الأرصاد الجوية تحذر من هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم وغدا بعدد من الأقاليم    الحكومة تصادق على الإعفاء المؤقت لصناعة عتاد وتجهيزات الدفاع والأسلحة من الضريبة على الشركات    الحكومة تفسر خفض ميزانية هيئة النزاهة والوقاية من الرشوة بحذف تكاليف لم يعد لها "مبرر"    وزيرة الاقتصاد والمالية تقول إن الحكومة واجهت عدة أزمات بعمل استباقي خفف من وطأة غلاء الأسعار    لمدة 10 سنوات... المغرب يسعى لتوريد 7.5 ملايين طن من الكبريت من قطر    تصفيات أمم أفريقيا للشباب تحت 20 عاما (الجولة الاولى): المنتخب المغربي يفوز على نظيره المصري (2 – 1)    المنتخب المغربي الأولمبي يواجه كوت ديفوار وديا في أبيدجان استعدادا للاستحقاقات المقبلة    الدرك الملكي بتارجيست يضبط سيارة محملة ب130 كيلوغرامًا من مخدر الشيرا    قبل مواجهة المنتخب المغربي.. الغابون تحسم التأهل لنهائيات الإفريقية    مواجهات ترافق لقاء فرنسا وإسرائيل    أزمة انقطاع الأدوية تثير تساؤلات حول السياسات الصحية بالمغرب    هل يستغني "الفيفا" عن تقنية "الفار" قريباً؟    والي جهة البيضاء يؤشر على الميزانية    بتهمة اختلاس أموال البرلمان الأوروبي.. مارين لوبان تواجه عقوبة السجن في فرنسا    مصرع شخص وإصابة اثنين في حادث انقلاب سيارة بأزيلال    بعد ورود اسمه ضمن لائحة المتغيبين عن جلسة للبرلمان .. مضيان يوضح    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    أحزاب المعارضة تنتقد سياسات الحكومة    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    ألغاز وظواهر في معرض هاروان ريد ببروكسيل    الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين تسلم "بطاقة الملاعب" للصحافيين المهنيين    الحكومة تعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء المجمدة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بشأن تحديد قائمة أنشطة الشركات الصناعية للاستفادة من الإعفاء المؤقت من الضريبة    وفد من رجال الأعمال الفرنسيين يزور مشاريع هيكلية بجهة الداخلة-وادي الذهب    صيدليات المغرب تكشف عن السكري    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    خلال 24 ساعة .. هذه كمية التساقطات المسجلة بجهة طنجة    نشرة إنذارية.. هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم الخميس وغدا الجمعة بعدد من أقاليم المملكة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح        معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    توقعات احوال الطقس.. ارتفاع درجات الحرارة بمنطقة الريف    مركز إفريقي يوصي باعتماد "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    الاحتيال وسوء استخدام السلطة يقودان رئيس اتحاد الكرة في جنوب إفريقا للاعتقال    الدولة الفلسطينية وشلَل المنظومة الدولية    عودة ترامب الهوليودية و أفول الحلم الأمريكي ..    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    أسعار النفط تنخفض بضغط من توقعات ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب    عواصف جديدة في إسبانيا تتسبب في إغلاق المدارس وتعليق رحلات القطارات بعد فيضانات مدمرة    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي    إسرائيل تقصف مناطق يسيطر عليها حزب الله في بيروت وجنوب لبنان لليوم الثالث    اليوم العالمي للسكري .. فحوصات وقائية للكشف المبكر عن المرض    كيوسك الخميس | المناطق القروية في مواجهة الشيخوخة وهجرة السكان    ترامب يعين ماركو روبيو في منصب وزير الخارجية الأمريكي    غينيا الاستوائية والكوت ديفوار يتأهلان إلى نهائيات "كان المغرب 2025"    الجيش الملكي يمدد عقد اللاعب أمين زحزوح    هذه أسعار أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بعد السيارات والطائرات .. المغرب يستعد لدخول غمار تصنيع القطارات    غارة جديدة تطال الضاحية الجنوبية لبيروت    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معارضة رئاسة غلاب صحيحة، بطريقة صحيحة، لسبب خاطئ!
نشر في هسبريس يوم 31 - 12 - 2011

من بين حسنات 'العهد الجديد' أنه أوجد فصلا في القانون التنظيمي للبرلمان اسمه الفصل 14 ينص، حرفيا، على تتنافي العضوية في مجلس النواب مع صفة عضو في الحكومة وهذا، على المستوى النظري، يعتبر شيء جيد جدا بل منطقيا خاصة على المستوى التشريعي. لكن يبدوا أن هذه الحسنة قد تحولت، في أول جلسة للمجلس، إلى نقمة أدت إلى ما سماه رئيس فريق التجمع الدستوري الموحد "بالاضطراب الدستوري" الذي اشتعلت شرارته، كما يبدو، بمجرد أن أجمعت الأغلبية الحكومية على ترشيح وزير التجهيز والنقل كريم غلاب لترأس مجلس النواب والذي يعتبر منصبا بروتوكولي أكتر من أي شيء آخر في آخر المطاف. وبحسب المعارضة الجديدة فإنه لا يمكن، تطبيقا للدستور الجديد، أن يجمع رئيس مجلس النواب بين مهمته البرلمانية وكونه وزيرا في حكومة تصريف الأعمال الشيء الذي يجعله في حالة تناف واضحة وضوح الشمس، ويعتبر ذلك، بالتالي، "خرقا للدستور" بحسب تعبير الفريق الاتحادي في داخل قبة البرلمان الذي يجمع بين صفوف برلمانييه، هو أيضا، وزراء في حكومة تصريف الأعمال رفقة الوزير غلاب.
