اشرأبت أعناق المغاربة إلى التشكيلة الحكومية المعدلة التي استقبلها الملك محمد السادس اليوم بقاعة العرش بالقصر الملكي بالرباط، من أجل معرفة الجديد الذي تحمله التركيبة في حلتها الجديدة، وهل استوفت الشروط التي حددت من قبل الجالس على عرش البلاد، وهل يمكنها تلبية آمال قطاعات عريضة من الشعب المغربي. وبالتمعن في الفريق الحكومي الذي أعيدت هيكلته، بعد مخاض ليس باليسير، يتبين من أول وهلة مدى تحقيق هذه التركيبة الجديدة لشرط التخلص من تضخم الحقائب الوزارية، ما كان يفضي في أحايين كثيرة إلى مشاكل في تدبير عدد من القطاعات الوزارية، وهو ما دفع بالكثيرين إلى المطالبة بتشكيلة حكومية "أخف وزنا وأكثر كفاءة". ويرى مراقبون أن الحكومة المغربية الجديدة في نسختها المعدلة تعد مكسبا جديدا للتجربة السياسية والديمقراطية للمملكة، لعدة اعتبارات، أولها أنها حكومة مقلصة ومحدودة الحقائب، بعدد 23 وزيرا فقط، ما يمكن أن يعطي قناعة بكون المغرب لم يسبق له أن توفر على حكومة مماثلة في التاريخ السياسي المعاصر. وعدا مسألة العدد والتقليص من الحقائب الوزارية الذي تميزت به الحكومة المعدلة فإن الملاحظ أكثر في التشكيلة الحكومية الجديدة أنها تعتمد على هندسة حكومية معقلنة وحديثة، إذ تتألف من فريق متجانس يجمع بين التوازن والكفاءة والبعد السياسي، بخلاف سابقتها التي كانت تراعي أكثر مسألة "الحسابات الحزبية والسياسية". ولعل الحكومة في نسختها الجديدة، التي يقودها سعد الدين العثماني، ونالت رضا القصر الملكي، استطاعت أن تولف بين أمرين من الصعب أن يتآلفا في العادة، وهما أن تكون سياسية المشرب وأن تزخر بطاقات وكفاءات في كل قطاع، من أجل مصلحة البلاد والعباد قبل كل شيء، وبغض النظر عن الألوان السياسية المختلفة. وبالتالي، يمكن الحديث في هذا السياق عن كون التشكيلة الحكومية، التي رأت النور اليوم الأربعاء، تتسم بأنها حكومة سياسية بالأساس، باعتبار أنه تم احترام الإطار السياسي المفرز للحكومة، لكنها ترتكز أيضا بشكل واضح على الكفاءات، وهو انفتاح بين هذين المحورين (الالتزام السياسي والخبرة التقنية). وعين العاهل المغربي، مساء اليوم الأربعاء، الوزراء الجدد في النسخة الثانية من حكومة سعد الدين العثماني، التي حملت معها ستة وجوه جديدة يأمل المغاربة أن تضخ دماء حيوية في شرايين الجسد الحكومي الذي تقف أمامه الكثير من التحديات والإشكالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ودام انتظار المغاربة مدة زمنية غير قصيرة لمعرفة الفريق الحكومي الجديد الذي دعا إليه الملك نفسه، إذ طالب ببث دماء جديدة في الحكومة تعتمد على الكفاءة والاستحقاق قبل كل شيء، بهدف إنجاز وتنفيذ المشاريع التنموية المختلفة؛ لكن قبل هذا وذاك من أجل تلبية مطالب الشعب المغربي الذي ينتظر من الحكومة الجديدة الشيء الكثير الكثير.