قبل 48 ساعة من بدء حملة الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر، نزل المحتجون الجزائريون مجددا إلى الشارع بكثافة للتعبير عن رفضهم لهذا الاقتراع الذي يعتبرون أنه سيؤدي إلى اعادة انتاج "نظام" يريدون التخلص منه. ويبدو أن حركة الاحتجاج التي انطلقت في 22 فبراير 2019 وأدت إلى استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بعد 20 عاما من رئاسته البلاد، لا تنحسر. وبدت التعبئة كبيرة في يوم الجمعة ال 39 من التظاهرات، رغم المطر. وكذلك رغم توقيف نحو مئة متظاهر وناشط وصحافي منذ يونيو، وموجة قمع للمتظاهرين بدأت بعيد إلغاء انتخابات رئاسية كانت مقررة في الرابع من يوليو بسبب عدم تقدم مرشحين. وتجمع نحو مئة صحافي داخل التظاهرة حاملين شريطا أبيض على الذراع كتب عليه "صحافي حر" للتنديد كما قالوا ب"تهديدات وترهيب" بحق الصحافة. واتهمهم بعض المتظاهرين الغاضبين من تغطية الاحتجاجات في وسائل الإعلام العامة وبعض وسائل الإعلام الخاصة المتهمة بصلات بالسلطة، بأنهم "منافقون" وخاطبوهم قائلين "الآن أفقتم". ارحل وهتف محتجون متوجهين إلى الفريق أحمد قايد صالح، قائد أركان الجيش الوطني الجزائري، الذي بات بحكم الأمر الواقع الرجل القوي في البلاد، "قايد صالح ارحل". وترفض قيادة الجيش منذ أشهر أي خيار آخر غير الانتخابات الرئاسية للخروج من الأزمة، في حين يطلب قادة حركة الاحتجاج إرساء مؤسسات انتقالية. وهتف متظاهرون: "لن تكون هناك انتخابات"، وذلك قبل يومين من انطلاق الحملة الانتخابية يوم الأحد، التي تستمر ثلاثة أسابيع. وقال عاشور (سائق تاكسي-54 عاما): "في التجمعات (الانتخابية) سيكون عدد الشرطيين والدركيين أكثر من المواطنين"، مضيفا أن القادة "خائفون ممن يرفضون هذا الاقتراع وسيحمون مرشحيهم من غضب الشعب". وبحسب مشاهد نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد بدأت تغطية لوحات انتخابية بشعارات مناهضة للانتخابات، كما بدأت تنتشر دعوات لعرقلة حركة المرشحين. ويتنافس في الانتخابات الرئاسية، التي يتوقع البعض أن تشهد مقاطعة واسعة، خمسة مرشحين، بينهم بالخصوص رئيس الوزراء الأسبق علي بنفليس، وعبد المجيد تبون. مجرد وعود وبالنسبة لعائشة (متقاعدة)، فإن الاقتراع "سيكون الانتخابات الرئاسية الأهم منذ الاستقلال في مستوى نسبة المقاطعة". وقالت قريبتها مليكة بن عبد الرحمن، وهي أيضا متقاعدة: "كيف يمكن أن نصوت على مرشحين كلهم من أبناء النظام؟"، مضيفة: "أيا كان المرشح في النهاية، فإن برنامج بوتفليقة هو الذي سيمر، أي وعود، مجرد وعود لن يتم الوفاء بها". كذلك اعتبر الستيني كمال بن محمد أن "هذه الانتخابات ليست سوى (موسى الحاج..الحاج موسى). فجميع المرشحين هم من دائرة بوتفليقة". وأضاف متسائلا: "أليس بنفليس من حظر التظاهر في العاصمة الجزائرية (2001) في عهد بوتفليقة؟ أليس (عز الدين) ميهوبي (رئيس أحد الأحزاب التي دعمت بوتفليقة) من كان يدعم تصريحاته قبل بدء حركة الاحتجاج؟". واعتبر أن جميع المرشحين ينتمون إلى "النظام ذاته (...) على حساب الشعب". وككل أسبوع، نزل العديد من المتظاهرين إلى العاصمة عشية التظاهر لتفادي حواجز الدرك التي تبطئ أو تعطل حركة المرور عند مداخل العاصمة. ورأى المهندس يسن (25 عاما) أن "عالمين متوازيين سيتواجهان في 12 ديسمبر. أغلبية الشعب ضد انتخابات رئاسية ينظمها النظام، ونظام يريد تجديد نفسه من خلال اكتساب شرعية عبر انتخابات وهمية ينظمها مزيفون".