لكن، في حقيقة الأمر، إذا كان ما اعتبره الإتحاد "خرقا للدستور" الذي تسبب فيه ترشيح-انتخاب غلاب رئيسا للبرلمان، أي حالة تنافي صفة رئيس البرلمان ووزير في حكومة تصريف الأعمال، صحيحا فإنه يعتبر، بديهيا، دليل واضح وأوتوماتيكي على أن الرفاق في البرلمان، إذ يناقشون حالة تنافي زميلهم الوزير كبرلمانيين، يشكلون، أنفسهم، خرقا للدستور بحكم أن فيهم وزراء في حكومة تصريف الأعمال. وفي هذا السياق يقول مقال نشر في هسبرس أن " الوزير الاتحادي إدريس لشكر لم يحترم ما تقتضيه منه سلطته كوزير مكلف بالعلاقة مع البرلمان، لتوضيح أسباب الخلاف، حيث حن إلى أيام المعارضة و"كشكش وأرغد وازبد"، الشيء الذي يعتبر من صميم عمل البرلماني وليس من عمل الوزير خاصة إذا كان هذا الوزير هو المكلف بالعلاقة مع البرلمان. ولعل أكبر خلل في الجلسة الأولى في البرلمان هو غياب الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان بشكل عملي، أما الأسوأ منه فهو تحول هذا الوزير الغائب عمليا إلى برلماني معارض. وربما تكون حالات التنافي هذه، من غلاب إلى لشكر مرورا بكل البرلمانيين/الوزراء البوليفالو ""polyvalents، حصرية في البرلمان المغربي بما بات يعرف في قاموس الدراما البرلمانية 'بالتنافي' التي ابتدأت مسلسلها مع 'الممثل' كريم غلاب وهي الحالة التي يتناولها هذا المقال بالنقاش.
إن مسألة التنافي التي حدثت في حالة غلاب بجمعه بين منصبين أحدهما في الحكومة والآخر في البرلمان هي مسألة، ولو أن الدستور الجديد يمنعها حرفيا، تبقى مسألة، ربما، 'شكلية' لأن السيد غلاب وزير لم يبقى في عمر وزارته سوى بضع أيام قليلة وهو وزير في حكومة، عمليا، لم تعد لها صلاحيات. أكتر من هذا فبالرغم من أن غلاب يبقى المسئول الأول عن ذاك النقاش السطحي لعدم تقديمه استقالته كوزير ليتم انتخابه رئيسا للبرلمان بشكل هادئ (والله أعلم)، فإن المعارضة، وفيهم فقهاء في خبايا الدستور، يعلمون كل العلم أن مسألة التنافي في روح الدستور، عمليا، تقتضي الممارسة الفعلية لمسئوليتين إحداهما في البرلمان والأخرى في الحكومة، خاصة أن الرجل، أي غلاب، لديه ، دستوريا، مهلة كافية ليقدم استقالته كوزير بعد انتخابه رئيسا للبرلمان. بحسب الاستقلالي نور الدين مضيان، في مقال هسبرس المذكور، فالقانون الداخلي لمجلس النواب يعطي مهلة شهر بعد إعلان النتائج، الشيء الذي صرح به غلاب نفسه وعبر عن عزمه، بالتالي، الاستقالة مباشرة بعد أن ينتخب رئيسا للبرلمان (ربما بعد ما أن يتأكد من رئاسته للبرلمان) وفعلا ذاك ما كان.
