أزيد من 900 خبير يمثلون المنظومة الصناعية العالمية للفوسفاط يلتئمون في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن كرير، الإثنين، من أجل مناقشة تيمة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، لاسيما ما يتعلق بالبحث العلمي في القطاع، الأمر الذي يفتح جسور التواصل بين الجامعات التي تسهر على إعداد البحوث العلمية لتطوير التكنولوجيات الرقمية في ميدان الصناعات الفوسفاطية، والشركات أو المقاولات الاقتصادية التي بدونها لا يمكن تمويل المشاريع. الملتقى الدولي في حلّته الخامسة يناقش موضوع "التكنولوجيا المبتكرة المحدثة للقطيعة والخلخلة من أجل صناعة فوسفاطية مستدامة"، إذ تتسم النسخة الحالية بكونها تحتفي بأحدث الحلول والتوجهات الجديدة في مجال تثمين الفوسفاط ومشتقاته، من خلال حضور قرابة 85 شركة دولية فاعلة في المنظومة الصناعية للفوسفاط، من قبيل مصنعي ومزودي التجهيزات والآليات، وكذلك الشركات الصاعدة ومصممي التكنولوجيا الجديدة، فضلا عن المعاهد ومؤسسات البحث العلمي، وغيرها. في هذا الصدد، قال البروفيسور غونتر باولي، الاقتصادي البلجيكي الذي أرسى مبادئ مفهوم "الاقتصاد الأزرق"، إن "أهمية الصناعات تتجسد في كونها تجلب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي من شأنه تلبية حاجيات المواطنين، لكن تنبغي علقنة تدبير الموارد الطبيعية بالموازاة مع عملية الاستغلال التي تقوم بها الشركات". وأضاف باولي، خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى الدولي، أن "العالم ينبغي أن يتجاوز الحدود التقليدية المرسومة حاليا من لدن الفاعلين السياسيين، من خلال التفكير في نموذج اقتصادي مُستدام يرتكز على الإبداع بالدرجة الأولى، ما يستلزم وضع حد للمنطق التجاري الذي يحكم المقاولات الاقتصادية". وأوضح صاحب نظرية "Z.E.R.I" الشهيرة على صعيد البحوث العلمية في العالم، التي تعني "مبادرات وأبحاث صفر انبعاثات"، في إشارة إلى المبادرات والبحوث الهادفة إلى القضاء على التلوث، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المغرب يتملّك وعياً كبيرا من أجل تقييم نموذجه الاقتصادي السائد في الظرفية الراهنة، لكن يجب العمل على تغييره في المرحلة اللاحقة". ويتطرق "سيمفوس 2019" لمجموعة واسعة من المواضيع، مع تركيز خاص على الأسمدة والمخصبات الذكية، إلى جانب تكنولوجيات القطيعة والخلخلة، والبيئة والاستدامة؛ فضلا عن الاقتصاد الدائري وتتويج العمليات والموارد، وغيرها من المواضيع المحددة في 18 تيمة مختلفة. وشدد مؤلف كتاب "الاقتصاد الأزرق"، في سياق حديثه عن الوضع الاقتصادي المغربي، على أن "آلاف الشباب المغاربة يرغبون في المساهمة في اقتصاد المملكة، لكن ضعف الفرص الاقتصادية ومحدودية المقاعد المتاحة لهم داخل الجامعات يحول دون نجاعة العملية برمتها"، مؤكدا أن "المملكة تتوفر على الإرادة السياسية والزعامة الاقتصادية التي بإمكانها تغيير الأوضاع". وأردف المتحدث: "تغيير النموذج الاقتصادي بالمغرب ممكن، اليوم، شريطة توفر جيل جديد من المقاولين الشباب يساهم في إنجاح عملية الانتقال، إذ يمكن استعمال الحجر من أجل إنتاج الورق، وهي التجربة التي تحققت في مجموعة من البلدان؛ فضلا عن قدرة المغرب على خلق ثمانية مصانع لإعادة توفير النفايات، بما فيها نفايات الفوسفاط، وذلك في غضون 25 سنة المقبلة وفق تصوري الشخصي". وفي سؤال لجريدة هسبريس الإلكترونية بشأن وضعية المملكة في ظل النقاشات الدولية بخصوص التغيرات المناخية، أبرز باولي أن "المغرب يتوفر على موارد طبيعية هائلة في الصحراء يمكن توظيفها في هذا المجال، ومن ثمة ينبغي اعتبارها فرصة سانحة له لتحقيق إقلاعه الاقتصادي"، مشيرا إلى أن "ما تقوم به جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في مجال البحث العلمي رائع للغاية". أما رشيد بوليف، مدير الأبحاث في مجموعة الOCP، فقد أورد أن "النسخة الخامسة للملتقى الدولي حول الابتكار والتكنولوجيا في صناعة الفوسفاط تجمع قرابة ألف خبير ومختص في ميدان الفوسفاط والتكنولوجيا والبيئة والماء والطاقة"، مبرزا أن "نحو 900 شخص يشاركون في المؤتمر يتحدرون من 39 جنسية في العالم". وتابع بوليف: "الملتقى الدولي يغلب عليه طابع البحث العلمي التطبيقي، إذ لا يمكن تحقيق الإبداع أو الابتكار دون توفر الجامعة التي تساهم في البحث العلمي والشركات التي تمول المشاريع"، ثم زاد مستدركا: "الحدث تشارك فيه قرابة 85 شركة دولية تهتم بأحدث التقنيات في الميدان..لذلك سنعمل خلال هذه الأيام، التي تتخلّلها المناظرات والندوات، على الخروج بنتائج نهائية تهمّ صناعات الفوسفاط في علاقتها بالبيئة". وفي تعقيبه على ما ورد على لسان الخبير البلجيكي بخصوص إقامة مصانع تدوير النفايات بالمغرب، أوضح المسؤول عن تنظيم النسخة الخامسة من الملتقى الدولي، في تصريح أدلى به لهسبريس، أن "نقاش صفر نفايات أصبح يستأثر باهتمام الفاعلين في الصناعات الكيماوية، ذلك أنه يمكن إنتاج الورق من الحجر، وهو ما نعمل عليه حاليا، بحيث نتوفر على مشاريع تخصّ إعادة تدوير النفايات، حتى لا ننتج الفوسفاط لوحده، وإنما نخلق مناصب شغل إضافية مترتبة عن تدوير النفايات".