(2) سبق أن أشرنا في الحلقة السابقة حول الزوايا بشكل عام والزاوية الدرقاوية بتازة على نحو أخص إلى أن فرع تلك الزاوية تأسس بتازة في نفس فترة تأسيس الفرع الأم بأمجوط (أواخر القرن الثامن عشر) أو بعده بقليل، وسط قبيلة بني زروال بالريف، وهو شيء طبيعي باعتبار الشرط التاريخي الموضوعي وتبعا لما نهجه تلامذة الشيخ م العربي الدرقاوي ومريدوه لما عمد عدد منهم إلى تأسيس فروع لزاويته بمختلف المناطق والمدن القريبة وحتى البعيدة عن الزاوية الأم وعلى رأسها فاسوتازةفتطوان والناظور (سميت بالزاوية الكركرية الدرقاوية) وفكيك، ثم العمل على نشرها وتوسيعها في باقي مناطق البلاد كالجهة الشرقية/وجدة وتاوريرت وواد زا وبعض المدن الشاطئية. فمن فروعها المعروفة بالجهة الشرقية التي أسسها ونشطها تلامذة م العربي الدرقاوي خلفا عن سلف: الزاوية الهبرية (جنوب مرسى العربي بن مهيدي بالجزائر وشرق المغرب بمداغ)، والزاوية الشيخية البوعمامية (نسبة إلى الطيب بوعمامة) بالجنوب الشرقي، والزاوية الدباغية الدرقاوية بفاس، فضلا عن الأطلس المتوسط وجنوب شرق البلاد. وقد دللنا على وجود فرع للدرقاوية في تازة بالشيخ المتصوف العارف أبي عبد الله محمد المكودي التازي (المتوفي سنة 1214ه/1799م) الذي توجه إلى تطوان لمؤازرة الشيخ بن عجيبة وأصفيائه من الدرقاويين (سنة 1795) حينما تعرضوا لمحنة السجن والتنكيل من طرف عاملها الصريدي بأمر من السلطان م سليمان، بسبب ما قيل عن بعض ممارساتها وطقوسها في اللباس والعمارة وسلوكها الحياتي، ثم تحفظ المخزن السليماني منها. وفي هذا السياق، ألف المكودي رسالته المعنونة ب "الإرشاد والتبيان في رد ما أنكره الرؤساء من أهل تطوان" يدافع فيها عن الدرقاويين ويرد على فقهاء مدينة تطوان الذين أنكروا على أهل الطريقة لبس المرقعات ووضع السبحة في العنق وأخذ العصا والسعي حفيانا دون نعل، وما يتصل بذلك من ذكر وأسماع وغيره. وبعد هذه المحنة انتعشت الزاوية من جديد مع السلاطين الذين جاؤوا بعد م سليمان، واستمر إشعاعها عموما رغم المحن التي تعرض لها المغرب وضاعفت منه التدخلات الاستعمارية كمعركتي إيسلي وتطوان. مما لا شك فيه أن الدرقاوية تعد من أقدم وأعرق وأكبر الزوايا بالمغرب، ونلاحظ خاصة انتشارها في الشمال والوسط ومناطق أخرى، ونحدد هنا تازة وأحوازها. ودون تفصيل الكلام عن الأحداث الكبرى التي شهدتها المنطقة ولعبت فيها تلك الزاوية أدوارا هامة، فإن اتصال الدرقاويين فيما بينهم وعبر تازة وممرها يعتبر حقيقة تاريخية تؤكدها المصادر والمراجع والوثائق، ومن المحتمل أن تكون أفواج من هؤلاء قد طاب لهم المقام بكل من تازةوفاس وما يليهما من بلاد المغرب، خاصة مع ثورة الدرقاويين بتلمسان ضد الأتراك سنة 1805، وكذا لما وقعت الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي، فقد هاجرت عدد من الأسر التلمسانية إلى تازةوفاس، وبينها بعض الدرقاويين الذي تقلدوا مشيخة الزاوية بتازة أو على الأقل كانوا قيمين عليها، مثلما حدث بالنسبة لبعض الأسر القادمة من الجنوب الشرقي كأسرة العيونيين الواتدغيريين الحسنيين، ونذكر من الأسر التازية ذات الأصول التلمسانية أسرة بن عصمان وأسرة بنصاري وأسرة المقري على سبيل المثال لا الحصر. ولما قام بوعزة الهبري برسم الجهاد في الجنوب الشرقي حيث شرعت فرنسا الاستعمارية تتوغل في الصحراء الجنوبية الشرقية من المغرب، بدءا من عهد م محمد بن عبد الرحمان، بويع (الهبري) من