جدد الملك محمد السادس، في خطاب عيد العرش، دعوته الجزائر إلى طي خلافات الماضي والتوجه إلى المستقبل، لما فيه مصلحة الشعبين الجارين، لاسيما بعد مظاهر الحماس والتعاطف التي عبر عنها المغاربة، ملكا وشعبا، دعما للمنتخب الجزائري لكرة القدم خلال كأس إفريقيا للأمم بمصر. وسبق للعاهل المغربي، بمناسبة الذكرى ال43 للمسيرة الخضراء، أن اقترح آلية مشتركة للحوار المباشر والصريح مع الجارة الشرقية لتجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين. لكن النظام الجزائري القديم الجديد لم يتفاعل مع اليد الممدودة من الملك محمد السادس، بل لم يعبر عن أي موقف رسمي تجاه المبادرة. وعلى عكس المبادرة الإيجابية للمغرب، كرس رئيس الجزائر المؤقت، عبد القادر بن صالح، عداء النظام الجزائري ما بعد مرحلة عبد العزيز بوتفليقة، وهو ما تجلى من خلال احتضان ولاية بومرداس أشغال الجامعية الصيفية لما يُسمى أطر جبهة "البوليساريو"، تحت شعار "الشعب الجزائري والشعب الصحراوي.. أخوة عهد ووفاء". الموساوي العجلاوي، الباحث في معهد الدراسات الإفريقية، أكد أن خطاب عيد العرش أعاد الاقتراح الذي كان الملك محمد السادس أصدره في ذكرى المسيرة الخضراء الماضية، إلا أن الدعوة هذه المرة جاءت انطلاقا من الشعور الشعبي العاطفي والإنساني الذي تركه فوز المنتخب الجزائري بكأس الأمم الإفريقية. وأشار الموساوي العجلاوي إلى أن كرة القدم هي الرياضة الوحيدة التي ظلت طيلة هذه الفترة المتوترة بين المغرب والجزائر ترسم القواسم المشتركة بين بلدان المغرب الكبير. لكن المتحدث أكد أن النظام الجزائري الحاكم اليوم أظهر عدم رغبته في بناء علاقات جديدة مع المغرب، واستمراره في موقفه من ملف الصحراء المغربية. وأوضح العجلاوي، في تصريح لهسبريس، أن "كل الواجهات الإعلامية التي كانت محسوبة على شخصيات معينة من أصحاب رؤوس الأموال أو ما يسميه القائد صالح "العصابة"، والتي كانت متخصصة في تكريس العداء تجاه المغرب، هي مستمرة إلى يومنا هذا في نفس خطها التحريري". ويقف العجلاوي عند شعار جامعة بومرداس، التي تحتضن في هذه الفترة من كل سنة "أطر الجبهة". واعتبر الباحث في الدراسات الإفريقية أن شعار الجامعة الصيفية هو بمثابة "سرقة فرحة الشعبين المغربي والجزائري بمناسبة تتويج "الخضر" بكأس إفريقيا". "التضامن المغربي الجزائري والفرحة الواسعة في النقاط الحدودية بين البلدين أزعجت صناع القرار في الجزائر، ما دفعهم إلى اختيار شعار الأخوة بين الشعبين الصحراوي والجزائري"، يُورد العجلاوي، الذي لفت الانتباه إلى رفع الجزائر مستوى تمثيليتها في الجامعة المتخصصة في تدريب وتكوين نشطاء الجبهة مقارنة مع السنة الماضية. وبخصوص الرسالة الملكية الواضحة تجاه ملف نزاع الصحراء، أكد العجلاوي أن الملك محمد السادس وجه رسائل دقيقة ركزت على سيادة المملكة على كل شبر من الأراضي المغربية. ويشرح الباحث أن هذه النقطة "إشارة واضحة إلى رفض المغرب ما يروج له البعض بخصوص منح "البوليساريو" المناطق الواقعة شرق الجدار الأمني العازل، بما في ذلك أن المملكة قادرة على محو تحركات الانفصاليين في الكركرات في أقل من نصف ساعة". وكان الملك محمد السادس أكد في خطاب عيد العرش، الاثنين، أن "الاحتفال بعيد العرش المجيد أبلغ لحظة لتأكيد تعلقنا الراسخ بمغربية صحرائنا، ووحدتنا الوطنية والترابية، وسيادتنا الكاملة على كل شبر من أرض مملكتنا".