هل كان تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، متحاملاً على مصالح المغرب؟ هل تعمّد مدبّجو التّقرير المرتقب عرضهُ أمام مجلس الأمن نهاية الشّهر غضّ الطّرف عن التزامات المملكة، خاصة في مجال حقوق الإنسان في الصّحراء؟ ثمّ لماذا لم يشر الأمين العام إلى الآلية الوطنية والجهوية لحقوق الإنسان في تقريره الأخير؟ هل هو تغييب مقصود؟. هذه أوّل مرة يغفلُ فيها الأمين العام للأمم المتحدة الحديث عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتباره آلية وطنية لحماية حقوق الإنسان في تقريره حول الحالة في الصحراء، الذي قدّمه لمجلس الأمن قصد مناقشته في إطار الاستعداد لاستصدار قرار حول الملف نهاية الشهر الجاري. واسْتغرب مهتمّون بقضايا حقوق الإنسان غياب أيّ إشارة إلى الهيئة الحقوقية الدستورية والدّور الكبير الذي تلعبه في الصّحراء، وهو مؤشّر يعطي انطباعاً سلبياً ويحمل عدّة تأويلات حول طبيعة ومضمون التّقرير النّهائي الذي سيتمّ عرضه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الصّحراء. تحوّل خطير يعتبر عزيز إدامين، الخبير الدولي في حقوق الإنسان، أنّ هذا "أول تقرير يأتي خاليا من ذكر أدوار هذه المؤسسة في الحماية والنهوض بحقوق الإنسان منذ سنة 2012"، معتبراً الأمر "تحولاً خطيراً وجب الرجوع إلى أسبابه، باعتبار القانون الدولي يقر بأنه في حالة وجود آليات انتصاف وطنية تنتفي المطالب حول ضرورة سن آلية انتصاف دولي". ومن الإشارات الخطيرة التي وردت في التقرير، حسب إدامين، "وجود ثغرات في نظام الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان". والمقصود من هذه الملاحظة، حسب الخبير، أن "الإجراءات الوطنية المتعلقة بتلقي الشكايات نظام غير فعال وضعيف". ويشير الخبير ذاته إلى أنّ "القانون الدولي يعتمد على قاعدة أساسية تتعلق بضرورة وجود آليات انتصاف وطني وإلا تم اللجوء إلى آليات دولية". وفي حالة المغرب، يردفُ إيدامين، فإن "المجلس الوطني لحقوق الإنسان يقدم كآلية انتصاف محلية ناجعة". ويبرز الخبير في مجال حقوق الإنسان أنّ "هذا الطرح كان له صدى لدى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن في ما قبل، وهو ما جعل مطلب توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان لا يحظى بقبول من طرف المنتظم الدولي"، وزاد مستدركا: "الآن وبعد أن عبر الأمين العام عن أن هذه الآلية غير ناجعة وبها ثغرات، علينا التساؤل عن الأسباب". فعل مقصود من جهته، ينطلقُ الباحث والحقوقي نوفل البعمري من فكرة مفادها أنّ "غياب أيّ إشارة إلى الآلية الوطنية لحقوق الإنسان، سواء الجهوية أو الوطنية، في الفقرة المتعلقة بحقوق الإنسان، هو فعلٌ مقصود ومتعمّد من أجل تمرير توصية تتعلق بعدم وجود آلية مستقلة لحماية حقوق الإنسان". ولا ينكر الحقوقي ذاته تضمُّن التّقرير الجديد "نوعا من الإشارات الإيجابية للمغرب، خاصة على مستوى تأكيده على معايير الحل كما تم إقرارها في القرارين السابقين 2440 و2468"؛ لكنّه يؤكد في السّياق ذاته أنّ "العادة جرت أن تتم الإشارة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان كآلية وطنية مستقلة وكمخاطب للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في المنطقة". ونبّه الباحث إلى هذا المعطى من جانبين؛ أوّلاً أنّ "التقرير هو الآن موضوع نقاش أممي وأرضية لصياغة مسودة القرار للتصويت عليها، وهو ما يفرض تحركا عاجلا لتنبيه الأممالمتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى هذا القفز على دور المجلس في المنطقة". التّنبيه الثاني الذي يقدّمه الخبير الحقوقي يرتبط بدعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى إعادة وضع إستراتيجية تواصلية مباشرة ومؤثرة في العلاقة مع الأممالمتحدة ومختلف آلياتها الأممية المعنية بحماية حقوق الإنسان، لضمان عدم التراجع في نقطة اعتماد المجلس كمخاطب محلي ووطني في موضوع حقوق الإنسان، والحفاظ على مختلف المكتسبات السابقة". وأشار البعمري إلى أنّ "التقرير تحدث بلغة شبه يقينية عما سماه حديث تقارير ومعلومات عن حالات انتهاك سماه "منهجيا" لحقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية، بينما جرت العادة في لغة التقارير الدولية أن يتم الحديث عن "ادعاءات"؛ ولا يمكن أن تستند تقارير الأمين العام على معلومات غير محايدة وأحادية".