طرف قبائل المغرب الشرقي وصولا إلى غياثة ومجموعات حوض إيناون. لم يكن الهبري في الأصل سوى أحد مريدي الزاوية الدرقاوية التي توارثت قبيلته (شراكة) الولاء لها أو على الأقل التعاطف معها، والأوضاع نفسها التي شهدها جنوب شرق البلاد دفعت السلطان الحسن الأول إلى زيارة فرع الدرقاوية بالمنطقة والاعتناء به، ولا يبدو من خلال الزيارة أن هناك علاقة ما بسجن الهبري والتشهير به، ولا تخفى بالطبع الأهمية السياسية والدينية لهذه المبادرة السلطانية، والمعروف أن قبائل منطقة تازة وشيوخها وأعيانها قدموا البيعة للحسن الأول في سادس شعبان 1290/28 شتنبر 1873. وبما أن زاوية درقاوة ظلت تتمتع بنفوذ كبير في تازة فهذا الأمر كان في الواقع تحصيل حاصل إذا علمنا تهيب السلطان من الدرقاويين وضرورة تأمين جانبهم من حيث حماسهم للجهاد، خاصة ضد العزو الأجنبي. ومن هنا زيارته واحترامه للزاوية، بل يذهب بعضهم إلى أن الدرقاوية مارست تأثيرها على السلاطين العلويين منذ م عبد الرحمان بن هشام وحتى المولى يوسف، ونذكر أن السلطان الحسن الأول زار تازة غير ما مرة (إما للتوجه نحو وجدة أو للحركة ومد نفوذ المخزن إلى الريف) مما يعكس الطابع الودي مع أشياخها وأعيانها وشرفائها وعلى رأسهم الدرقاويون طبعا، مع تسجيل محطات صدام كالتي وقعت مع غياثة الرافضين لتكاليف الحركات المخزنية سنة 1876 فيما سمي تاريخيا بوقعة الشقة جنوبتازة. عرف المغرب مقاومة مستميتة من طرف القبائل والتجمعات البشرية وتحت قيادات مختلفة، وأحيانا عبر ردود فعل عفوية وتلقائية، ضد تغلغل القوات الفرنسية في البلاد قبل وخلال وبعد معاهدة الحماية التي وقعها المولى عبد الحفيظ بفاس في 30 مارس 1912 وحتى ملحمة بوكافر في 1934، وقد لعب الانتماءان القبلي والديني دورا بارزا في هذه المقاومة كما رفدهما الدور الهام لبعض الزوايا إيجابا وسلبا. والجدير بالذكر أنه باستثناء الزاوية الأم بأمجوط ثم بوبريح التي كانت تسلك سبيل المهادنة بعد وفاة زعيمها الروحي م العربي الدرقاوي، سواء تجاه المخزن الرسمي أو إزاء التغلغل الاستعماري الفرنسي، فإن أغلب فروع الدرقاوية كانت معادية للنصارى والمسيحيين الغزاة، وأحيانا كانت تعادي المخزن نفسه في شخص السلطان أو من تحالف معه، ويعتبر مجال المهادنة بالنسبة للزاوية الدرقاوية الأم في الواقع امتدادا لمواقف سابقة معروفة، حيث كان الشيخ عبد الرحمان الدرقاوي قد رفض تقديم مساعدة كافية للجيلالي اليوسفي الزرهوني (المنتحل لمولاي امحمد الابن البكر للحسن الأول) في صراعه مع الكرونيين أو أتباع المخزن العزيزي ثم الحفيظي (بين 1902 و1909) واقتصر على مساعدته في غلق طريق شفشاون مما عرض الجيلالي للهزيمة على يد محلة بوشتى البغدادي (الذي سيصبح فيما بعد باشا مدينة فاس)، هذا رغم وحدة انتماء كل من م عبد الرحمان والجيلالي إلى الزاوية الدرقاوية لكن الفرق أن الجيلالي ينتمي لدرقاوية فرعية في حين إن م عبد الرحمان ينتمي للزاوية الأم التي تميزت في مواقفها بما تميزت به. من ناحية أخرى عملت فروع الزاوية الدرقاوية منذ بدء التغلغل الفرنسي في شرق المغرب على تعبئة الناس وحظهم على الجهاد في سبيل الدين والوطن، ويمكن القول إن أغلب شيوخ وزعماء الجهاد بمنطقة تازة وحوض إيناون تلقوا "تكوينهم الأساس" في الزاوية الدرقاوية أو على الأقل كانوا قريبين منها أو متعاطفين معها، كأبي عزة الهبري الشركي الذي دخل في مواجهة مع المخزن الرسمي واتهم بإعلان