"وفيّ خدوم فأنصفوه" هو الشعار الذي اختاره منظمو مهرجان بني عمار زرهون "فيستي باز" للدورة الثانية من الموعد الذي يحتفي بالحمار. استطاع المهرجان، الذي توقف منذ ست سنوات، قبل أن يُستأنف هذه السنة، كسْر النظرة السلبية التي كانت سائدة إزاء الحمار، لكنّ هذه النظرة لم تتلاش كلها بعد. في هذه الدردشة مع جريدة هسبريس الإلكترونية، يتحدث محمد بلمو، مدير مهرجان بني عمار زرهون، عن سبب توقف المهرجان لمدة ست سنوات، وعن المشاكل التي تعترض حصوله على الدعم، لا لشيء سوى لأن بعض المسؤولين لازالوا ينظرون إلى الحمار على أنه كائن منبوذ، ولا يشرّف منطقة بني عمار أن تحتضنَ مهرجانا يحتفي به. كيف تبلورت لديكم فكرة تنظيم مهرجان يحتفي بالحمار في مجتمع يحتقر هذا الكائن؟ في الصِّغر كنا نخوض سباقات تلقائية بالحمير، وقد حاولنا أن نُدمج هذا التقليد ونطوّره في إطار المهرجان، ولكن ببُعد يتعدى إطار السباق إلى إثارة الانتباه إلى أهمية هذا الكائن ودوره في الحياة اليومية لسكان القرى، وبهدف رد الاعتبار إليه. هل لديكم نية للاستمرار في تنظيم دورات مقبلة من مهرجان "فيستي باز"؟ المشكل الأساسي بالنسبة إلينا هو هزالة التمويل. لا يعقل أن مهرجانات تنهال عليها الملايير منذ دوراتها الأولى، ونحن بعد اثنتي عشرة دورة، وما حققه المهرجان من إشعاع وصل إلى العالمية، والمجهودات التي نبذلها، لم نستطع طيلة كل هذه السنوات تجاوز مائة وعشرين ألف درهم، وهو مبلغ هزيل جدا يعوق تحسين وتطوير وتنظيم مهرجان في مستوى أكبر من مستواه الحالي. ما سبب غياب الدعم عن مهرجان "فيستي باز"؟ هل يعود ذلك إلى تيمة المهرجان، وهي الحمار؟ بكل تأكيد، الموقف النمطي من الحمار باعتباره سُبّة، وخنْدقته في خانة كل ما هو بخس وحقير وسلبي، من المعيقات التي تحُول دون استفادتنا من الدعم. بعض الجهات التي تواصلنا معها حول الدعم كان مبررها الأساسي أن مهرجان الحمار بالنسبة إليها فضيحة، وإساءة إلى المنطقة والبلد، وأنه شيء غريب، رغم أن المغرب يشهد تنظيم مهرجانات عديدة للحيوانات تحظى بدعم كبير. نحن نحاول، دورة بعد أخرى، أن نوضح أهداف مهرجان "فيستي باز"، الذي نهدف من ورائه، بالأساس، إلى جعله قاطرة من أجل تحقيق مشروع تنموي متكامل بمنطقة بني عمار.. نتوفر على بطاقته التقنية، وسنحاول بعد المهرجان الترافع من أجل أن يتحول إلى مشروع تنموي يستفيد منه السكان ويحافظ على استقرارهم وتثمين منتجاتهم المحلية، وخلق فرص الشغل لهم. هل استطاع مهرجان "فيستي باز" أن يغير الصورة النمطية حول الحمار، على الأقل لدى سكان منطقة بني عمار؟ نعم؛ هنا في قصبة بلدة بني عمار، حيث ينظم مهرجان "فيستي باز"، تغيرت الصورة النمطية التي كانت سائدة لدى الناس إزاء الحمار؛ وما سهّل ذلك هو أن أغلب سكان المنطقة فلاحون ويتعايشون يوميا مع الحمار.. الحاجز يكون أكبر في المناطق الحضرية، حيث يوجد نوع من التباعد مع هذا الكائن. تمكن مهرجان "فيستي باز" من تغيير تلك النظرة السلبية والسطحية والظالمة إزاء الحمار تؤكده عدة حكايات، منها أن الفائز بجائزة سباق السرعة في أول دورة من المهرجان ذهب إلى السوق، فكان أن حاول حماره أن يقضم شيئا من الكاكاو كان يعرضه أحد الباعة، فنهر البائع الحمار بقوة، وكان رد فعل صاحبه أن اشترى من البائع كمية الكاكاو التي كان يعرضها، وقدّمها لحماره، ليأكلها كلها، دلالة على حبه له. مشكل النظرة السلبية إزاء الحمار يُطرح أكثر في الحواضر، ربما لبُعد سكانها عنه، ولهذا فهُم أكثر تكريسا لهذه النظرة التحقيرية والنمطية لهذا الكائن الصبور والخدوم، بخلاف سكان القرى المتعايشين معه يوميا، والذين يحترمونه ويدركون قيمته. ما تقييمكم للدورة الأخيرة من مهرجان "فيستي باز"؟ أستطيع أن أقول إن الدورة الثانية عشرة للمهرجان كانت أنجح مقارنة مع الدورات السابقة، رغم أن الدعم المالي، كما أسلفت، لم يتغير تقريبا، وهو بالأساس دعم وزارة الثقافة، والمجلس القروي لقصبة بني عمار، والجمعية المغربية للرفق بالحيوان والمحافظة على البيئة. الأنشطة التي نظمنا هذه السنة كان فيها نوع من التطوير، بفعل تجديد الفضاءات ومستوى وغنى المشاركات التي شهدها المهرجان، منذ اليوم الأول؛ إذ نظمنها لقاء مع الكاتب الروائي حسن أوريد، فضلا عن أنشطة فنية وثقافية وورشات متنوعة.