قالت الكاتبة المغربية لطيفة لبصير إنه أمام التطورات الجديدة التي يشهدها العصر، "شرع الكل في حديث متواصل عن الذات عبر كل الوسائل الرقمية المبتكرة، بشتى أنواعها، حتى إن الموقع الإلكتروني لهذا الكاتب أو ذاك يعتبر شاهدا على سيرته الخاصة من حيث نمطُ اختياراته للروابط وفي عرض سيرته الذاتية". جاء ذلك خلال جلسة خصصت لمناقشة موضوع "الرواية التفاعلية.. التقنيات والأبعاد الجمالية"، ضمن فعاليات ملتقى الشارقة للسرد بالعاصمة الأردنية عمّان، التي اختتمت مساء الخميس. وأضافت لبصير، التي اختارت لمداخلتها عنوان "السيرة الذاتية الرقمية.. الحدود والممكن"، أنه من المؤكد أننا بين يدي زمن يعدو بسرعة، "لذا، فإن هويتنا هي أيضا ينبغي أن تخضع لوتيرة هذا الزمن حسب تشكلاته، فالذات في عصر الأجهزة المتطورة دوما تعيش اليوم مفارقات غريبة، تجعلها بعيدة عن الأنا التي كانت تعود إلى مخزونات نفسها بنوع من السرية والكتمان". وفي خضم تطورات أشكال التعبير الحديث عبر الأنترنيت، تضيف الدكتورة المغربية المتخصصة في الأدب، "وجد الفرد نفسه أمام الرغبة في الحديث عن ذاته بصوت عال، وإذا كانت اليوميات الخاصة في السابق تظل في كثير من الأحيان كشاهد على ذات انتهت، إذ غالبا ما كانت تقرأ بعد انتهاء الشخص منها كاملة أو بعد موت الشخص، فإن ظهور اليوميات الخاصة الرقمية كان بمثابة مرحلة جديدة وحاسمة في تطور الكتابة عن الذات". وكشفت لبصير أن "هذا أنتج لنا نوعا جديدا من القراء بفضل الرقمي، فهناك أنشطة موازية تخلقت لدى القارئ، من ذلك أن عملية القراءة لم تعد مسترسلة، بل أصبحت تتقاطع معها عمليات أخرى؛ لقد أصبحت العملية مرتبطة بقراءة كتابة فورية، مثل المدونة الشخصية التي يتفاعل معها القارئ بشكل أسرع من الموقع". ولفتت الكاتبة المغربية إلى أننا أمام هذه الأشكال التعبيرية الجديدة في الحديث عن الذات، "نخلق كتابة جديدة تعتمد على السرعة في الحديث عن الذات وكذا السرعة في التفاعل معها، والأكثر من ذلك أمام نمط جديد من التواصل تتجاور فيه الحميمية مع العدوانية، ويتمثل هذا بشكل واضح من خلال أشكال التواصل الاجتماعي الأخرى مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام". واعتبرت لبصير أن هذه الأشكال التعبيرية تمثل شكلا جديدا من أشكال التعبير عن الذات يمكن اعتباره نواة لسيرة ذاتية، وإن كان الأمر يتضمن الكثير من الالتباسات التي سبق وأن طرحت حين وضعت معايير لكتابة السيرة الذاتية الورقية. وقالت: "لقد شعر جميع من تعلم هذه الطريقة أنه قادر على كتابة سيرته الخاصة، آنذاك انبرى إشكال آخر هو: هل يمكن تصنيف كل ما يكتب من سير ذاتية حول النجاح الشخصي أو المرض أو الرغبة في إسرار المكنون بمثابة سيرة ذاتية بكل معنى الكلمة أم إن ما اصطلح عليه بالسيرة الذاتية الأدبية هو فقط ما ينشر ويقرأ على الورق؟". جدير بالذكر أن الدورة السادسة من ملتقى الشارقة للسرد انعقدت هذه السنة بالعاصمة الأردنية عمّان، وتناولت موضوع "الرواية التفاعلية.. الماهية والخصائص"، وشهدت مداخلات وشهادات مختلفة في هذا الباب من طرف نقاد وكتاب من دول عربية مختلفة.