تدورُ داخلَ أروقة الاتحاد الأوروبي، منذ أيامٍ، أحاديث حول تبنّي توّجه جديد لمنع تدفّق مزيد من المهاجرين؛ توجه ينطلقُ من فرضِ سياسة الأمر الواقع على الدّول التي تنطلقُ منها تيارات الهجرة، وتحصينِ الحدود، والرفع من الدّعم المالي المخصّص للحكومات التي تتصدّى بوسائل "تقليدية" للزّحف المتواصل للمهاجرين الذي من المرشّح أن يزدادَ خلال عطلة الصّيف المقبلة. ويعبّئ الاتحاد الأوروبي حوالي 232 مليون يورو للمغرب منذ عام 2014 من خلال أدوات وصناديق مختلفة لمعالجة تحدي الهجرة، وأكثر من 1000 مليون يورو من المساعدات لدعم الإصلاحات والنمو الشامل، وهي أرقام تضعه على رأس البلدان الأكثر استفادة من المساعدات الأوروبية. وعبّر المغرب عن امتعاضه من تأخّر صرف الموارد المالية ليستمرّ دوره في محاربة ظاهرة الهجرة السّرية التي تنشط في أراضيه الشّمالية، وهو ما دفع السّلطات الإسبانية إلى مطالبة أوروبا بتخصيص موارد إضافية للرباط وتعزيز سياسات التعاون الإنمائي، على اعتبار أنّ المملكة تمثّل شريكا للاتحاد الأوروبي بقوة التاريخ والجغرافيا. وفي هذا السّياق، حثّ رئيس إقليم الأندلس، خوانما مورينو، الاتحاد الأوروبي على زيادة الموارد المالية للسيطرة على تدفقات الهجرة في "الحدود الجنوبية"، مما يسمح للمغرب بأن يكون مدعما بالوسائل المطلوبة. وقال خلال اجتماع مع مسؤولين مغاربة: "لا يمكن أن نبذل جهودا في أوروبا الشرقية أو تركيا ونتجاهل جنوب أوروبا، إنها قضية معلقة". وأضاف المسؤول الإسباني، الذي اجتمع مع وزيري الخارجية والداخلية المغربيين، أن "المملكة تقوم بمجهودات جبّارة، وكمثال على ذلك تنفق 20 مليونا سنويًا على الحافلات التي تنقل المهاجرين من شمال المغرب إلى جنوبه، كما أن هناك عملا متواصلا للسلطات التي تطارد المهاجرين". ويرى عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الانسان، أنّ "المقاربة الأمنية التي ينهجها المغرب، والتي يمكن وصفها بالحل البراغماتي، وغالبا ما تواكبها حسب النشطاء ممارسات تنطوي على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تحظى بالموافقة الأوروبية من تحت الطّاولة، وأحيانا من فوقها". وهذا ما يفسّر، بحسب الحقوقي المغربي، وجود أصوات من داخل البرلمان الأوروبي تدعم الطرح الذي يمضي في اتجاه دعم المغرب ماديا في سياسته لمحاربة الهجرة السرية، لكن الإشكال المطروح، يقول الخضري، "هل يطلع الاتحاد الأوروبي بشكل دقيق على أوجه صرف تلك المنح المالية؟ لأن أي تقييم مفترض للمقاربة الأمنية المتبعة من لدن المغرب يروم مواجهة آفة الهجرة السرية على المدى القصير". وأضاف أنّ "المقاربة الأمنية المتبعة من لدن المغرب تروم بالضرورة مواجهة آفة الهجرة السرية على المدى القصير، لكن أسباب توالد الظاهرة وتكاثرها تبقى قائمة، وبالتالي تبقى المقاربة غير مجدية على المدى الطويل، لأنها لن تفضي إلى حل دائم". وتوقّع الحقوقي ذاته أن "يزيد الاتحاد الأوروبي من ميزانية دعمه للمغرب لمواجهة الهجرة السرية".