يعتبر إقليمسطات عاصمة الشاوية المعروفة بتربة "التيرس" الخصبة والصالحة للإنتاج الفلاحي، خاصة زراعة الحبوب والأشجار المثمرة كالزيتون والرمان وتربية الماشية على مستوى قبائل بني مسكين وأولاد سيدي بن داوود وأولاد بوزيري وأولاد سعيد والمزامزة وقبائل مزاب، مع ممارسة بعض الأنشطة التجارية البسيطة، فضلا عن الاعتماد على عائدات الهجرة الخارجية. وأمام نقص التساقطات وعدم انتظامها أحيانا، وهو ما يؤدي إلى قلة الإنتاج على مستوى الفلاحة البورية، اتّجه العديد من الفلاحين إلى الزراعات السقوية البديلة، التي صارت منتشرة بنواحي مدينة سطات، كغرس نبتة "الشيبة" والنعناع والجزر وأشجار الزيتون. هسبريس زارت مناطق عدّة بنواحي سطات كأولاد سعيد وأولاد بوزيري وبني مسكين، حيث لاحظت حقول "الشيبة" المنتشرة على جوانب الطريق، والفلاحون يقومون بتنقيتها وسقيها وتسميدها، في انتظار المشترين، بالجملة أو التقسيط، قصد تسويقها في الإقليم أو بأسواق المدن الكبرى كالدار البيضاء وسلا وغيرهما. أحد المزارعين، الذين صادفتهم هسبريس بمنطقة أولاد بوزيري وهو منهمك في سقي "الشيبة"، أوضح أن عملية تنقيتها من الأعشاب اليابسة تبدأ من أواخر شهر غشت وكذا شهر شتنبر، في انتظار الزبائن، أو قطفها ونقلها إلى الأسواق، مشيرا إلى أهمية العائدات التي يجنيها من نبتة "الشيبة" مقارنة بزراعات أخرى كالرمان الذي يحتاج الكثير من المياه. جمعويون ينشدون تطوير الإنتاج عبد الرحيم جدار، وهو فاعل جمعوي في المجال الفلاحي بأولاد فريحة عين بلال، قال في تصريح لهسبريس إن ما يثير الانتباه هو أن أغلب سكان الجماعات الترابية يعيشون من الفلاحة وتربية الماشية وبعض الحرف البسيطة، مشيرا إلى أن المنطقة التي ينحدر منها، والمتمثلة في جماعتي عين بلال وأولاد فريحة بعد تقسيمهما، تتميز بمناخ جاف، وتتضرّر بقلّة التساقطات، إضافة إلى فقر التربة الذي يؤثر على المردودية. وأضاف جدار أن منطقة بني مسكين- خصوصا جماعتي عين بلال وأولاد فريحة- لم يعد بإمكان فلاحيها الاعتماد على الزراعة البورية كالحبوب والقطاني، بسبب قلة التساقطات وجفاف الآبار، خاصة في فصل الصيف، وضعف المردودية بسبب كثرة المصاريف. وحول انتشار الزراعات البديلة بالمنطقة، قال الفاعل الجمعوي ذاته إن الفلاحين أصبحوا يفضلون ممارسة أنشطة فلاحية ملائمة لخصوصيات المنطقة، وتقاوم العطش وتحتاج إلى كمية قليلة من الماء خلال المنزلة المعروفة عند الفلاحين ب"الليالي"، حيث تكون الآبار تتوفر على الماء، ولخّص ذلك في الاعتماد على نبتة "الشيبة" نظرا لفوائدها الكثيرة. وأوضح جدار أن "الشيبة" تعرف انتشارا كبيرا بإقليمسطات، خصوصا باثنين الثوالث، ومشرع بن عبّو، وخميس سيدي امحمد بن رحال، وأولاد بوزيري عامة، وكذا أولاد فريحة، وعين بلال ببني مسكين، وغيرها من الجماعات المنتشرة بعاصمة الشاوية. وبخصوص المشاكل التي يعانيها مزارعو نبتة "الشيبة" الذين ينشطون بنواحي سطات، قال جدار إنها تتمثل في التسويق وقلة الدعم أمام ضعف ثمن المنتوج، نظرا إلى أهميته في السوق الداخلي، أو تصدير هذه النبتة إلى الخارج، واستغلالها في استخلاص مواد عدّة عن طريق التقطير. وطالب الفاعل الجمعوي ذاته الجهات المعنية بتثمين منتوج "الشيبة"، والعمل على تطوير و"عصرنة" تعاطي الفلاحين مع هذه النبتة، مقترحا إنشاء وحدات للتجميع والصناعة ودعم تأطير الفلاحين ومساعدتهم على خلق تعاونيات، معتبرا ذلك الحل الوحيد لإنقاذ الساكنة وتطوير القطاع، وهو ما سيعود بالربح الكبير على الجميع، يضيف جدار. مديرية الفلاحة: الباب مفتوح لدعم التنظيمات المهنية وفي تصريح لهسبريس، قال محمد المقدمي، المدير الإقليمي للفلاحة بسطات، إن المديرية الفلاحية بعاصمة الشاوية تفتح أبوابها للجميع، إلى جانب باقي المتدخلين كالمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية بالإقليم، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، كل حسب اختصاصاته. وأضاف أنهم رهن إشارة جميع الفلاحين وكل المعنيين، قصد تقديم الإيضاحات والإرشادات، والتحسيس، وتتبع الملفات والمساعدات لخلق المشاريع التنموية ودراستها في عين المكان، ودعم شراء المعدّات في إطار المخطط الأخضر. وأوضح الممثل الإقليمي لقطاع الفلاحة بالشاوية أن إعانات الفلاحين في إطار المخطط الأخضر كثيرة، كدعم السقي بالتنقيط والتجهيز والتشجير وإنشاء وحدات التبريد والتجميع والتخزين وتنقية الأراضي الفلاحية من الأحجار وإحداث الإسطبلات وغيرها من التحفيزات لتثمين المنتوجات، مشيرا إلى أن ذلك يتم وفق مسطرة سهلة ترمي إلى الرفع من المردودية لتحريك الاقتصاد في شتى الميادين. وحول انتشار الزراعات البديلة بإقليمسطات كنبتة "الشيبة"، أوضح المقدمي أن ذلك يعود إلى الأرباح التي يجنيها الفلاحون من مثل هذه الزراعات، مقترحا أن ينخرط الفلاحون المهتمون بغرس "الشيبة" وباقي الزراعات الأخرى في تنظيم مهني، كالتعاونيات مثلا، للرفع من المردودية، وتحقيق مزيد من الأرباح مقارنة بالعمل الفردي، مؤكّدا أن أبواب الإدارة مفتوحة في وجه الفلاحين وكل المهتمين والشركاء لإرشادهم ومساعدتهم.