تصريحات تبون تؤكد عزلة الجزائر عن العالم    ترامب يصفع من جديد نظام الجزائر بتعيين سفير في الجزائر يدعم الموقف المغربي في نزاع الصحراء    وهبي: مشروع قانون المسطرة الجنائية ورش إصلاحي متكامل له طابع استعجالي    انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك لسنة 2024 وتأثيراته الاقتصادية    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    حماس تنعى منفذ عملية تل أبيب المغربي حامل البطاقة الخضراء الأمريكية وتدعو لتصعيد المقاومة    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    مراكش/أسفي: إحباط محاولة تهريب تسعة أطنان و 800 كيلوغراما من الشيرا وتوقيف 6 أشخاص    تنفيذا للتعليمات الملكية.. تعبئة شاملة لمواجهة موجة البرد في مناطق المملكة    فرنسا تسعى إلى توقيف بشار الأسد    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    بنما تشتكي ترامب إلى الأمم المتحدة    الكشف عن النفوذ الجزائري داخل المسجد الكبير بباريس يثير الجدل في فرنسا    الدريوش تؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للمضاربات في سعر السردين    عادل هالا    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    وزارة التربية الوطنية تبدأ في تنفيذ صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور موظفيها    كيوسك الأربعاء | الحكومة تنهي جدل اختصاصات كتاب الدولة    خديجة الصديقي    الوزير بركة ونظيره الفلسطيني في لقاء ثنائي لتعزيز التعاون    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    نقاش مفتوح مع الوزير مهدي بنسعيد في ضيافة مؤسسة الفقيه التطواني    توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمملكة المغربية    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    الكنبوري يستعرض توازنات مدونة الأسرة بين الشريعة ومتطلبات العصر    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي    ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    الكاف : المغرب أثبت دائما قدرته على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    "سبيس إكس" تطلق 21 قمرا صناعيا إلى الفضاء    "حماس": منفذ الطعن "مغربي بطل"    "البام" يدافع عن حصيلة المنصوري ويدعو إلى تفعيل ميثاق الأغلبية    كأس أمم إفريقيا 2025 .. "الكاف" يؤكد قدرة المغرب على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    الدفاع الجديدي ينفصل عن المدرب    توقيع اتفاق لإنجاز ميناء أكادير الجاف    اليوبي يؤكد انتقال داء "بوحمرون" إلى وباء    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    أنشيلوتي ينفي خبر مغادرته ريال مدريد في نهاية الموسم    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    الغازوال والبنزين.. انخفاض رقم المعاملات إلى 20,16 مليار درهم في الربع الثالث من 2024    تشيكيا تستقبل رماد الكاتب الشهير الراحل "ميلان كونديرا"    المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تقاعد البرلمانيين غير دستوري؟
نشر في هسبريس يوم 19 - 11 - 2019

في الوقت الذي كان من المفروض أن ينصب فيه النقاش العمومي حول دستورية القانون المتعلق بتقاعد البرلمانيين، عملت بعض الأصوات من داخل البرلمان ومن داخل الطبقة السياسية على تحريف النقاش، وإلباسه لبوسا اجتماعيا وسياسيا وقانونيا بعيدا عن جوهر الموضوع، وعن سؤاله الدستوري الحاسم. هل يحق للبرلماني أن يستفيد من التقاعد؟ فقد روج البعض، بشكل مثير للشفقة، أن بعض البرلمانيين يعيشون ظروفا صعبة، وبالتالي ينبغي تأمين مستقبلهم وضمان "حقهم" في المعاش. وروج البعض الآخر أن قانون التقاعد يفترض توافقا سياسيا بين الفرق البرلمانية في محاولة لتمرير نسخته الجديدة، فيما روج آخرون أن الأمر يتعلق بمكتسب ينبغي حمايته ضمانا لمصلحة الجميع.
والواقع أن قانون التقاعد الموروث عن سنة 1993 (المعدل سنة 2006)، والمسمى "نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب"، هو قانون غير دستوري تم تمريره بتواطؤ بين الحكومات المتعاقبة والبرلمانيين والطبقة السياسية التي توافقت حوله. وهو قانون مخالف لمقتضيات الدستور في الجوهر، وغير شرعي يخالف مفهوم المصلحة العامة، ومبدأ التساوي أمام القانون. بل إنه يتعارض حتى مع اختصاصات ووظائف التشريع البرلماني.
