رحل الممثّل والمسرحي والمخرج المغربي محمد خدي في صمت، بعدما شخّص وكتب وأخرج عشرات المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية الكوميدية والدرامية والأفلام. وأسلم الفنان الراحل روحه إلى بارئها أيّاما قليلا، بعد وفاة فنانة أخرى من جيله، جيلِ الروّاد، أمينة رشيد، مسدلا بذلك السّتار على مسيرة إبداعية انطلقت في خمسينات القرن الماضي. الرّاحل الذي درس بالمعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي بالرباط، تردّد اسمه في العديد من الأعمال التي شخّصتها فرق مسرحية من قبيل: "المعمورة"، وفرقة المسرح الوطني محمد الخامس، وفرقة "مسرح اليوم والغد" التي كان مشرِفا عليها. ولم يقتصر الممثّل الرّاحل على زيارته المتكرّرة لبيوت المغاربة، مطلّا من شاشاتهم الصّغيرة، في أعمال؛ من بينها "السّاس" و"دار الغزلان"، ومسرحيات مثل "جار ومجرور"، بل أطلّ على الجمهور العربي والعالمي في أفلام، من قبيل: "الرسالة"، و"السيد جونز"، ومسلسلات مثل: "داوود". وعلى الرغم من رحيله في صمت، لم تخل جنبات فراش مرض محمد خدي من أسماء فنيّة مغربية، اطمأنّت على صحّته ورافقته في محنته الأخيرة. ولم يكتف الفنّان الراحل بالتّشخيص في المسرح والسينما والتّلفزيون، بل كتب سيناريوهات، وأخرج مسرحيات كان آخرها مسرحية "على سبيل المثال"، التي استأنفت جولتها بعد توقّفت في شهر غشت الماضي. وغادر الفنان الراحل أرض الناس هذه وفي قلبه شيء من حتى، على "أبي الفنون"؛ فقد سبق أن قال إنّ "المشاركات المغربية لا تشرف مسرح المغرب، ولا تاريخ مسرح المغرب، ولا عطاء الرواد الذين رحلوا والذين يقضون.. ما تبقى من سنوات عمرهم الذي أفنَوه في العطاء"، مضيفا أن هذه المشاركات "لا علاقة لها بالجودة، بقدر ما لها علاقة بالمحسوبية والعلاقات الأخوية، التي باتت معيارا لكل شيء في مشهدنا الفني المغربي". ومع رحيل ابن مدينة سلا الفنان محمد خدي، تغيب نجمة أخرى من نجوم الفنانين الروّاد المغاربة عن سماء الإبداع بالمملكة، تاركة وراءها عشرات الأعمال المعبّرة عن تاريخ الإبداع في مغربِ ما بعد الاستقلال، وطارحة بإلحاح أسئلة الخلَف، والتّثمين، والتذكّر.