في الطريق إلى برشيد انطلاقا من مدينة سطات، وبعد قطع مسافة 20 كيلومترا عبر الطريق الوطنية رقم 9، تقبع جماعة الحساسنة، المكوّنة من 13 دائرة انتخابية، بين سيدي العايدي وبرشيد، وسط سهل منبسط تربته خصبة وصالحة للزراعة. بعد الوصول إلى مركز جماعة الحساسنة تستقبلك الأوحال والأزبال يمينا وشمالا، وأعمدة كهربائية ساقطة على الأرض، وشباب يعيشون الفراغ وينتظرون وسائل النقل على قارعة الطريق الوطنية رقم 9، التي تشطر المنطقة شطرين، للذهاب إلى المدن المجاورة من أجل قضاء أغراضهم المختلفة أو البحث عن عمل.. "اسمع أخويا جماعة الحساسنة مهمّشة ما كين لا تنمية لا والو. نعيش العزلة والتهميش والفراغ القاتل"، يقول أحد السكان الذين صادفتهم هسبريس وهو يستعد لمغادرة القرية. هسبريس قامت بجولة داخل جماعة الحساسنة التابعة لإقليمبرشيد، ولاحظت انتشار الأزبال وهشاشة المسالك الطرقية، التي صارت تشكل عائقا خلال فصل الشتاء بسبب الأوحال، فضلا عن غياب مرافق الشباب كالملاعب وغيرها. بعد ذلك ولجنا مقر الجماعة للاستماع إلى رأي رئيسها حول الوضع الهشّ للتنمية بالجماعة، إلا أننا لم نجده ولم نجد من ينوب عنه، باستثناء موظف وحيد بقسم الحالة المدنية والمصادقة على الوثائق. جمعويون يطالبون بالتنمية في تصريح هاتفي لهسبريس، قال محمد بنعلي عن "جمعية الخيط الأبيض"، إن التنمية غائبة بجماعة الحساسنة، مضيفا أن المجلس الحالي لم يشتغل على وثيقة التعمير وتحديد مركز الجماعة لتعزيز مداخيلها، والبحث عن مستثمرين في ظل انعدام منطقة صناعية، باستثناء الضريبة على القيمة المضافة التي يصرف أغلبها في أداء أجور الموظفين والتسيير والخدمات. وسجّل الفاعل الجمعوي ذاته قصور المجلس الجماعي في الاشتغال على ربط الشراكات مع المؤسسات العمومية وغيرها، موضّحا أن المجلس يعتمد على المراسلات والملتمسات إلى مجلس الجهة قصد تهيئة المسالك التي توجد في حالة يرثى لها، وينتظر حظه في البرمجة الذي يتحقق أو لا يتحقق. وأضاف بنعلي أن جماعة الحساسنة تعرف غياب المسالك الطرقية والفضاءات الترفيهية والثقافية مشيرا إلى أن الشباب يعاني الإهمال، في غياب التواصل بين المجلس المنتخب وشباب المنطقة. وتطرق الفاعل الجمعوي ذاته إلى ضعف الخدمات الصحية باستثناء تلقيح الأطفال، وعدم الاعتناء بالنساء الحوامل، واصفا المستوصف الصحي بالبناية المهجورة والمهترئة، بعدما تحوّل إلى مطرح للنفايات. تحميل المسؤولية للمجلس الجماعي وبخصوص خدمات الكهرباء والماء، أشار بنعلي إلى عدم تغطية جميع الكوانين بخدمات الكهرباء، وعدم إنجاز دراسة من قبل المجلس كباقي جماعات إقليمبرشيد للربط الفردي بالماء الصالح للشرب، وعدم إشراك الجمعيات في هذا المجال، منوّها بمجهودات السلطات المحلية والإقليمية، التي حاولت الدفع بالجماعة نحو طريق التنمية، إلا أن ذلك يصطدم بضعف المستوى الثقافي لعدد من أعضاء المجلس الجماعي، الذين لم يسبق لهم أن ولجوا قسما تعليميا، يضيف بنعلي، الذي طالب بخلق فضاءات ثقافية ورياضية للشباب، الذين يمثلون 80 بالمائة من ساكنة جماعة الحساسنة، والاهتمام بالمرأة القروية وصحتها، تماشيا مع خطابات الملك التي تطالب بالاهتمام بوضعية النساء عموما. وسجّل بنعلي بُعد المجلس الترابي عن المؤسسات التعليمية، باستثناء تحكّم الرئيس في خدمات النقل المدرسي التي جعلها ملكا له، معللا ذلك بالوقوف على تأسيس جمعية لتسيير النقل المدرسي تضمّ خمسة أعضاء، والتحكّم فيها للعب ورقة الانتخابات، رغم مساهمة التنمية البشرية في ذلك، في غياب تام للجانب الاجتماعي بتسهيلات في الأداء أو إعفاء المعوزين والمعاقين واليتامى. وفي ختام تصريحه حمّل بنعلي مسؤولية الوضع التنموي القاتم للمجلس الجماعي، فضلا عن مسؤولية الناخبين في اختيار ممثليهم، منوّها بدور عامل الإقليم، الذي يرجع إليه الفضل في فتح الباب أمام ممثلي الشأن المحلي، وإخراج مشروع النقل المدرسي إلى الوجود دون محاباة ولا مجاملة، يقول بنعلي. للمجلس الجماعي رأي الوضع الشائك بجماعة الحساسنة دفعنا إلى زيارة مقر الجماعة لنيل رأي المجلس بخصوص مطالب المواطنين، حرصا منا على مبدأ الرأي والرأي الآخر، إلا أننا لم نجد رئيس الجماعة ولا من ينوب عنه خلال زيارتنا الأولى، باستثناء أحد الموظفين الذي اعتذر عن مدّنا برقم رئيس الجماعة بعد اطلاعه على هويتنا. وقد عاودنا زيارة مقر الجماعة في يوم آخر، حيث انتظرنا الرئيس قرابة ساعتين، إلا أن ظننا خاب بعد رفضه الإجابة عن أسئلة الجريدة أو إعطاء أي تصريح، قائلا: "أنا مكنعطيش تصريحات صحافية"، فشكرناه على جوابه المختصر، وغادرنا مقر الجماعة لتبقى الإجابة عن أسئلة المواطنين والجمعويين حول تنمية منطقتهم معلّقة إلى أجل غير مسمّى.