واليوم، حيث يتجدد النقاش بشأن نظام معاشات البرلمانيين بعد إفلاس صندوقه، ومحاولة تمريره في نسخة جديدة تحت مسميات عديدة، وتأويلات مختلفة، يقتضي الأمر التنبيه إلى ما يلي:
1. إننا بصدد تمييز دستوري بين فئات المجتمع. وعوض أن يلتزم البرلمان بسن قانون يضمن التقاعد لفئات عريضة من المجتمع لا تستفيد أصلا من نظام التقاعد، يجتهد النواب البرلمانيون من أجل تمرير قانون لمصلحتهم. وهو ما يتعارض أصلا مع المبدأ الدستوري المتعلق بالتساوي أمام القانون (الفصل 31 من الدستور).
2. كما أن الأمر لا يتعلق بحق من حقوق البرلماني، ولا بمكتسب قانوني، لأننا إزاء قانون يتعارض مع أحكام الدستور. وما بني على باطل فهو باطل. وبالتالي، فالنقاش حول عدم رجعية القانون نقاش غير سليم. كما أن النقاش حول الأوضاع الاجتماعية للبرلمانيين نقاش يستبلد الرأي العام؛ فالبرلماني ليس موظفا يستحق المعاش بعد تقاعده. والموظف يخضع للحقوق والواجبات التي ينظمها القانون باعتباره أجيرا يؤدي وظيفة في إطار المرفق العام، وتعمل الدولة على تأمين تقاعده بناء على المساهمة المالية التي كانت تقتطع من أجره خلال مدة عمله، وبناء على مساهمة الدولة التي ينظمها القانون.
أما البرلماني فهو يضطلع بصفة ممثل نيابي يؤدي مهمة سياسية تمثيلية بموجب الانتخابات، والتعاقد يجري بينه وبين المجتمع، وبينه وبين حزبه السياسي، ومهمته هي التشريع لفائدة المجتمع وليس لفائدة مهامه التي تعتبر في الأصل وظيفة وليس مهنة، ولا يتقاضى عليها أجرا؛ لأن ما يصرف له كتعويض شهري عن المهام يصرف له من أموال الشعب ودافعي الضرائب، ولا يجوز دستوريا أن يشرع البرلماني لنفسه قانونا للتقاعد مؤدى عنه من جيوب المواطنين، ومن خزينة الدولة.
3. ومن جانب آخر، فإن التشريع القانوني لتقاعد البرلمانيين لا يدخل في المهام التشريعية للبرلمان، وهي المهام المحصورة في الفصل 71 من الدستور (الحقوق والحريات- نظام الأسرة-المنظومة الصحية-السمعي البصري-العفو العام-الجنسية-الجرائم والعقوبات-التنظيم القضائي-المسطرة المدنية والجنائية-نظام السجون-الوظيفة العمومية-الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين-نظام حفظ الأمن-نظام الجماعات الترابية-النظام الانتخابي-النظام الضريبي-قانون إصدار العملة ونظام البنك المركزي-نظام الجمارك-قانون الشركات والتعاونيات-أنظمة الملكية-نظام النقل-علاقات الشغل والضمان الاجتماعي-نظام الأبناك والتأمين والتعاضديات-تكنولوجيا الاتصال والمعلومات-التعمير-تدبير البيئة-نظام المياه والغابات والصيد-التعليم والبحث العلمي والتكوين المهني-تأميم المنشئات ونظام الخوصصة).
وفي كل هذه الاختصاصات التشريعية لا يوجد شيء اسمه "نظام معاشات البرلمانيين" باستثناء تنصيص الدستور على "الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين"، والطبقة البرلمانية لا تدخل في هذه الخانة.
4. وفي السياق ذاته، لا يمكن التشريع لقانون يضمن تقاعدين اثنين كما هو الحال بالنسبة لوضعية البرلماني الموظف؛ فهل يجوز أن يستفيد من تقاعد عن مهنته الأصلية وتقاعد ثان عن البرلمان مؤدى عنهما من قبل الدولة؟ ولو افترضنا أن البرلمانيين يرغبون في تأمين معاشهم، سواء كانوا موظفين عموميين أو رجال أعمال أو أصحاب مهن حرة أو فلاحين أو تجارا، يمكنهم تحقيق ذلك مع شركات تأمين عبر مساهماتهم الخاصة، وليس على حساب نفقات الدولة. فالدستور لا يعطي امتيازا لفئة على حساب أخرى، ويصرح في فصله 39 على أن "الجميع يتحمل كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية".
إن هذه العناصر مجتمعة تؤكد أن قانون معاشات البرلمانيين قانون غير دستوري، ولا شرعية له. ليس فقط لكونه امتيازا خارج مقتضيات القانون بل لأنه يتعارض أصلا مع المهام والاختصاصات الدستورية الموكولة للبرلمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.