مواجهة قانونية حامية الوطيس بين توفيق بوعشرين، مؤسس جريدة "أخبار اليوم"، المتابع بتهم الاغتصاب والاتجار بالبشر، والنيابة العامة، ممثلة في نائب الوكيل العام للمك محمد المسعودي، بعد تأخر انعقاد جلسة محاكمة الصحافي إثر رفضه المثول أمام المحكمة قبل استعمال القوة العمومية في حقه. بوعشرين، الذي تم إحضاره بالقوة العمومية من سجن عين برجة، الثلاثاء في السادسة مساء، إلى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قبل أن يعرب عن عدم رغبته في حضور الجلسة، ما دفع القاضي الحسن الطلفي إلى إنذاره وبعدها إحضاره بالقوة، خاطب (بوعشرين) المحكمة بالقول: "لقد تعرضت للعنف ومعاملة قاسية قبل انعقاد المحكمة، وقبل إصدارها أمرها بإحضاري". وأردف بوعشرين: "هذا انتقام مني ومن الانتقادات التي وجهتها في الجلسة الماضية، إذ استعملت النيابة العامة القوة في حقي رغم مرضي، ولدي ملف طبي في السجن يؤكد ذلك"، مضيفا: "أخبرت الشرطة وبسطت ذلك أمامها، والسيد الوكيل أصر على إحضاري بالقوة". وأثار الصحافي مسألة استعمال القوة العمومية في حقه، بينما لم تقدم المحكمة نفسها على فعل ذلك في حق معتقلي حراك الريف، موردا: "أخبركم بأني ألتزم الصمت وألتزم بالانسحاب من المحاكمة، وهذا حق يخوله لي القانون، وأذكركم بأن هذه الهيئة لم تحضر معتقلي الريف بالقوة ولَم تجبرهم على الحضور إلى المحكمة". وأعاد المتهم التأكيد على التزامه الصمت وانسحابه من المحكمة، مشيرا إلى كونه معتقلا اعتقالا تعسفيا، وزاد: "التزمت الصمت، وتكلمت في البداية احتراما للمحكمة وبسطت كل ما لدي، وأنا أعيد التأكيد أني معتقل اعتقالا تعسفيا، وموقفي هو الانسحاب وبقاء دفاعي، وهذا حقي في اختيار طريقتي في الدفاع". واتهم بوعشرين النيابة العامة بالتعدي على حق من حقوقه، وهو السلامة الجسدية، مؤكدا سلكه المساطر القانونية حول التعذيب والمس بسلامته، قبل أن يعيد التذكير برغبته في الانسحاب من المحاكمة والتزام الصمت. النيابة العامة، في شخص نائب الوكيل العام محمد المسعودي، ردت على ادعاءات بوعشرين بالقول: "حاشا لله أن تنتقم النيابة العامة من المتهم"، متسائلة عن سبب خوفه من الخوض في جوهر القضية ومناقشتها بدل اختياره أسلوب الصمت، قبل أن تلتمس من المحكمة "اعتبار طلب الإعفاء من الحضور لا سند له في القانون". واعتبر نائب الوكيل العام أن التزام الصمت الذي طالب به الصحافي بوعشرين "يقتضي البقاء في المحاكمة وليس الانسحاب من الجلسة"، داعيا إياه إلى "نزال شريف"، وهو ما رد عليه بوعشرين بالقول: "النيابة منعتنا من أي طريقة لإثبات براءتنا، فقد تابعت عفاف برناني، ومنعت لائحة الهواتف والتموقع. هذا ليس نزالا شريفا، لقد قاموا بتكبيل أيدينا ويطلبون منا السباحة في البحر". ودخل محامو توفيق بوعشرين ودفاع المطالبات بالحق المدني في جدال طويل، إلى حدود الحادية عشرة والنصف ليلا. ويدفع كل طرف بصواب قراءته للمادة 423 من قانون المسطرة الجنائية، إذ دافع محامو بوعشرين عن الملتمس الذي تقدم به موكلهم، المتمثل في عدم الحضور إلى المحاكمة. وقضت الهيئة، برئاسة القاضي الحسن الطلفي، بعد الاختلاء للمداولة، بعدم الاختصاص للبت في الطلب الذي تقدم به بوعشرين بخصوص حديثه عن تعرضه للتعذيب أثناء إحضاره من طرف القوة العمومية؛ فيما اعتبرت حضوره إلزاميا، ليتم تأجيل الجلسة إلى غاية يوم الثلاثاء فاتح أكتوبر.