بآمالٍ عريضةٍ، مضى مغاربة كندا، يوم الإثنين الماضي، إلى صناديق الاقتراع، لتجديدِ الثّقة في الحزب الليبرالي الكندي، الذي يترأسه جاستن ترودو، والذي فاز في هذه الاستحقاقات الانتخابية بأغلبية ضئيلة داخل البرلمان الفيدرالي. وحصلَ الليبراليون الكنديون على 157 مقعداً من إجمالي 338 مقعداً، بينما حلَّ المحافظون في المرتبة الثانية ب121 مقعداً، واحتل حزب الكتلة الكيبيكية المرتبة الثالثة ب32 مقعداً، وخلفهم مباشرة حزب الديمقراطيين الجدد ب25 مقعداً، وحصد حزب الخضر لأول مرة في تاريخه 3 مقاعد، إذ اكتفى في انتخابات 2015 و2011 بمقعد وحيد. وشهدت الاستحقاقات الفيدرالية الكندية مشاركة مهمّة للجالية المغربية التي تتطلّع لولاية ثانية يفوز بها رئيس الوزراء، جاستن ترودو، الذي يحظى بشعبية كبيرة وسط المهاجرين، ويأملُ خلال الولاية المقبلة أن يجعل من هذا الرّهان الجديد "فرصة لتعزيز حضور المهاجرين في المجتمع الكندي". مشاركة محدودة وفي السّياق، قال الأستاذ الباحث في جامعة شيربورك الكندية هشام معتضد إنّ "المشاركة المغربية في الانتخابات الكندية كانت على العموم جيدة، ولكن جد محدودة على مستوى الوزن السياسي والخريطة السياسية الكندية"، مضيفاً أنّ "هناك ديناميكية وانخراطا سياسيا مكثفا على مستوى بعض الدوائر السياسية في مدينة مونتريال". وأضاف معتضد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ "بعض الفاعلين الجمعويين والسياسيين من أصل مغربي حرصوا على خلق نوع من التفاعل الإيجابي داخل الجالية المغربية للتشجيع على الانخراط في هذه العملية السياسية لإيصال صوت الجالية إلى بعض المنتخبين". وأوضح الباحث المغربي المقيم في كندا أن "الجالية المغربية عبرت عن مساندتها الفعلية للحزب الليبرالي الكندي الذي يترأسه جاستن ترودو، والذي فاز في هذه الاستحقاقات الانتخابية بأغلبية ضئيلة داخل البرلمان الفدرالي"، وأضاف: "علاقة المهاجرين عمومًا، والمغاربة خاصة، بالحزب الليبرالي، قوية وإستراتيجية، إذ إن معظم المرشحين يعتمدون على أصوات المغاربة". أما على مستوى التمثيلية السياسية داخل البرلمان الفدرالي، يلاحظ معتضد أن المواطنين من أصل مغربي لم يستطيعوا ضمان أي مقعد داخل هذه المؤسسة السياسية، على غرار تواجدهم في المؤسسات التمثيلية على مستوى البلديات والمؤسسة التشريعية لمقاطعة كيبك. تمرين ديمقراطي في سياق ذي صلة، أكّدت الدكتورة فيروز فوزي، الباحثة في شؤون الهجرة، أنّ "الانتخابات أسْفرت عن إعادة انتخاب التيار الليبرالي في شخص "تريدو""، مضيفة: "معلوم أن كندا يتنازعها جناحان سياسيان هما: المحافظون والليبراليون، هذا دون احتساب تيار الخضر، وهو ضعيف إلى حد ما، لكنه يساهم في العملية السياسية". وزادت أستاذة مادة سوسيولوجيا الهجرة بجامعة كيبيكبمونتريال أنّ "ترودو حازَ أغلبية مريحة نظرا لما يتميز به برنامجه السياسي من احترام كبير للأقليات اللاتينية والعربية وغيرها، إذ تجاوب المغاربة معه في مواجهة اليمين المحافظ، الذي وضع قانون 21 ضد الحجاب والرموز الدينية وباقي أشكال التعبير القومي لسكان كندا المهاجرين على الخصوص". وأشارت فوزي إلى "التمرين الديمقراطي في الحملة الانتخابية التي كانت بهيجة على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ومحطات المترو لنيل أصوات "البلوك كيبيكوا"، وهم المواطنون الأصليون الذين يتكلمون الفرنسية "le peuple de souche" ويدل عليهم الرمز الأزرق من العلم الكندي، في مقابل الفيدراليين الذين يمثلون اللون الأحمر من العلم نفسه". وأردفت الباحثة بأنّ "الكنديين اليوم كسكان أصليين أو مواطنين من الدرجة الثانية يعيشون هاجس التعايش والخوف من فقدان الهوية"، مبرزة أنّ "الهوية لا تعني شيئا في التصور والقانون والخطاب والممارسة سوى أمر وحيد هو المشاركة التي لا تعني شيئا آخر سوى تفعيل حصاد نتائج بناء الديمقراطية".