نفسه سلطانا "فتانا" (كان يطلق على مثل هؤلاء في الحقيقة "سلاطين الجهاد")، فضلا عن أن مبادئ تلك الزاوية تتوافق مع الحياة اليومية للإنسان المغربي، وخصوصية الزاوية أيضا تتلخص في مغربيتها المحضة ورفض التبعية سواء للمخزن أو الشرق العربي الإسلامي أو القوى الأجنبية الأخرى على حد سواء. في هذا السياق، نجد الفقيه الجيلالي الزرهوني قد تكون بين رحاب زاوية بن عدة البوعبدلي بالجزائر، وهي متفرعة عن الدرقاوية، وربما هذا ما يفسر تجاوب جزء من ساكنة تازة والأحواز مع دعوات الجهاد التي أطلقها ومع ادعائه أنه الابن الأكبر للحسن الأول، وقد اتخذ الشريف الدرقاوي الحجامي مثلا من شمال وشرق فاس مجالا لدعوته وجهاده، بل إن بيعة أهل تازة من شرفاء وفقهاء ومرابطين وعوام وخواص وشيوخ، وبينهم الدرقاويون، للمولى عبد الحفيظ يوم 12 شعبان 1327 الموافق ل 29 غشت 1909 كانت مشروطة بالجهاد والتصدي للجيش الاستعماري، ومرتبطة تماما بالبيعة الحفيظية المعروفة التي تمت بفاس وخط بنودها أعلام أفذاذ يشكلون النخبة المثقفة في ذلك الوقت كالشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني والعلامة أحمد بلمواز. المعروف أن الجنرال ليوطي general lyautey بدأ خطته في التوسع الأفقي شرقا وغربا باتجاه تازة، بدل بقعة الزيت في سنة 1912 نفسها، تاريخ توقيع عقد الحماية، حيث احتلت القوات الفرنسية في تلك السنة مركز جرسيف بقيادة الجنرال بومغارتن Baumgarten، بينما بدأ غورو Gouraud يوسع احتلاله في منطقة زرارقة متجها بدوره نحو تازة، استهدفت القيادة الاستعمارية مدينة تازة بالدرجة الأولى ثم بواديها في مرحلة ثانية عبر مواجهة مقاومة القبائل المحيطة بفاس والرهان على احتلال ممر تازة الاستراتيجي، وكان قد تزعم الجهاد في هذه الفترة بالمنطقة الشيخ محمد بلمامون الشنكيطي مدعوما بالزاوية الدرقاوية بتازة، التي ساهمت في إقرار زعامته الكفاحية ومبايعته سلطانا للجهاد، كما نشطت الزاوية المذكورة إلى جانب الزاوية اليعكوبية (اليعكَوبي الكبير والصغير) في تأطير وتنظيم المجاهدين قصد التصدي وبأسلحتهم البسيطة (المجلوبة أو المهربة غالبا من ألمانيا عن طريق مليلية) للقوات الاستعمارية المعززة بفصائل الكوم ومنعها أو عرقلة أهدافها التوسعية. ومن الحقائق التاريخية ذات الدلالة حول الزوايا عموما، توجيه الشيخ الناصري احمد بن أبي بكر لرسالة تهنئة (على غرار السلطان م يوسف) إلى الجنرال ليوطي في يونيو 1914 بمناسبة احتلال الجيش الفرنسي لتازة، وهي حقيقة لا تحتاج إلى تعليق. كانت ساكنة تازة والمنطقة قد بايعت م عبد الحفيظ كما سبق الذكر سلطانا للجهاد، ولكن لما قبل بشروط الخزيرات المنظم من طرف القوى الدولية بزعامة كل من فرنساوألمانيا وإنجلترا وروسيا (مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906 الذي أقر سياسة الباب المفتوح في المغرب)، وتلكأ في هذا الجهاد داعيا إلى الهدوء وأداء الضرائب للمخزن (...) مع ازدياد عسف وفساد القياد، خاصة المدني الكلاوي، أحد جبابرة الجنوب وواحد ممن ساعدوا م عبد الحفيظ على اعتلاء العرش، التفت تلك القبائل حول مولاي الكبير، أخ السلطان ع الحفيظ، لفترة قصيرة قبل أن تكتشف تعامله مع الفرنسيين وتتخلى عنه، ثم حدث حصار فاس من طرف قبائل بني مطير والمجموعات المتحالفة معها في أواخر ماي 1911 احتجاجا على الوجود العسكري الفرنسي وفساد قواد المخزن، فيما انصرفت قبائل أخرى إلى زعامات جديدة