم الخاص الذي أصبح يخدم الأجندة الاستعمارية بخدمة اللغة الفرنسية. - نقد لمدارس البعثات ودورها الخطير في تخريج نخبة مستلبة ممسوخة لا هوية لها. - نقد للتيار الأمازيغي الراديكالي الذي يساهم في التحامل على العربية وفي مناهضة التعريب، والذي ينحاز كليا إلى الفرنسية ويساند المشاريع الهادفة إلى تمزيق الهوية المغربية. - نقد للدعاية الباطلة التي توهم المغاربة بأن البكالوريا الفرنسية مفتاح المستقبل حتى يرتفع سعر الفرنسية في السوق المغربية مع كثرة الطلب والإقبال. - نقد لبعض مكونات الرأسمال اللامادي التي تكرس القيم السلبية كالمثل الشعبي والنكتة. - نقد لعمل الجابري في دراسته للقيم الإسلامية نظرا لإهماله الإشارة إلى القيم الروحية كالعرفانيات التي اعتبرها دخيلة على الثقافة الإسلامية وأن مصدرها هو الفلسفات والشرقية. - نقد للعقل الغربي وبيان لأهم القيم المادية المتحكمة فيه كالعقلانية والعلمانية والليبرالية والمادية. - نقد لأصحاب الأطروحات العنصرية الباطلة التي تدعي اضطهاد المسلمين للأقليات، في إشارة إلى براءة الإسلام من اضطهاد الأمازيغ وطمس هويتهم. قراءة أفقية للكتاب: نظرة على العنوان: (السوق اللغوية المغربية: صراعات الرأسمال اللامادي والرمزي) في هذه العبارة تتعالق معارف متنوعة وتتجاور قيم ومفاهيم تنتمي لحقول متباعدة. نجد الحمولة الاقتصادية تتحاور مع الحمولة اللغوية ومع الحمولة الثقافية في سياق واحد. فقد اختار الباحث عنوانا دسما مستفزا لبعض القراء، مشوشا على البعض الآخر ومثيرا لفضولهم. فهذا النص الموازي (السوق اللغوية المغربية: صراعات الرأسمال اللامادي والرمزي) نص مكثف يحمل أكثر من دلالة، ويتضمن مواقف سابقة ومنطلقات تصورية واضحة تترجم موقف الكاتب، وتختزل مضامين الكتاب ومسارات مباحثه و قضايا فصوله. الفصل الأول، بعنوان: تحديدات مصطلحية ركز الباحث على مجموعة من المصطلحات الجديدة التي لم يتعود عليها القارئ العربي. وهي مفاهيم ذات حمولة اقتصادية بالدرجة الأولى. وقد اعتمد بشكل خاص على ما يسمى بعلم الاقتصاد اللغوي، متبنيا مصطلحات عالم الاجتماع (بيير بورديو) وغيره من العلماء والدارسين. وقد اختار الباحث خمسة مفاهيم مركزية في هذا الكتاب، وهي: القيمة- الثقافة والقيم الثقافية- السوق اللغوية- الرأسمال اللامادي- الرأسمال الرمزي بعد تعريفه لمفهوم (القيمة) في الاستعمال الاقتصادي والأخلاقي والفلسفي، انتقل إلى تحديد مفهوم (الثقافة والقيم الثقافية) مبينا دلالتها وخصائصها، وهل هي جامدة ثابتة أم دينامية متطورة. لينتقل إلى المفهوم الذي يشكل مدار الدراسة في هذا الكتاب، وهو مفهوم(السوق اللغوية). وقبل الخوض في هذا المصطلح الجديد أكد الباحث أن لهذا المصطلح حضورا قديما عند العرب من خلال ما عرف بأسواق الشعر، حيث كانت البضاعة هي المادة الشعرية. وفيها تحدد قيمة كل مادة ويتم التفاضل بينها. فيرتفع سوق مادة شعرية وينخفض سعر الأخرى. وأكد أن الدراسات الحالية عادت إلى مثل هذا الطرح، بحيث يتم حاليا الاهتمام بالعلاقة القائمة بين اللغة والاقتصاد في الجامعات والمعاهد الأجنبية في إطار ما يسمى بعلم الاقتصاد اللغوي. ويتفرع عن هذا المفهوم مفهوم آخر هو الرأسمال اللغوي. ويعني أن امتلاك لغة ما يحقق لصاحبها مكسبا ماديا أو اعتباريا في مجتمعه، ولكنه قد لا يحظى بتلك المكانة نفسها في مجتمع آخر. فقيمة هذه اللغة تتغير بتغير السوق التي تعرض فيها، وبالتالي فإن من يملك