قالت جمانة حداد، كاتبة إعلامية لبنانية، إن الانفجار الجنسي والجندريّ انفجارٌ لم يحدث بعد في العالم العربي، على الرغم من أننا "في أمسّ الحاجة لحصوله حتى نتحرّر من العديد من الطابوهات والعوائق التي تعيقنا كبشر، قبل أن تعيقنا كشعب وشعوب". وأضافت الكاتبة، في سياق حديثها بالمهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة "ثويزا"، أن هناك أفرادا ومجموعات صغيرة في العالم العربي تعمل على تحديث النظرة إلى الجنس وترسيخ المساواة بين الجميع؛ ولكننا رغم ذلك لا نزال نعيش التخلف في طريقة تفكيرنا، قبل الحديث عن طريقة تطبيقنا، وطريقة عيشنا الحياة. وذكرت جمانة حداد أننا نعيش زمنا لا يُختصَر فيه العالمُ في "رجل وامرأة" بل هناك انتماءات جنسية وبيولوجية مختلفة، وأكّدت الإعلامية اللبنانية أن الحداثة ليست كما يعتقد البعض انفلاتا، بل تعني أن نملك أولا وأخيرا قرارنا، ووجودنا، وعلاقتنا بشركائنا.. مستحضرة مفارقة أننا "ما نزال نتخبّط في وحولِ نظرةٍ دونية للمرأة، ونظرة منافقة للجنس حيث يثير هوسَ معظم الناس مع اعتبارهم له "حشومة" وحراما، مما يولّد "نفسيات محرومة مقموعة"، وهو ما دفعها إلى التساؤل: كيف نتخلص من هذه القيود التي تهيننا، قبل أن تهين طموحنا كعرب وبشر؟. وفي سياق تفاعلها مع مداخلة عبد الصمد الديالمي، عالم الاجتماع المغربي، الذي جاورَها المنصّة، تحدّثت حداد عن "هول الهوة بين الأكاديميا والعلوم وبين الناس"، متسائلة: كيف نقنع أفراد المجتمع بأهمية أن يعامل الرجل والمرأة على أنها ندّ مساوٍ له في الحقوق؟ وشدّدت جمانة حداد على أنه ينبغي ألا يغرق المثَقّف في الخطاب النخبوي، مؤكّدة أن الانفجار الجنسي بمعنى الثورة الجنسية ليس قائما الآن في العالم العربي، وزادت قائلة: ما يهني الآن هو كيفية الوصول إلى "العامة"، ومناقشتهم، والإصغاء لهم، والتحاور معهم، لأن المساواة في الحقوق قضية إنسانية، حتى يفهموا أن النَّسَوِيّة صراع من أجل عالم أكثر عدالة لا عراك من أجل السلطة. وتعجّبت المتحدّثة من الاستمرار في إعطاء "الجنس"، بوصفه فعلا بيولوجيا مثل الأكل والشّرب، كل هذه الأهمية، مضيفة أنه من الضرورة أن تكون لنا الشجاعة لإعطاء الأبناء ثقافة جنسية، وأن تكون لنا شجاعة الحديث الحرّ معهم عن الجنس؛ لإبعادهم عن الأمراض. وانتقدت الكاتبة "الاستمرار في الحديث عن غشاء سخيف هو غشاء البكارة"، وقابَلَت بين عدم الإحساس بالخوف والرّعب من الرجل متعدّد العلاقات الجنسية الذي يسمّى فحلا، وبين المرأة التي تصبح عاهرة إذا قامت بذلك لأنّ جسدَها يختصَر في "البكارة". وترى جمانة حداد أن "الاجتهاد في الإسلام أكثر من ضروري وأساسي"، واسترسلت مؤكدة أنها لا تدعو بذلك إلى ترك الدين، بل تدعو إلى أن يتمكن العلماء والفقهاء من مسايرة العصر، حتى تركز المجتمعات على أمور أكثر أهمية، بدل الهوس بالممنوعات. وتشدّد الإعلامية على أنه "من دون علمانية، وفصل بين شؤون المواطن وحياته الخاصة وحياة البلد السياسية والقوانين التي يجب أَن تعامِلَ الجميع سواسية" لا يمكن تحقيق حدّ أدنى من العدالة يكون هدفه أن تعيش دون أن يفرض عليك أحد قيمه، وأثارت أهمية الرجل في هذه "المعركة النَّسَويّة" وحاجة النَّسويات إلى احتضان الرجال الذين يفكّرون بالطريقة "النّسَويّة" مثل عالم الاجتماع المغربي عبد الصمد الديالمي، كما أبرزت، في سياق متّصل، أهمية القراءة والفكر والفنّ في ظلّ التدهور الذي تعيشه القيم الإنسانية في العالم العربي. وشكّكت الكاتبة اللبنانية في أن تكون "لبنان" أكثر تطورا وحداثة من المغرب، لأن المجتمع اللبناني "باطرياركي ويحب ادعاء الانفتاح، مع وجود استثناءات، بينما يجب أن تكون الحداثة في التفكير"، مذكّرة ب"القيامة التي قامت ولم تقعد" بدولتها عندما أصدرت مجلة "جسد"، ولم يمنعها وزير الداخلية آنذاك؛ لأن عقليته كانت منفتحة، بينما لو كانت قد أصدرتها اليوم لمُنعت، كما أحالت على ما يحدث اليوم مع الفرقة الموسيقية اللبنانية "مشروع ليلى" والكنيسة المسيحية، لأن أحد أعضائها مثليّ.