ولتبيان صحة هذا المعطى فحتى بعد معارضة إدريس لشكر، كبرلماني، القوية لترأس غلاب مجلس البرلمان نجده قد قدم استقالته من منصبه الوزاري بعد جلسة انتخاب غلاب رئيسا للبرلمان وليس قبلها ولم يعقب عليه لا المجلس الدستوري ولا حتى أي مواطن عادي بأنه خرق القانون، ولعل حالة لشكر بحسب المقال المذكور تعتبر حالة كاملة التنافي نظريا وممارسة. أبعد من هذا فبحسب لحسن الداودي، وهو تفعيل لمبدأ تحكيم الهيئات العليا المخول لها البت في القضايا المختلف عنها، أن الذي يريد أن يطعن عليه أن يذهب للمحكمة الدستورية، الشيء الذي قام به النائب/الوزير السيد لشكر نفسه مباشرة بعد جلسة انتخاب غلاب لكن للتساؤل عن حالة تنافيه هو وليس عن حالة غلاب الذي، نكرر على مسامع الجميع داخل وخارج البرلمان، قد قام بتقديم استقالته كوزير في حكومة تصريف الأعمال مباشرة بعد انتخابه رئيسا للبرلمان، فأين هو المشكل في المسألة برمتها إذن؟
-إن المشكلة، يا ممثلينا في البرلمان سواء في المعارضة أو حتى في الأغلبية، هو أن السبب الأساسي الذي يكاد يجمع المغاربة، خارج البرلمان، قاطبة عليه ليس هو حالة التنافي التي هي مرحلية ولم تقدم مصلحة أو تأخر مفسدة للشعب وإنما المشكل في اسم غلاب رئيسا للبرلمان هو، بصريح العبارة وبشكل بديهي، ورود ذات الاسم في شكاية تتهمه في 53 ملفا تسببت في ضياع الملايير والتي كان يمكن توفيرها للقيام بمشاريع تنموية. هذا بالإضافة إلى كون غلاب متهم من طرف جريدة الاتحاد الاشتراكي بالاستفادة من البقعة الأرضية في الملك العمومي البحري بشاطئ بوتي فال دور (سهب الذهب الصغير) بالقرب من تمارة بعد تكوين جمعية وهمية. ومصدر الشكاية يريد أن يطلع الرأي العام الوطني والدولي، من خلال شكايته، "على اللائحة الأولية لاستفادت غلاب من قطع أرضية وشقق أخرى وصلت مساحة الواحدة منها 2000 متر مربع وشقق فاخرة وصلت مساحة واحدة منها 290 متر. ".
لو أن الشكاية ضد الوزير الحكومي (ورئيس مجلس يمثل المواطنين) كانت من مواطن عادي لكان لزاما انتظار كلمة القضاء قبل انتخابه رئيسا لمجلس يمثل الشعب، لكن، نقولها بكل حرقة ومرارة، فمصدر الشكاية ضد السيد كريم غلاب ليس مواطن عادي بل هي الجمعية الوطنية لحماية المال العام التي، كما جاء في رسالة رئيسها المفتوحة إلى غلاب، كان لها شرف اعتبارها نموذجا لمحاربة الفساد بشهادة المنظمة العربية لتنمية العلوم الإدارية التابعة للجامعة العربية. يضيف السيد الرئيس محمد طارق السباعي، "وكما لا يخفى عليكم فالهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب عضو بالائتلاف الدولي لمحاربة الفساد، ويشغل رئيسها الشبكة المغاربية لحماية المال العام"، والتي تقول 'أن الشكاية اشرف على تحريرها خبراء يرأسهم مهندس للقناطر والطرق وهو مستعد لمواجهة غلاب على الهواء وأمام الرأي العام الوطني والدولي. ويمكن العودة إلى رسالة الجمعية الوطنية لحماية المال العام المفتوحة إلى غلاب لمعرفة كل التفاصيل المحزنة.
كنا نتمنى على المعارضة 'القوية' التي كان بعض نوابها غارقون في النوم، صراحة، أن يتحلوا بشجاعة أكبر وأن يعترضوا على رئاسة غلاب للبرلمان لأن هناك شكاية ضده من الجمعية الوطنية لحماية المال العام وبالتالي وجب، على الأقل، انتظار ما سيسفر عنه القضاء قبل انتخابه رئيسا للبرلمان. لقد كان حري على المعارضة أن تعترض على اسم رئيس البرلمان، ترشيحا وتصويتا، لأنه مدان، على الأقل إعلاميا، فلا يمكن، بالتالي، أن يكون، في دولة تحترم نفسها، رئيس البرلمان متهم في قضية مالية وليس فقط من أجل حالة التنافي. لقد كان على المعارضة (أو جزء منها) أن توجه سبب عربدتها و'كشكشتها' وانسحابها الجماعي من غرفة البرلمان (الغير مخطط له مسبقا!) إلى تهمة استيلاء رئيس البرلمان على بقعة أرضية إضافة إلى 53 ملفا لنهب المال العام الشيء الذي لا يتماشى مع وعود السيد رئيس الحكومة المنتخبة بمحاربة اقتصاد الريع واستغلال صفة وزير للحصول على امتيازات بدون وجه حق. ويبدو أن هدف المعارضة في أول جلسة في البرلمان، إذ عارضوا بدون التطرق إلى أمر الشكاية، كان هو فقط وضع العصا في العجلة ليس إلا.
للتوضيح فلا أحد يحق له أن ينتقد ممارسة الحرية 'المصونة' لممثلي الأمة المعارضين في البرلمان لكن فقط، بعد إذن المعارضة، هناك إشارة بسيطة أتمنى من السادة البرلمانيين في المعارضة أن يتقبلوها بصدر رحب وهي أن طريقة اعتراضهم على وزير التجهيز والنقل السابق الاستقلالي كريم غلاب كانت صحيحة بل حازمة، والاسم المعترض عليه كان صحيحا بطبيعة الحال، لكن لم يكن سبب الاعتراض صحيحا. للأسف!
*رئيس جمعية شباب بلا حدود للتنمية والتواصل-اليوسفية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.