هذه البضاعة لا يحظى بالاهتمام نفسه في كل سوق. أما مفهوم (الرأسمال اللامادي) فقد قاربه الباحث من زاوية ارتباط هذا المفهوم بإشكالية علاقة السلطة بالمعرفة، بحيث تم التركيز على مكونين أساسيين هما: -الرأسمال المعرفي: وهو حينما تصبح المعرفة سلعة تجارية تعرض للبيع والشراء، ومصدر دخل للمجتمع المنتج لها. - الرأسمال الثقافي:أي أن التراث الثقافي يصبح موردا مهما يمكن استثماره لتحقيق الثروة أما مفهوم (الرأسمال الرمزي) فيعني ما يمتلكه الفرد من كفاءات وسمات مميزة وسمعة وهيبة وشرف تجعل له سلطة في مجتمعه ويحظى بالمصداقية. وهذا النوع له مردود معنوي نفسي كالإحساس بالفخر والتميز. الفصل الثاني، بعنوان: مكونات السوق اللغوية المغربية ومراحل التشكل تطلب هذا الفصل التركيز على الفضاء المغربي الذي تتمازج فيه أجناس، وتتعايش فيه لغات متحاورة بعضها أصيل وبعضها الآخر دخيل. وكل لغة لها تاريخها وخصوصيتها وقيمها.. ولتفصيل القول في هذا الموضوع قدم الباحث تأريخا مفصلا لمراحل تعريب المغرب، معتبرا أن التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية كانت عاملا حاسما في استعراب المغرب، أي في انتقاله من الأحادية اللغوية(الأمازيغية) إلى الثنائية اللغوية( العربية- الأمازيغية) إلى هيمنة العربية جغرافيا وبشريا ومؤسساتيا، وذلك في مباحث متكاملة: -في المبحث الأول، أشار الباحث إلى مراحل تعريب المغرب وأثرها في تشكل المشهد اللغوي. وحددها في خمس مراحل، هي: التوغل..التوسع..التقوية..الترسيخ..والتجذر. التوغل: مع بداية الفتح الإسلامي توغلت العربية بفضل الفاتحين الأوائل للبلاد المغربية، ولكن ظلت العربية متداولة في مناطق محدودة جدا، كمدينتي طنجة وسبتة. التوسع:مع الدولة الإدريسية كثرت الوفود والأسر العربية القادمة من المشرق. وكثرت الرحلات التي أنجزها المشارقة إلى البلاد المغربية. وساعد على ذلك تقبل الأمازيغ للعرب باعتبارهم حملة رسالة،وباعتبار العربية لغة القرآن. أضف إلى ذلك هجرة العقول الأندلسية إلى الضفة المغربية. التقوية:مع دولة الموحدين اتسعت الدعاية للغة العربية إداريا واجتماعيا وتعليميا ودينيا. بحيث تعلم الأمازيغ العربية طواعية، وتعايشت العربية والأمازيغية في المجتمع وفي مختلف الدوائر. وفي العصر المريني ساهمت قبائل( بنو معقل وبنو سليم) في تنشيط الحركة الثقافية بالبلاد. فوقع انصهار العنصر العربي مع العنصر الأمازيغي. فتعربت بعض القبائل الأمازيغية، وصارت العربية لغة الحديث والتواصل بين مكونات المجتمع. الترسخ:بعد سقوط الأندلس وهجرة الأسر الأندلسية إلى المغرب انتشرت العربية بشكل واسع في المغرب، وتم تعريب بعض المناطق الأمازيغية بفعل عاملين حاسمين هما: العامل السياسي و العامل الديني. التجذر: بعد الاستقلال تجذرت العربية في البلاد بفضل عوامل كثيرة. منها:الهجرات الداخلية نحو المدن بسبب التصنع، والتعليم النظامي الذي تبني العربية كلغة للتعليم، ومغربة الأطر، وسياسة التعميم، ورفع رهان التعريب، إلى جانب الإعلام بجميع وسائله والإدارة والزواج المختلط. -في المبحثين الثاني والثالث بسط الباحث القول حول موضوع اللهجات وحول العلاقة بين اللغة واللهجة اعتمادا على المصادر العربية والأجنبية. مع التأكيد على أنه يرفض اعتبار اللهجات متفرعة عن الفصحى، معتبرا أن قبائل العرب كانت لهجاتهم الخاصة تختلف بحسب اختلاطهم بغيرهم، ولما نزل القرآن جعلوا لغته هي اللغة النموذج . -في