تجمعت حشود ضخمة في وسط العاصمة الجزائرية، اليوم الجمعة، رغم عمليات توقيف عدة، معبرة عن رفضها للحوار الذي اقترحه قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح. ويصادف يوم الجمعة، وهو الخامس عشر على التوالي من التظاهرات التي تدعو إلى تغيير النظام السياسي، آخر جمعة في شهر رمضان، حيث لم تضعف التعبئة رغم التعب بسبب الصيام. في وقت مبكر بعد الظهر، غصت شوارع وسط الجزائر بالمتظاهرين. وامتدت المسيرة الضخمة إلى عدة شوارع حول نقطة التجمع الأسبوعية، البريد المركزي، منذ يوم الجمعة الأول من الاحتجاج في 22 فبراير، إلى ساحة الشهداء على بعد مسافة 1.5 كلم. ومن المستحيل تقييم أعداد المتظاهرين في غياب الإحصاء الرسمي، لكن الحشود بدت ضخمة في العاصمة. ورفع محتجون صور كمال الدين فخار، الذي كان ينفذ إضرابا عن الطعام منذ حبسه احتياطيا في 31 مارس بتهمة "الاعتداء على المؤسسات"، وكان أمضى عامين في السجن بين 2015 و2017 بعد إدانته ب"المساس بأمن الدولة". واعتبرت منظمة العفو الدولية وفاة الناشط بأنها "عار" على الجزائر، مشيرة إلى أن سجنه "التعسفي وغير القانوني" مرتبط بما كان ينشره على شبكات التواصل الاجتماعي. وسارت تظاهرات كبيرة في وهران وقسنطينة وعنابة، ثاني وثالث ورابع أكبر مدن البلاد، وفقا لعدد من الصحافيين المحليين. ورفع المحتجون شعارات منها "لا انتخابات مع عصابة الحكم"، و"لا حوار مع العصابة والنظام"، معبرين بذلك عن رفضهم لرموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. ويبدو من الصعب تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليوز، التي لم تشهد ترشح وجوه ذات وزن، إضافة إلى رفضها من المحتجين. وكان الفريق أحمد قايد صالح، الرجل القوي في الجزائر منذ استقالة بوتفليقة، دعا إلى "تنازلات متبادلة" في إطار "حوار" لم يحدد شكله، ولم يشر إلى موعد الرابع من يوليوز، لكنه استمر في المطالبة بتنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال. "لا حوار ولا انتخابات" ومن المقرر أن ينظر المجلس الدستوري قبل الخامس من يونيو في صحة ملفين اثنين فقط لمرشحين للانتخابات الرئاسية؛ لكن يبدو من غير المرجح أن تتوافر فيهما الشروط المطلوبة، وخصوصا جمع تواقيع 600 مسؤول منتخب أو 60 ألف ناخب. ويرى قادة حركة الاحتجاج غير المسبوقة المطالبين برحيل جميع رموز النظام، وبينهم قايد صالح، أن هدف الاقتراع هو الحفاظ على النظام الحاكم. وكتب على لافتة رفعها أحد المتظاهرين: "لا حوار ولا انتخابات، بل (مجلس) تأسيسي". وكان تم صباح الجمعة توقيف نحو خمسين شخصا معظمهم من الشباب، بدون سبب محدد على ما يبدو، بأيدي شرطيين باللباس المدني أو الزي العادي، انتشروا حول ساحة البريد المركزي، حسب صحافية من وكالة فرانس برس. وطلب الشرطيون بطاقات الهوية والهواتف من المعنيين قبل تفتيشهم وإدخالهم عربات الأمن. وغادرت أربع عربات على الأقل وقد ضاقت بالموقوفين. "عصابة مافيا" وتراجعت عمليات التوقيف مع تزايد عدد المتظاهرين في وسط العاصمة. وتمكن محتجون من منع شرطيين من اعتقال مزيد من الأشخاص. وعبر الكثير من الموقوفين عن احتجاجهم، مؤكدين أنهم لم يقترفوا أي ذنب لتوقيفهم. وهتف متظاهرون: "نهبتم البلاد يا عصابة المافيا". ويتظاهر الجزائريون منذ 22 فبراير كل يوم جمعة في العاصمة وغيرها من المدن للمطالبة بتغيير "النظام" السياسي.