انتعاشٌ جديدٌ حقّقه اليمين المتطرّف في الانتخابات التّشريعية الإسبانية، بعدما تمكّن من حصد مقاعد جديدة في البرلمان، ليصبحَ ثالث أقوى حزب في البلاد، بعد الاشتراكيين الذين حقّقوا معظم المقاعد، وحزب الشّعب المحافظ الذي حلّ في المرتبة الثانية. وأعطت الانتخابات الإسبانية التي تجري في ظروف سياسية "دقيقة" الأفضلية لحزب "فوكس" اليميني المتطرّف المعادي للمهاجرين، وهو ما يكرّسُ زحْفَ المجموعات الشعبوية على المشهدِ العامِ في الجارة الشّمالية، بعد تصدرها النّتائج في عدد من الأقاليم والمقاطعات. وفاز حزب الاشتراكيين الحاكم في إسبانيا بمعظم المقاعد في الانتخابات، لكنه أخفق في تأمين أغلبية، في وقت أحرزت أحزاب اليمين مكاسب كبرى. وحلّ حزب الشعب في المرتبة الثانية، كما تمكن حزب فوكس اليميني المتطرف من مضاعفة عدد مقاعده ليصبح ثالث أقوى حزب في البلاد. وتوصّل "الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني" وتحالف "أونيدو بوديموس" (متحدون نستطيع) اليساري، اليوم الثلاثاء، إلى اتفاق من أجل تشكيل حكومية ائتلافية في إسبانيا بعد الانتخابات العامة التي أجريت الأحد الماضي، حسبما ذكرت وكالة "إفي" الرسمية. وكانتْ مُعظم استطلاعات الرّأي تكرّس تفوّق الأحزاب اليمينية المتطرّفة على حسابِ باقي المكوّنات السّياسية الأخرى التي يبدو أنها ماضيةٌ في خسارة مزيد من الأصوات، خاصة مع تصاعد المدّ القومي وانكماشِ دورِ القوى التقليدية. ويأتي كلّ هذا وسطَ مخاوف من أنْ تطالَ تداعيات هذا الزّلزال "الانتخابي" الجاليات العربيّة عامة؛ والمغربية على وجه الخصوص. ويرى الخبير في العلاقات الدولية سعيد الصديقي أنّ "هذا الصّعود المضطرب لليمين المتطرّف في المشهد الإسباني لن يؤثّر على حجم العلاقات بين الرباط ومدريد، لأن الجار الشّمالي في حاجة إلى المغرب، سواء حَكم الاشتراكيون أو الليبراليون، أو حتى في حالة بلوغ اليمين المتطرّف سُدّة الحكم". ويضيفُ الصديقي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ "إسبانيا تمثّل الشرّيك الاقتصادي الأول للمغرب، ولا يمكنها أن تفرّط في حليف إستراتيجي بمبررات سياسية وأهداف إيديولوجية ضيقة"، مبرزاً أنّ "المصالح العليا الوطنية هي التي تتحكم في العلاقات بين إسبانيا والمغرب وليست الحكومة والأحزاب". واسترسل الخبير المغربي في تحليله لأبعاد العلاقات المغربية الإسبانية على ضوء نتائج الانتخابات التشريعية: "اليمين المتطرف في إسبانيا يعتمد قراءة ضيقة لقضايا اللجوء والهجرة، ويريد اعتماد قوانين متشددة ضد المهاجرين، لكن يبقى وصوله إلى الحكم بعيد المنال في ظلّ تقدّم الاشتراكيين واليمين المحافظ".