المبحث الرابع ركز الباحث على اللغة الأمازيغية بنوع من التفصيل باعتماد دراسات تاريخية وانثربولوجية ولسانية مقارنة، مشيرا إلى الاهتمام الكبير الذي حظيت به الأمازيغية في العديد من المحطات إلى حين تقرر تدريسها في إطار إصلاح منظومة التعليم. -في المبحث الخامس ركز الباحث على دور المستعمر في ترسيخ قدم الفرنسية في الوجدان المغربي لأجل تغيير الهوية المغربية عبر إنشاء المدارس الفرنسية، والمدارس الفرنسية اليهودية، والمدارس الفرنسية البربرية. -في المبحثين السادس والسابع، تركز الحديث عن اللغتين الإسبانية والإنجليزية ونسبة حضورهما في المشهد اللغوي المغربي. الفصل الثالث، بعنوان: الهوية المغربية ومحاولات التفجير تحدث الباحث عن المحاولات الخطيرة التي استهدفت تفجير الهوية المغربية، وعن العناصر المساهمة فيها. وهي: الاستعمار: مارس المستعمر كل الطرق لاحتلال العقل المغربي والسيطرة عليه عبر سياسة التنميط الثقافي والتمكين للفرنسية، وعبر تكوين نخبة متغربة مستلبة. كما تعمد خلق نزاعات عرقية ولغوية لإقناع الناس بضعف العربية والأمازيغية مقارنة مع الفرنسية. ولذلك ركز على تأسيس المدارس الفرنسية. كما منع العربية في المناطق الأمازيغية، وأغلق الكتاتيب القرآنية، وضيق على المدارس الحرة. أما بعد الحصول على الاستقلال، فقد واصلت النخبة الفرنكفونية تنفيذ المشروع الاستعماري عبر السيطرة على أجهزة الإدارة ومنها التعليم، فحاربت مشروع التعريب وساهمت في التمكين للفرنسية كما وكيفا، بحيث تم تدريس الفرنسية كحامل للثقافة وليس كلغة تواصل، كما ساهمت في عرقلة إنزال مشروع أكاديمية اللغة العربية الذي لم ير النور بعد مرور أكثرمن عشرين سنة على إقراره،. كما شجعت التعليم الخاص ومدارس البعثات لتخريج نخبة متغربة مستلبة بلا هوية وطنية. 2- الحركة الأمازيغية: تطورت الحركة الأمازيغية بعد الإستقلال منذ1991. بحيث انتقلت المسألة الأمازيغية من الهامش إلى المركز عبر محطات تم التفصيل في سردها. فمنذ 2000 دخلت المسألة الأمازيغية المؤسسات الرسمية. وبعدها تكاثرت الجمعيات الأمازيغية. ومع الربيع العربي تم استثمار الحراك المغربي للمطالبة بترسيم الأمازيغية دستوريا. وبسبب هذا الاهتمام المتزايد برز تيار أمازيغي راديكالي يتحامل على العربية ويشجع الإقبال على الفرنسية، ويساهم بخلفية عنصرية في تمزيق لحمة المجتمع المغربي. 3-الدعوة إلى التلهيج برز اسم (نورالدين عيوش) كزعيم لهذه المبادرة المستفزة التي ظهرت آثارها بسرعة غير مفهومة في الإعلام وفي المسلسلات المغربية والمدبلجة وفي الوصلات الإشهارات. ولم يفت الباحث مناقشة إشكالية تدريس اللهجة في ظل وجود كمّ هائل من اللهجات المتنوعة. والجدير بالذكر أن الباحث لا يرفض تعلم اللهجات، ولكن يدعو إلى إحياء ما يتم تداوله على اللسان الشعبي من مفردات فصيحة وتيسير استعمالها على المتعلم حتى لا يحتاج إلى استعمال مفردات أخرى جديدة عليه. الفصل الرابع، بعنوان : السوق اللغوية وصراعات الرأسمال اللامادي بدأ الباحث هذا الفصل بتحليل القيم المخزّنة في العامية من خلال التركيز على مكونين أساسيين من مكونات الثقافة الشعبية هما: المثل الشعبي والنكتة، مع الإشارة إلى بعض الرسائل السلبية التي تمررها هذه الإبداعات الشعبية إلى العقل الجمعي. ثم انتقل إلى تحليل القيم التي تمررها الفصحى من خلال منظومة القيم الإسلامية، معتبرا أن بين الفصحى والعامية تكاملا في الوظائف لكن