أضحى كل من هشام (22 سنة) وعبد اللطيف (40 سنة) وخديجة (9 سنوات) ومحمد (4 سنوات) يشتكون من مضاعفات بجهازهم التنفسي، مضيفين أنهم صاروا يحملون معهم باستمرار بخاخ الربو؛ بعد قرار المجلس الجماعي لتمصلوحت إحداث مطرح عشوائي سنة 2018، بجوار حومة الماريد الفوقاني والتحتاني، ودوار الصبان وتمكارفا، ودور الضيافة والحي الصناعي والإداري. وعلى الرغم من الاحتجاجات المتكررة للسكان، والتسهيلات التي قدمها مقاول من أبناء المنطقة لإيجاد حل لهذه المعضلة، التي توجد بالقلب النابض لجماعة تمصلوحت، فإنها لم تجد آذانا صاغية، سواء من طرف المسؤولين أو الجهات المعنية بهذه المشكلة، تقول تصريحات متطابقة استقتها هسبريس خلال جولتها بالمناطق المذكورة. يوسف حاتم، شاب من الحي الإداري، أوضح لهسبريس أن "سكان هذا التجمع السكاني يقطنون على بعد 100 متر من هذا المطرح، الذي كان وراء إصابة أختي الصغيرة بمرض ضيق التنفس، بسبب الروائح الكريهة والحشرات"، مضيفا أن "هذا المركز التحويلي كان حلا مؤقتا، لأن النفايات يتم نقلها إلى مطرح مراكش كل ثلاثة أيام". وزاد هذا الشاب قائلا: "سئم السكان الوعود التي تقدم إليهم كحل، لأن المسؤولين وعدونا بتوقيفه مع بداية سنة 2019"، مضيفا أن "عدة شركات هاجرت الحي الصناعي، وانتقلت إلى مدن أخرى كمراكشوالعيون؛ ليبقى شباب الجماعة يعاني العطالة"، مشيرا إلى أن "تقاعس المسؤولين ينذر بخطر يهدد السلم الاجتماعي، عبرت عنه الساكنة في شكاية جماعية وجهت إلى عامل الإقليم". هروب الاستثمار غيلوم هوم، وهو مستثمر فرنسي يجاور مصنعه المطرح المذكور، قال لهسبريس: "اشتريت مصنعا للمساهمة في التنمية المحلية، وتوفير مناصب الشغل، ولتحقيق ربح اقتصادي، لكني لم أنعم ولا شباب المنطقة بذلك، بعدما وضعت جماعة تمصلوحت هذا المطرح العشوائي على بعد أمتار معدودة من الحي الصناعي". وتساءل إن لم يكن هذا الأمر مقصودا. وأضاف أن "إحداث هذا المطرح العشوائي كانت له آثار سلبية، فلا واحد من الزبائن يمكث دقيقة واحدة داخل المصنع"، مشيرا إلى أن "فكرة فتح المطرح بالقرب من الحي الصناعي والتجمعات السكنية قرار بليد وخطير في الآن نفسه"، منبها المسؤولين إلى "ضرورة وجود مسافة خمسة كيلومترات على الأقل عن التجمعات السكانية والصناعية حتى يتجدد الهواء". وأكد غيلوم أن "المعضلة تزداد استفحالا حين يتم إحراق النفايات، مما يعرقل الحركة الاقتصادية للحي الصناعي، ويدفع المستثمرين إلى الهجرة نحو أماكن أخرى، كمدينة آيت أورير أو العيون، مما يحرم شباب المنطقة من فرص شغل هم في أمس الحاجة إليها"، مضيفا أن ذلك "يتناقض مع ما يدعو إليه ملك البلاد من تشجيع المستثمرين، وحماية المواطنين من الأمراض". من جهته، قال عبد الصادق الأزهري، مقاول من أبناء تمصلوحت، لهسبريس: "حاولت الاستثمار بمسقط رأسي من أجل تنمية مستدامة، توفر مناصب الشغل لشباب هذه الجماعة، التي رضعت حليبها واستنشقت هواءها منذ صباي، وهذا ما دفعني إلى تفويت عقار مساحته 23 ألف متر مربع بثمن رمزي إلى المجلس الجماعي، الذي لم يعد يتوفر على أي عقار في حي يضم أنشطة صناعية". وتابع الأزهري قائلا: "في سنة 2015 رغب رجال أعمال إيطاليون بإحداث مشروع اقتصادي ضخم، بغلاف مالي يقدر ب 45 مليون درهم، فتقدمت بملف للجنة الاستثناء، ولما توصلت بالجواب سنة 2018، فوجئت بالمجلس الجماعي يصادق على وضع مطرح نفايات عشوائي بالقرب من الحي الصناعي"، مشيرا إلى أن "أصحاب المشروع رفضوا بعد ذلك الاستمرار في إنجاز مشروعهم، مما تسبب في فقدان أكثر من 150 فرصة شغل". الجماعة تخصص 50 مليون سنتيم هسبريس ربطت الاتصال بعبد الجليل قربال، رئيس جماعة تمصلوحت، الذي قال إن الجماعة رصدت لهذا المشكل 50 مليون سنتيم، كمساهمة في المطرح الذي سيتم إحداثه بجماعة أغوطيم. وحين فاتحت الجريدة الالكترونية المشتكين بالحل الذي ينتظر مشكلتهم، كان جوابهم بالإجماع أن مطرح أغوطيم غير مرغوب فيه من طرف سكان هذه الجماعة والفاعلين الجمعويين بها، مما دفع ما يزيد عن 360 مواطنا وإحدى عشرة جمعية بتمصلوحت إلى توقيع شكاية وجهت إلى عمالة إقليم تحناوت ووالي جهة مراكشآسفي. وخلال شهر شتنبر من سنة 2018 زارت لجنة، أرسلت من طرف عامل الإقليم، لمعاينة المطرح العشوائي. محضر معاينة وتبعا لبرقية عامل إقليمالحوز، بخصوص مطرح النفايات المنزلية الموجود بمركز جماعة تمصلوحت، انتقلت، الأربعاء 26 شتنبر 2018، لجنة مختلطة، وبعد معاينتها لأضراره، أوصت بإزالته من وسط التجمعات السكنية ومنطقة الأنشطة الصناعية بصفة استعجالية. وطالبت اللجنة بتحويل النفايات المنزلية إلى المطرح الجماعي بمراكش، وفق الإجراءات القانونية الجاري بها العمل في هذا الصدد، وتخصيص عقار آخر بديل لهذا المطرح، بعيدا عن الساكنة، سواء عن طريق الشراء أو الكراء. "إلى حدود الساعة لا نرى حلا يرفع عنا هذا الضرر"، هكذا كان جواب كل من استطلعت هسبريس آراءهم حول هذا المشكل، مضيفين "قتلنا الانتظار الطويل، وسكوت المسؤولين، محليين وإقليميين، سيدفعنا إلى اتخاذ خطوات تصعيدية لوضع حد لهذه المعضلة، التي تنعكس سلبا على الساكنة والمقاولات الصناعية".