بعد التعديل الذي طال حكومة العثماني، غداة الإقالات التي عصفت بوزرائها بسبب "الغضبة الملكية" غداة اندلاع احتجاجات الريف، ستشهد هذه الحكومة تعديلا جديدا، بعد أن طلب الملك من العثماني أن يقترح عليه أسماء كفاءات لتطعيم حكومته بنخب جديدة. مطالبة الملك للعثماني بإدخال نخب جديدة على حكومته جعلت متابعين للشأن السياسي يتساءلون عمّا إنْ كان هناك توجه للعودة إلى "حكومات التكنوقراط"، على اعتبار أنّ الأحزاب السياسية المغربية أضحت شبْه خالية من الكفاءات. عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، يرى أنّ إعلان الملك، في خطاب العرش مساء الاثنين، عن تطعيم الحكومة بنخب جديدة، مُهّد له في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية سنة 2018، حين دعا الملك إلى الرفع من الدعم العمومي المخصص للأحزاب السياسية، وتخصيص جزء منه للكفاءات التي توظفها. تكليف الملك محمد السادس لرئيس الحكومة بأنّ يرفع إليه مقترحات لإغناء وتجديد مناصب المسؤولية، الحكومية والإدارية، يدفع إلى التساؤل: من أين سيأتي رئيس الحكومة بالكفاءات التي يريدها الملك؟ يجيب العلام بأنّ الأحزاب السياسية ستبحث عن أطر لإضفاء انتمائها عليها، واقتراحها على رئيس الحكومة لتعيينها في المناصب المطلوبة، دون أن تكون تلك الأطر مرتبطة بالأحزاب، ودون أن ترتقي عبر مراحل الترقي داخل المؤسسات الحزبية. يُعرَف الوزراء التكنوقراط، الذين "تصبغهم" الأحزاب السياسية بألوانها في آخر لحظة لإدخالهم إلى الحكومة، بوزراء "الباراشيت". وقد لجأت الأحزاب السياسية "الإدارية" إلى هذه الطريقة، بعد تنصيص دستور 2011 في الفصل 47 منه على أنّ رئيس الحكومة يُعيَّن من الحزب السياسي الذي تصدّر انتخابات مجلس النواب، وأنّ أعضاء الحكومة يُعيَّنون باقتراح من رئيسها. ويرى العلام أنّ لجوء الأحزاب السياسية إلى استقطاب الكفاءات التكنوقراطية، دون أن يكون لها ارتباط بالحزب، راجع إلى كون هذه الأحزاب لم تعد تراهن على التغلغل في المجتمع، بقدر ما أصبحت تراهن على التغلغل في المؤسسات، من أجل خدمة المصلحة الخاصة لأعضاء الحزب، كتوظيفهم في الدواوين، وهو ما يعني، يضيف أستاذ العلوم السياسية، أن لا شيء سيتغير، حتى لو تم إدخال نخب جديدة إلى الحكومة، وإلى المؤسسات المدبّرة للشأن العام. وإذا كانت أغلب الأحزاب السياسية لن تجد صعوبة في اقتراح أسماء الكفاءات التي ستقدمها إلى رئيس الحكومة، فإنّ عملية الاقتراح ستطرح إشكالات بالنسبة إلى الأحزاب السياسية، التي تعتمد مساطرَ خاصة لاقتراح الأسماء التي ترغب في استوزارها، وتحديدا حزبي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية. ويرى العلام أنّ حزب العدالة والتنمية، على الخصوص، سيجد نفسه أمام خياريْن: إما أن يغيّر الطريقة التي يقترح بها مرشحيه للمناصب الحكومية، والتي تقوم على التصويت داخل الأمانة العامة لاختيار ثلاثة منهم، أو يحافظ على المسطرة المعتمدة، "فيجد نفسه في صدام مع القصر".