تضيقُ فرصُ المكُوثِ في غابات وأحْراشِ مدينة الناظور بالنّسبة لعشرات المهاجرين من جنوب الصّحراء، بسببِ اقْتراب عطلة الصّيف وما تحملهُ من مُضايقات للسّلطات المغربية، التي تُطاردهم في أفق ترْحيلهم صوبَ الجنوب؛ فالحرب، التي يموّلها الاتحاد الأوروبي ضد المهاجرين، ما زالتْ مستمرة، وإنْ كان في عُمقها الكثيرُ من قصصٍ مأساوية. آخر فصول هذه المعاناة وفاة مهاجر من أصول غينية في العشرينيات من عمره، وافته المنية بضواحي الناظور إثر إصابته بمرض، دون تقديم الإسعافات اللازمة له في حينه، حيثُ "استقبل مستشفى الحسني بالناظور، أمس، جثة الشاب"، حسب إفادات زملائه في المعسكر. وقد استغرق نقله إلى المشفى، بحسبهم، ساعات دون أن تتدخّل السلطات في الوقت المناسب. ومع اقتراب عطلة الصّيف، ينتعشُ نشاط "قوارب الموت" مع توافد مزيد من المهاجرين إلى شمال المملكة، على الرغم من التدابير المتخذة من قبل السلطات التي شدّدت مراقبتها على الحدود. وتنتقد الجمعيات الحقوقية الظروف الصّعبة، التي يكابدها هؤلاء المهاجرون في العراء. وقال مصدر رسمي إنّ "تدخّل السلطات المغربية لإبعاد المهاجرين من النقاط السّاخنة لن يتوقّف وسيزداد خلال الفترة المقبلة". ويُتوقّع أن تشهد المنطقة الشّمالية للمملكة، خلال العطلة الصيفية، أكبر عملية نزوح للمهاجرين صوب أوروبا، على الرغم من الحزم الكبير الذي حاولت إظهاره إسبانيا في تعاملها مع هذه المسألة". وأكّد عبد الإله الخضري، الحقوقي والمتخصص في شؤون الهجرة، أنّ "تدفقات هؤلاء المهاجرين، بمن فيهم المهاجرون المحليون، ستستمر وبوتيرة متصاعدة خلال فترة الصيف، حيث تتوافر العديد من العوامل المهيئة لمحاولات التسلل نحو أوروبا، بمقابل ذلك، أوروبا في وضع التماهي من الناحية العملية والفعلية مع المقاربة الأمنية التي ينهجها المغرب". وعلى الرغم من الإمدادات المالية المقدمة للمغرب، والتي بلغتْ 148 مليون أورو، يأمل الاتحاد الأوروبي أن يكون قادرًا على الاعتماد عليه كحليف، وإدارة "ضغط الهجرة"، واحتواء القليل من الهجرة غير النظامية إلى أوروبا. وحسب خالد الزروالي، مدير الهجرة ومراقبة الحدود في وزارة الداخلية بالمغرب، فإن "7202 من المهاجرين تمّ تهريبهم إلى إسبانيا هذا العام". ويعتقدُ الخضري أنّ أوروبا ستدعمُ المغرب لمواجهة الهجرة السرية وإرجاع المهاجرين من حيث أتوا، وستدعمه من تحت الطاولة ومن فوقها في السياسة الأمنية المتبعة من قبله، وهذا أمر شبه محسوم؛ لأن الاتحاد الأوروبي، اليوم، مع صعود اليمين المتطرف، أضحت سياساته الرامية إلى ممارسة القمع غير المباشر في حق الشعوب التي نهبوا ثرواتها وما زالوا مكشوفة وواضحة أكثر من أي وقت مضى". ويشيرُ الحقوقي إلى أنّ "الحلول الحقيقية مغيبة تماما، ولا أحد يجرأ للاقتراب منها، وعلينا أن نكون واقعيين؛ فالمغرب ليس لديه من خيارات أو بدائل أخرى، في ظل المعادلة الحالية على أرض الواقع، لأن كل ما بوسعه القيام به قام به، وبالتالي سيضطر في الاستمرار في مقاربته الأمنية، التي ستشتد وتيرتها مع حرارة الصيف".