صيفٌ "باردٌ" تعرفهُ السّواحل الجنوبية لأوروبا، بعدَ انخفاضِ معدّلات الهجرة السّرية إلى القارة العجوز بشكلٍ لافتٍ خلال الشّهور الماضية، بفعلِ تشديد السّلطات المغربية مراقبتها على الحدود الشّمالية للمملكة، التي تعرفُ توافداً مستمراً لأفواج المهاجرين، بينما تواصلُ إسبانيا دعمها المادي للمغرب بإرْسالها حصّة مالية جديدة للسّيطرة على الهجرة غير النظامية. وأعطى مجلس الوزراء الإسباني الضّوء الأخضر لمنحِ المغرب مساعدة قدرها 32.3 مليون أورو للسّيطرة على الهجرة غير النظامية، كما ذكرت الحكومة الإسبانية، التي أضافت أنّ "هذه المساعدة من ميزانية وزارة الداخلية تخصّص لتمويل أنشطة السلطات المغربية في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالمهاجرين والاتجار بالبشر". وكان المغرب اشترط على الأوروبيين بشأن ضبْطِ تدفق المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين على سواحل الجنوب الأوروبي الحُصولَ على عائدات مالية قدّرت قيمتها بحوالي 60 مليون أورو، من أجل الانخراط في أكبر عملية تقودها الدول الأوروبية من أجل مكافحة الهجرة غير النظامية التي تنشط خلال هذه الفترة من السنة. وفي 19 يوليوز الماضي، أذن مجلس الوزراء الإسباني بمبلغ 30 مليون أورو من صندوق الطوارئ لمنح ملحق ائتماني لوزارة الداخلية، بهدف المساهمة في تمويل أنشطة المملكة في مجال محاربة الهجرة. ويرى عبد الإله الخضري، الحقوقي المغربي، أنّ "الأمر يتعلق بتشديد الرّقابة الأمنية على الحدود الشمالية البحرية للمغرب، بما في ذلك معاقبة بعض عناصر القوات العمومية، من كل الأصناف، المكلفة بمراقبة الحدود. ويبدو ذلك جليا من خلال تنامي عدد الملفات القضائية الرائجة خلال هذه السنة، المتعلقة بشبكات الهجرة السرية". ويضيفُ الحقوقي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ "المغرب عازم على تفعيل وتطوير مقاربته الأمنية للتصدي للهجرة السرية، والدعم الذي يتحصل عليه من الاتحاد الأوروبي أو من بعض دوله رهين بنتائج ملموسة في هذا الصدد"، مشدّداً "لكن يبقى السؤال الجوهري هو: إلى متى يمكن المراهنة على المقاربة الأمنية، لحل معضلة الهجرة السرية، في ظل إشكال بنيوي، يزداد تعقيدا مع توالي أجيال مسكونة برغبة جامحة لهجرة بلدهم؟". وبشأن المقاربة الأمنية وما إذا كانت نتائجها ملموسة، يورد الخضري أنّه "على المدى القصير بطبيعة الحال هناك نتائج ملموسة، لكن على المدى المتوسط، تعرف الظاهرة صعود ثم خفوت ثم صعود وهكذا دواليك؛ لكن على المدى البعيد، أعتقدُ أن معضلة الهجرة ستشهد تعقيدات خطيرة، ما دامت الأوضاع السوسيواقتصادية المحلية وكذا الإفريقية تفرخ كل سنة آلاف التواقين للهجرة السرية".