سؤال لا يكاد يغيب عن أطوار مهرجان "ثويزا" حتى أنه يكاد يقال : ما عقد هذا الحدث إلا للتشكيك في وجود شخصية محمد ﷺ فلا يصعد أحد منصة الكلام إلا وأتى بغريب الكلام وعجيبه، فواحد يشكك في شخصية النبي والآخر يشكك في وجود عمر والآخر في وجود الصحابة جملة وتفصيلا وبعضهم في التشكيك في التاريخ الإسلامي كله وكبيرهم يشكك أصلا في وجود الخالق، وهكذا... لا تخرج أحداث المحاضرات – إن جاز تسميتها بذلك – عن هذا النسق التشكيكي الاسترجاعي لشبهات المستشرقين الذين تراجع كثير منهم عن آرائهم واعترافهم أنها كانت محض شبهات اعتمدت الدليل التضليلي لا غير. ومقالي هذا ليس فيه رد على أحد، لأن ما قيل في هذا المهرجان في الحقيقة لا يرقى للرد، ولكن هو عبارة عن ملاحظة و إن شئنا القول رسالة للمشاركين في هذا المهرجان. قرأت مؤخرا الحوار الذي أجرته جريدة هسبريس الإلكترونية مع هالة الوردي مفاده تشكيكها في الرسول ﷺ فتمنيت لو أنها تأتي بدليل صحيح وواضح بعيد عن تلاعب المستشرقين وأذنابهم، أو تأتي بجديد في قضية وجود النبي ﷺ وتحاضر في الموضوع بعلمية دقيقة وعقلانية متكاملة نستمتع فيه بالأدلة العلمية والتاريخية المفندة لوجود الرسول والمؤكدة لتهاتر وغفلة الأمة الإسلامية قاطبة باتباعها لرجل خيالي لا وجود له على أرض الواقع ولكن للأسف أبت إلا أن تكرر ما قيل قبلها وما سيقال بعدها، فسقط شرط متابعتها عندي فهي لا تعدو تكرر ما قاله المستشرقون قديما الذين على الرغم من قوة اطلاعهم على المصادر الإسلامية إلا أنهم عجزوا عن الإتيان ولو بدليل واحد على ما زعموه وافتروه على الأمة الإسلامية من قبيل وجود الرسول ونبوته وانتشار دينه بالسيف وغير ذلك من الأسطوانات المشروخة التي صدعوا بها رأسنا، لذلك كلامها لا يرقى للرد العلمي وذلك لاحتياجها للدليل على ادعاءاتها وعدم تخصصها في المجال الشرعي ولا التاريخي فهالة الوردي لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالدراسات الإسلامية أو الدراسات التاريخية لذلك فقولها في ذلك هو من أقوال العوام وحري بها التزام تخصصها لأنها ستأتي بالعجائب وقد أتت بها، خصوصا إذا ترتب على كلامها وادعاءاتها إساءات لخواص وعموم الأمة، فالكاتبة ربما لا تعرف أن الأمة المغربية لها ثوابتها المجمع عليها والتي لن تقبل أحدا بخرمها ولا بالتشكيك فيها، فالأمة المغربية ملكا وشعبا قائمة على: إمارة المؤمنين المذهب المالكي التصوف السني العقيدة الأشعرية وهي ثوابت اختارتها الأمة المغربية عن علم وتحري وضبط معرفي جنبت المغرب ويلات الاقتتال والنزاع والتطرف والإرهاب الفكري والعلمي، وقد يخفى علة هالة الوردي أن التشكيك في شخصية النبي ﷺ هو ضرب لهذه الاختيارات جملة وتفصيلا فما محل إمارة المؤمنين من عدم وجود الرسول صلى الله عليه وسلم، فالمعروف والمؤكد أن جلالة الملك أمير المؤمنين هو حفيد الرسول عليه الصلاة والسلام وهو تشكيك في وجود جده بالدرجة الأولى وضرب لثابت من ثوابت الأمة، وتبع له لا وجود لمذهب مالكي فكيف توجد أقوال مالكية لأحاديث نبوية خيالية ؟ فلا وجود لمالك أيضا. وهكذا الكاتبة لا تعرف ما تقول وإنما تكرر ادعاءات لا أساس لها من الصحة ونطالبها بالدليل في ذلك وإلا فهناك موضوعات حقيقية تحتاج للتكل عنها وتناولها بنفس الشجاعة التي نتكلم بها في أمور الدين، أما التعالم والتقوّي على ثوابت الأمة فلن يأتي إلا بالخراب والتشتت.