بينهما يوجد صراع واضح في القيم. وفي سياق حديثه عن القيم، وجّه الباحث نقدا صريحا للمفكر المغربي محمد عابد الجابري في دراسته للقيم الإسلامية لإهماله القيم الروحية، معتبرا هذا الإهمال مقصودا تبعا لموقفه من التصوف ومن العرفانيات التي يرى الجابري أنها قيم سابقة للإسلام وذات جذور في العقائد والفلسفات الشرقية. وفي تحليله للقيم في الثقافة الأجنبية، عمل الباحث على تفكيك العقل الغربي وتحديد ما يخزّنه من تصورات فلسفية مادية ومن شعارات براقة تخفي ما تضمره من تشويه لإنسانية الإنسان ولكيانه الروحي، وهي القيم التي يتم تمريرها إلى العقل المغربي عن طريق قناتي التعليم والإعلام. وقد اختار منها الباحث: العقلانية و العلمانية و الليبرالية والرأسمالية و المادية. الفصل الخامس، بعنوان: السوق اللغوية المغربية وتشكل الأسعار يعتبر الباحث أن السلع اللغوية ليست على درجة واحدة- كما هي السلع في أي سوق أخرى- فالفرنسية، كسلعة، تتربع على عرش الصدارة بأعلى ثمن في هذه السوق باعتبارها لغة أجنبية مرغوب فيها ويتم الترويج لها بكل الوسائل. كما الشأن بالنسبة لأي سلعة دخيلة. يتمثل ذلك في ما يتم إنفاقه من أموال من أجل إتقانها والتمكن منها. وكذلك في الطلب المتزايد على الساعات الإضافية وعلى مدارس البعثات وفي ارتفاع الطلب على البكالوريا الفرنسية. كما أن إتقان الحديث بالفرنسية تحول إلى اعتبار اجتماعي يخول لصاحبه أن ينال الحظوة في المجتمع وأن يحصل على امتيازات خاصة لولوج المعاهد العليا بسبب احتساب نقطة اللغة الفرنسية في أغلب المباريات. الفصل السادس، بعنوان :السوق اللغوية المغربية والرأسمال الرمزي الرأسمال الرمزي هو تلك المكانة التي يحظى بها الفرد في الفضاء الاجتماعي. وهي المكانة التي تكسبه الهيبة والسمعة والشرف . وفي هذا الإطار ينظر إلى اللغة كرأسمال رمزي يحقق للفرد هذه المكانة الاعتبارية. وللتعرف على موقف المتكلم المغربي من العربية والفرنسية، وظف الباحث المنهج الاستفهامي المعتمد على اللقاءات والاستمارات من خلال بحث ميداني يستهدف جميع الفئات العمرية. وقد استخلص مجموعة من التمثلات المرتبطة بلغة التداول عند الإنسان المغربي: فالتمثلات السائدة حول الحديث بالفرنسية، هي: الحداثة- الانفتاح- التسامح- المبادرة- الفعالية- قبول الاختلاف وهي قيم لصيقة بالطبقة الراقية. والتمثلات السائدة حول الحديث بالعربية، هي: التدين- المحافظة- الثقافة- وهي قيم لصيقة بالطبقة الوسطى. الفصل السابع، بعنوان: مركزية اللغة العربية في بناء الهوية الوطنية يعتبر الباحث أن اللغة العربية رمز للهوية المغربية في امتدادها التاريخي. بحيث ارتبطت قدسيتها بقدسية الدين. وفي هذا السياق ناقش رأي الفقهاء الذين حرموا التعبد بغير النص العربي. وهذا ما دفعه إلى إثارة الحديث عن قضية ترجمة النص القرآني بنوعيها الحرفية والتفسيرية. كما يعتبر الباحث اللغة العربية هوية شاملة تتجاوز الهويات الجهوية والإقليمية. وتضبط التوازنات السياسية والاقتصادية والعدالة الاجتماعية والدينية والثقافية. وفي نهاية هذه المحاولة القرائية، أشكر الدكتور العشيري على ما بذله من جهد كبير في بناء هذا الكتاب وفي تأليفه، كما أتوقع أن يكون هذا المنجز العلمي الرصين من الكتب المغربية التي ستخلق نقاشا كبيرا في الساحة الثقافية المغربية بما أثاره الباحث من قضايا إشكالية كثيرة التي هي اليوم مدار سجالات طويلة بين الباحثين والمثقفين المغاربة.