يبدو أنّ أمستردام والرّباط مُقبلتان على تجاوز الجفاء الدّبلوماسي الذي دامَ لأزْيد من سنتين بين الطّرفين بسبب "حراك الرّيف"، الذي يتبنّاهُ برلمانيون هولنديون بشكلٍ صريحٍ، حيث تتّجهُ السّلطات في بلاد "الطّواحين" إلى قبول اعتمادِ محمد البصري، السّفير المغربي الجديد في هولندا، الذي تطلّبت تزكيته شهوراً من الانتظار. ووفقاً لمصادر من وزارة الخارجية المغربية، فإنّ "السّلطات الهولندية قبلت أخيراً اعْتماد السّفير المغربي محمد البصري"، دون أن تحدّد تاريخ التحاقه بمهامه الدّبلوماسية الجديدة. وبشأنِ ما إذا كان البصري، الذي سبقَ له أن شغلَ مدير الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية، سيتخلّفُ عن التحاقهِ بمهمّته بسبب قُرْب تعيينه كاتبا عاماً للوزارة، أكّد المصدر أن "هذه الأخبار مجرّد شائعات". السّفير الجديد، الذي شغلَ مدير الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية المغربية، سيكون أمام اختبارٍ صعبٍ وسيجدُ عدداً من الملفات الكبرى التي عكّرتْ صفوَ العلاقات المغربية الهولندية، وربّما كانت سبباً في الذّهابِ إلى تغيير رئيس الدّبلوماسية المغربية في أمستردام؛ فخلال السنوات الأخيرة تراكمتْ تعقيدات كبيرة حتى بدا وكأنَّ البلدين في طور قطيعة دبلوماسية. وكانَ لافتاً عدم استقبال الملك محمد السّادس السّفير الجديد المعتمد في "بلادِ الطواحينَ"، محمّد البصري، الذي عيّنهُ العاهل المغربي عوضاً عن سلفه الرّيفي عبد الوهاب بلوقي، في حفل اسْتقبال عدد من السفراء بالبعثات الخارجية للمملكة؛ وهو ما فسّره مراقبون بموقف هولندا من مقاربة الدّولة المغربية لقضية حراك الريف. وكانت بوادر الأزمة بين البلدين تصاعدت عقب تقديم ستيف بلوك، وزير الخارجية الهولندي، لتقرير رسمي إلى برلمان بلاده في "لاهاي" حول تداعيات احتجاجات الحسيمة والاعتقالات التي طالت عددا من نشطاء الحراك، وعلى رأسهم معتقلو مجموعة ناصر الزفزافي؛ ما دفع الرباط إلى إبلاغ مسؤولي أمستردام بإلغاء زيارة كانت مبرمجة من لدن محمد أوجار، وزير العدل. ومنْ أسباب هذا التَّوتر الدبلوماسي أيضا، قضية طلب تسليم سعيد شعو، البرلماني السابق المقيم بهولندا والحامل للجنسية الهولندية، الذي تتَّهمُه السلطات المغربية بلعب دور أساسي في شبكات تهريب المخدرات الدولية، بالإضافة إلى ملف حراك الريف الذي يتبنّاهُ برلمانيون هولنديون بشكلٍ صريحٍ، وهو ما يزعجُ السلطات المغربية. وكانت مصادر إعلامية أوردت أنّ "المغرب توجه نحو اختيار اسم البصري ليشغل منصب سفيره في هولندا، "لحل مشاكل اللجوء التي تمخضت عن أحداث "حراك الريف"، بالإضافة إلى "الإشكالات القانونية التي يتخبط فيها مغاربة هولندا؛ إلا أن هولندا تحفظت على المقاربة التي نهجها المغرب لحل مشاكله في هولندا على حساب مستوى تمثيليته".