بتاريخ 27 أكتوبر 1955، راسلت المنظمة السرية التي تحمل اسم "الهلال الأسود" الباشا الڭلاوي تطلب منه أن يحرص على إرجاع محمد الخامس إلى عرشه إذا أراد التكفير عما ارتكبه باصطفافه ضده، خاصة وأن قرابة 270 من الباشوات والقواد أعلنوا في 21 ماي 1953 أنهم "تحت رئاسة سعادة الباشا الهمام السيد الحاج التهامي المزواري الكلاوي". وبحسب وثيقة نشرها عبد الصادق الڭلاوي في كتابه "أبي الحاج التهامي الڭلاوي: الأوبة"، فإن هذه المنظمة السرية التي تأسست سنة 1953 لمقاومة المستعمر الفرنسي، كتبت للڭلاوي الذي خاطبته ب"سعادة باشا مراكش الفاضل المحترم السيد الحاج التهامي المزواري"، لمطالبته بالتدخل لإرجاع السلطان إلى عرشه. تكفير عن الذنب قال مرسل هذه الوثيقة: "أُحطنا علما بما صرحت به يوم الثلاثاء على الساعة الرابعة والنصف مساء، ونحن نشكرك على ما ذكرته في حق سلطاننا الشرعي سيدي محمد بن يوسف، ونبشرك بتكفير نصف ذنبك بهذا العمل الشريف". وأضاف: "لكن مع ذلك، فإن السواد الأعظم من المغاربة لن يقتنع أو يثق بما صرحت به، لذلك نطلب من سعادتك أن تحرص على إرجاع سيدي محمد بن يوسف إلى عرشه في أثناء هذا الشهر الآتي، أي شهر نونبر، ليتمكن جلالته من قضاء يوم 18 نونبر 1955 على عرش أجداده الكرام". وزادت الوثيقة قائلة: "وبهذا فستكون قد خطوت خطوة أخرى في التفكير عن ذنبك، أما آخر خطوة تخطوها لإلغاء ما دبرته ضد ملكنا فهي: توجهك إلى سيدي محمد بن يوسف حين يرجع إلى عرشه بالرباط، وطلبك المسامحة منه مع هدية فاخرة له إن أردت". "الهلال الأسود" التي اتخذت لها رمز المسدس والهلال، والتي تمت تصفية أغلب أعضائها، بحسب باحثين في تاريخ المقاومة، ختمت رسالتها إلى باشا مراكش قائلة: "نحن متأكدون أنك ستفعل كل ما نشير به عليك، ولك منا جزيل الشكر والسلام". تصريح الڭلاوي أما المقصود بعبارة "ما صرحتَ به يوم الثلاثاء" التي جاءت في هذه الوثيقة، فهو التصريح الذي أدلى به الباشا الڭلاوي يوم الثلاثاء 25 أكتوبر 1955، بعد زيارته لمجلس العرش، حيث قال فيما يشبه الردة: "إن زيارتي لأعضاء مجلس العرش لا يلزم أبدا أن تؤول على أنه اعتراف من جانبي بهذا المجلس الذي لم أكف عن إنكار مشروعيته". ثم أضاف: "إنني لأشعر بفرحة الشعب المغربي قاطبة بعودة جلالة الملك سيدي محمد بن يوسف إلى فرنسا. وأنا أشاطر الأمة المغربية أمنيتها في العودة السريعة لسيدي محمد بن يوسف إلى العرش، فهو وحده الكفيل بتوحيد العقول والقلوب في نظام وانتظام". وزاد الڭلاوي الذي توفي يوم 23 يناير 1956: "إنني أغتنم هذه المناسبة لأعبر عن امتناني وامتنان المغرب قاطبة لفرنسا وللفرنسيين، الذين ساعدوا المغاربة على بلوغ المرحلة التي نشهدها اليوم المتمثلة في انحلال الأزمة التي عاشها بلدنا العزيز". صداقة المغرب وفرنسا ولم يفت الباشا الڭلاوي الذي أخرج هذه الورقة وقال لابنه "خذ يا عبد الصادق اقرأ عليهم التصريح"، بحسب ما جاء في كتاب "الأوبة"، أن يعلن تشبثه بالصداقة الفرنسية المغربية بقوله: "فمن اللازم المحافظة على الصداقة التي تربط فرنسا بالمغرب بأي ثمن، وليس في نية أحد قبول أن تتعرض مصالح فرنسا في هذا البلد للنكران". كما أكد هذا التوجه بقوله: "إن طموحي يدخل ضمن طموحات الأمة المغربية قاطبة المتمثلة في استقلال بلادي في إطار من الترابط بينها وبين فرنسا". وختم ابن تلوات تصريحه بالقول: "أبتهل إلى الله عز وجل أن تكون هذه الوحدة الصادقة لمطالب المغاربة فاتحة مرحلة من السلم والازدهار للجميع، وأن تُساهم في وضع الحد النهائي لفترة الاضطرابات العديدة التي كان ضحيتها الكثير من الفرنسيين والمغاربة".