تظاهر محتجو الجزائر مجددا بكثافة، الجمعة في العاصمة، ضد النظام؛ قبل أقل من 15 يوما من موعد الانتخابات الرئاسية، المقررة في 12 دجنبر المقبل، التي يرفضونها. ورفع محتجون شعار "لن يكون هناك تصويت"، معتبرين أن هذه الانتخابات تسعى إلى إعادة انتاج النظام السياسي الحاكم في الجزائر منذ استقلالها عن فرنسا في 1962. ورفع كثير من المحتجين لافتات تعبر عن رفضهم للانتخابات، وهتفوا لمناسبة يوم الجمعة ال41 للاحتجاجات "نقسم لن نتوقف" عن حركة الاحتجاج المستمرة منذ 22 فبراير 2019. وانتشرت حول المحتجين قوات أمن بأعداد كبيرة مع خراطيم مياه وعربات مكافحة الشغب وشرطيين بالزي المدني. وقالت تسعديت أورابح (متقاعدة-64 عاما) غاضبة: "هذا ترهيب. لماذا كل هذا العدد من عربات الشرطة؟"، مذكرة بشعار أن الاحتجاجات "سلمية". وجرى توقيف 25 شخصا على الأقل قبل بدء تظاهرة العاصمة، حسب مراسلي فرانس برس. وحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، تم اعتقال ومحاكمة نحو 140 شخصا في الأشهر الأخيرة في سياق الاحتجاجات. وكان البرلمان الأوروبي ندد، الخميس، "بشدة بعمليات التوقيف العشوائية وغير القانونية وبحبس ومهاجمة وترهيب صحافيين ونقابيين ومحامين وطلبة وحقوقيين ومتظاهرين سلميين". وردت الحكومة الجزائرية ببيان شديد اللهجة على موقف الاتحاد الأوروبي، ونددت ب"تدخله السافر في الشؤون الداخلية" للجزائر وب"ازدرائه" المؤسسات الجزائرية. وتفرّق محتجو العاصمة، عصر الجمعة، بلا حوادث. كما شهدت مدن جزائرية عديدة أخرى مسيرات كبيرة، حسب وسائل إعلام محلية وشبكات التواصل الاجتماعي. البعض سيصوّت والبعض "لا مجال" وعلى الرغم من تزايد القمع مع اقتراب موعد الاقتراع، فإن حركة الاحتجاج لا يبدو أنها تضعف. وقال سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، الذي كان ضمن المتظاهرين في العاصمة: "هناك تعبئة قوية مستمرة وتصميم قوي بشأن رفض الانتخابات". ولا يتوافر أي استطلاع لتقييم نسبة المشاركة المتوقعة في الانتخابات الرئاسية بالجزائر، وينظر إلى الامتناع عن التصويت الذي كان كبيرا في الانتخابات السابقة باعتباره المؤشر الوحيد إلى الاحتجاج على النظام. وصوّر أحد المحتجين، كما جاء في وسائل التواصل الاجتماعي، ورقة التصويت كطعم لاصطياد الناخب ليقع في الفخ، حسب رأيه؛ غير أن بين المحتجين من أكد أنه سيشارك في الانتخابات. وقالت جويدة (ممرضة-50 عاما): "لقد شاركت في تظاهرات أسبوعية عديدة؛ لكني سأصوت، لأن علينا أن نتقدم". وأضافت: "إذا لم يف الرئيس الجديد بوعوده، سنخرج مجددا إلى الشارع". لكن تسعديت لا تشاطرها الرأي، وقالت: "شخصيا، ربما كنت ذهبت للتصويت لو وجد مرشح ليس جزءا من النظام؛ لكن في الحال الحاضرة لا مجال للتصويت". ويتقدم للانتخابات الرئاسية خمسة مرشحين عمل جميعهم مع أو دعم نظام بوتفليقة، ويصفهم المحتجون بأنهم "أبناء النظام". وقال المتقاعد سعيد بنسالم (66 عاما): "أنا ضد الاقتراع؛ لأن من ترشحوا هم من رجالات بوتفليقة ومن سينظمون الانتخابات ويراقبون الاقتراع هم أيضا من رجالات بوتفليقة"؛ غير أنه أوضح "لكني لن أمنع أحدا من التوجه إلى التصويت. يجب احترام الآخرين وإلا أصبحنا مثل من نندد بممارساتهم". وتشهد الجزائر، منذ 22 فبراير 2019، حركة احتجاج شعبي ضد النظام. وبعد دفع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة في الرابع من أبريل، باتت حركة الاحتجاج تطالب بإطاحة "النظام" السياسي الحاكم. *أ.ف.ب