دعا الملك محمد السادس الحجاج المغاربة المتوجهين لأداء الفريضة خلال الموسم الحالي إلى ضرورة الاتصاف بالأخلاق الحميدة، والتزود بالمعرفة بالأركان والواجبات والسنن والآداب المتعلقة بمناسك الحج والزيارة لبيت الله الحرام، طوافا وسعيا ووقوفا بعرفات، داعيا الله إلى أن يعنيهم على أداء هذه الأركان والواجبات بيسر وأمن وأمان. وشدد الملك، في رسالة إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1440ه، تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، قبل مغادرة الوفد الأول من الحجاج لمطار الرباط -سلا، على أن خير ما يتزودون به لأداء هذه الفريضة على الوجه الأمثل هو تقوى الله، واستحضار الوقوف بين يديه تعالى، والحرص على مرضاته، والتخلق بأخلاق التسامح والتعاون، والسمو عن سفاسف الأمور، وعن الجدل الموقع في المحظور، امتثالا لقوله تعالى: "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، وما تفعلوا من خير يعلمه الله، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، واتقوني يا أولي الألباب". وأضاف ملك المغرب: "تعلمون - رعاكم الله - أن الإسلام أقام ركن الحج إلى بيت الله الحرام على أساس تحقيق التعارف بين المسلمين، واجتماعهم على صعيد واحد، إخوة متضامنين، وعلى الحق متعاونين، وللإثم والعدوان نابذين؛ مظهرين للمساواة بينهم، في السر والعلن، مع التجرد من المحيط والمخيط، مكبرين ومهللين، مستجيبين لقوله تعالى: "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا، وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات". وذكر محمد السادس الحجاج "بما يقتضيه القيام بهذا الركن العظيم من استعداد نفسي، ونية صادقة، وتجرد من الأهواء الدنيوية والأنانيات الهوجاء، واستشعار الوقوف بين يدي الله سبحانه والتوجه إليه بلسان واحد : "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك". واسترسل: "ولا شك في أنكم على وعي وبصيرة بأركان الحج وواجباته، وشروطه وسننه وآدابه، وأنكم استفدتم مما قدمه لكم فقهاؤنا وفقيهاتنا من توجيه وتوعية وإرشاد، خلال إعدادكم لهذه الرحلة المباركة، فاعمروا أوقاتكم في تلك المقامات بالأدعية والأذكار والتكبير والاستغفار، لبلوغ المقصد العظيم الذي شرع له الحج، وهو نيل الجزاء الأوفى بما وعد الله به المؤمنين، مصداقا لقول جدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". وجدد الملك التذكير بما يتطلبه انتظام موسم الحج من حضور مكثف من لدن الحجاج من كل آفاق المعمور، من تنظيمات دقيقة وتدابير أمنية وتنظيمية صارمة، ومن جهود مشتركة بين السلطات المختصة في المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية الشقيقة، وذلك لضمان سير هذا الموسم العظيم على الوجه المطلوب. وثمن محمد السادس ما وصفها ب"الجهود الخيرة، التي ما فتئ يبذلها أخونا المبجل خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله، لاستقبال ضيوف الرحمن، بما يليق من شروط الراحة والاطمئنان، جزاه الله خير الجزاء على خدمته المثلى، حجاج بيت الله الحرام، وحرصه على تحسين ظروف الحج باستمرار". ودعا الجالس على العرش الحجاج إلى الامتثال لتلك التنظيمات والتدابير، والحفاظ عليها، "بما في ذلك احترام الإجراءات التي اتخذها وزيرنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية، الذي لا يدخر جهدا في تحسين ظروف سفركم وإقامتكم، وتوفير أسباب راحتكم، فيما يتعلق بالرعاية الصحية والمواكبة الإدارية، والتوجيهات الدينية اللازمة، تنفيذا لتعليماتنا السامية في هذا الشأن، كما ننوه في نفس الوقت، بجهود الأطر التابعة لهذه الوزارة". ولم يفوّت الملك الفرصة لدعوة الحجاج إلى استحضار ما يتعين القيام به في أداء هذا الواجب الديني من واجب وطني، و"هو أن تتحلوا في حلكم وترحالكم، فرادى وجماعات، بفضائل بلدكم المغرب، وتجسيد حضارته وهويته في التشبث بالمقدسات الدينية والوطنية، القائمة على الوسطية والاعتدال، والوحدة المذهبية، ونبذ التطرف والإقصاء، لتكونوا خير سفراء لبلدكم في تلك الديار". وزاد الملك مخاطبا الحجاج: "ستقومون في الديار المقدسة بسنة أكيدة، يتجلى فيها إيمانكم، وتلبون فيها أشواقكم، في زيارة الروضة النبوية الشريفة، والوقوف بخشوع وإجلال، على قبر خير الأنام جدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام. فاستحضروا رعاكم الله، ما يقتضيه هذا المقام من هيبة وتعظيم، وما ينبغي لمن كتب الله له هذه الزيارة من صلاة وتسليم، للفوز بما وعده به الرسول الأعظم، حيث قال: "من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا". وطلب محمد السادس من المقبلين على الحج "الدعاء لملككم، الساهر على أمنكم وازدهاركم، وعلى وحدة بلدكم المغرب، وصيانة سيادته، وإحلاله المكانة اللائقة به في محيطه الإقليمي والعالم الإسلامي كله، بأن يقر الله أعيننا بولي عهدنا، صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب مولاي الحسن، وبكافة أفراد أسرتنا الملكية الشريفة، وأن يشمل بمغفرته ورضوانه جدنا ووالدنا المنعمين، جلالة الملك محمد الخامس، وجلالة الملك الحسن الثاني، خلد الله في الصالحات ذكرهما".