قدم المعهد المغربي لتحليل السياسات معطيات مثيرة حول علاقة المواطنين المغاربة بمؤسسات الدولة وبالشأن السياسي وبالهيئات السياسية، موردا أن النتائج الأولية لدراسة أعدها حول مؤشر الثقة وجودة المؤسسات كشفت عن فقدان الثقة، بشكل شبه كامل، لدى المغاربة في عدد من المؤسسات. وبحسب الدراسة التي قدمت نتائجها مساء الثلاثاء بالرباط، فإن الإحساس بعدم الثقة في المؤسسات المنتخبة مرتفع جدا؛ إذ صرح 68.7 في المئة من المستجوبين بأنهم لا يثقون في الحكومة، بينما لم تتعدّ نسبة الذين عبروا عن ثقتهم فيها 23.4 في المئة. أما الأحزاب السياسية، فقد بلغت نسبة الذين صرحوا بعدم ثقتهم فيها 86.8 في المئة، في حين بلغت نسبة الذين لا يثقون في مؤسسة البرلمان 57.5 في المئة. في المقابل، سجّلت الدراسة ارتفاعا كبيرا في منسوب الثقة لدى المغاربة في مؤسسات الدولة؛ إذ وصلت نسبة الذين عبروا عن ثقتهم في القوات المسلحة إلى 83.3 في المئة، وبلغت نسبة الذين صرحوا بأنهم يثقون في الشرطة 78.1 في المئة. وفسّر محمد مصباح، مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات، تمتع المؤسسات السيادية في المغرب بمعدلات ثقة أكبر، مقارنة مع المؤسسات السياسية، بكون "المواطن كيْتْقاتْلْ فقط مع طرْفْ دْ الخبز، لذلك يرى في مؤسسات الدولة الجهة الوحيدة القادرة على حماية مصدر عيشه، باعتبارها ضامنة للاستقرار". المعطيات الواردة ضمن مؤشر الثقة وجودة المؤسسات بيّنت معطى مقلقا يتمثل في استمرار فقدان المؤسسات العمومية لثقة المغاربة، خاصة المؤسسات ذات العلاقة بالمجالات الحيوية كالتعليم والصحة؛ إذ بلغت نسبة الذين عبروا عن عدم ثقتهم في قطاع الصحة العمومي 74.4 في المئة، في حين بلغت نسبة الذين صرّحوا بأنهم يثقون في قطاع الصحة الخاص 73.1 في المئة. وبالنسبة للتعليم، لم تتعد نسبة الذين صرحوا بأنهم يثقون في التعليم العمومي 48.1 في المئة، بينما بلغت نسبة الذين صرحوا بأنهم يثقون في التعليم الخاص 83.2 في المئة، وهي نتيجة اعتبر محمد مصباح أنها تعكس إحباطا لدى المواطنين في هذه القطاعات. وتوقف مصباح عند رقم قال إنه يطرح تساؤلات كثيرة ويعبّر عن ضبابية وعدم وضوح معالم المستقبل لدى المغاربة، يتعلق بدرجة الرضا عن اتجاه البلد بشكل عام، حيث صرح 69.7 في المئة من المستجوبين بأنهم غير راضين عنه، بينما عبّر 40.8 في المئة عن رضاهم عن الوضع الاقتصادي. أما مستوى الرضا عن جهود الحكومة في مكافحة الفساد، فلم يتعدّ 18.7 في المئة. وفيما يتعلق بعلاقة المواطنين بالفاعلين السياسيين، كشفت دراسة المعهد المغربي لتحليل السياسات معطيات مثيرة؛ إذ لم تتعد نسبة الذين يعرفون اسم رئيس مجلس المستشارين 10.7 في المئة، فيما صرح 89.3 في المئة بأنهم لا يعرفونه، والنسبة نفسها تقريبا بالنسبة لرئيس مجلس النواب؛ إذ لم تتجاوز نسبة الذين يعرفون اسمه 11.7 في المئة. وشملت الدراسة التي أجريت خلال شهر أكتوبر الماضي عينة من ألف شخص، بنسبة متساوية بين الجنسين، يمثلون السكان المغاربة الذين تبلغ أعمارهم 18 سنة فما فوق، وينتمون إلى مختلف جهات المملكة، 35 في المئة منهم يقطنون بالعالم القروي، و65 في المئة بالعالم الحضري.