ومنها قبائل تازة، وكان هذا أمرا طبيعيا وتاريخيا، فرضه تغلغل الجيش الاستعماري الفرنسي، باسم حرب التهدئة، مما جعل تلك الساكنة تحس بالتهديد في صلب كيانها وأرضها وهي المعروفة بمدى تشبثها الراسخ بالاستقلال والحرية فكان من اللازم السعي للبحث عن زعامات جهادية جديدة ومتجددة. لكن في المقابل عرفت الزاوية الدرقاوية الأم بامجوط وبوبريح بمنطقة بني زروال تعاونا وثيقا لشيوخها مع الفرنسيين، خاصة الشريف عبد الرحمان الدرقاوي وابنه محمد، وبشهادة ضباط الجيش الفرنسي، سواء في مرحلة التوسع الأولى والاستقطاب الممنهج ضمن أراضي بني زروال (بدءا من فبراير 1914 إلى حدود استسلام بني زروال والحياينة سنة 1915) أو خلال المرحلة الأخيرة لحرب الريف، حيث تم الإجهاز على مقر الزاوية من طرف قوات الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي في مستهل سنة 1925 عند بداية الهجوم السريع الشهير لقوات الثورة الريفية كرد فعل على زحف الفرنسيين في حوض ورغة، وسبق أن سجلنا هذه الحقيقة التاريخية القائمة على أساس اختلاف مواقف فروع الزاوية الدرقاوية حسب شيوخها ومريديها بسبب نهجها اللامركزي منذ البداية، وحسب طبيعة المنطقة المتواجدة فيها، أما الزاوية الأم فكانت إلى جانب المخزن العزيزي ثم الحفيظي واليوسفي ثم الانحياز لسلطات الحماية حفاظا-في تصورها-على الأمن واستقرار البلاد ورفضا للفتن كيفما كان نوعها. وإذا كان هذا الموقف قد أثر سلبا على إشعاع الزاوية الدرقاوية، فإن عنصرا آخر ساهم في إضعاف الطرق والزوايا بشكل عام، ومنها فرع الزاوية الدرقاوية بتازة، ونقصد هنا موقف الحركة السلفية والوطنية من قضية الطرق والزوايا حيث اتهمتها بتحنيط الإسلام ضمن ممارسات هي أبعد عن الشرع وأقرب إلى ما تسميه بدعا أدت إلى جمود حركية المجتمع المغربي طيلة فترات تاريخية ونشر أفكار التخلف والاستسلام والقدرية. والواقع، فإن صح جزء من هذه الأطروحة بالنسبة لبعض الطرق، إلا أننا مع ذلك نتفق مع بعض الباحثين أن جوهر الخلاف في الحقيقة كان سياسيا أكثر منه عقديا، غايته استقطاب الجماهير الغفيرة التي كانت منتظمة ضمن هذه الزوايا. وفعلا، فإن عددا كبيرا من مريدي الزاوية الوزانية والدرقاوية والتيجانية التحقوا بتنظيمات الحركة الوطنية، ويكفي هنا أن نورد أرقاما دالة حول مريدي الزوايا خلال ثلاثينيات القرن الماضي الذين تميزوا بكثرتهم وحجمهم الكبير بالقياس لتلك الفترة التاريخية، وذلك ضمن إحصاء قامت به السلطات الفرنسية في شهر رمضان 1357/نونبر1938، حيث بلغ العدد الإجمالي لأتباع الطرق والزوايا ما يزيد عن 227.000 مريد، من عدد الساكنة الإجمالي الذي كان يناهز وقتذاك 5.880.686 نسمة؛ أي ما يعادل حجم منخرطي ثلاثة أحزاب مغربية بالمعيار الحالي إذا حددنا هؤلاء المنخرطين في 75 ألف منخرط، مع ما يمكن أن نلاحظ حول طبيعة هذا الإحصاء. على مستوى تازة والناحية بلغ عدد المريدين الدرقاويين وفق الإحصاء نفسه 2857 مريدا، وتأتي الدرقاوية في مرتبة ثانية بعد الوزانية التي كانت تتوفر في منطقة تازة على 3205 مريدين. وبالفعل، فقد لعبت الأخيرة أيضا أدوارا هامة في الريف وتازة وشمال المغرب عموما كتوسط الشريف الوزاني بين القبائل ومرافقة القوافل، بما في ذلك بعض الأجانب كما وقع لسيكونزاك Le Marquse De Segonzac الرحالة والأنطولوجي الفرنسي الذي زار الأحواز الشمالية لتازة في يناير 1901 قادما من وزان بإرشاد وصبحة أحد شرفاء وزان. وموضوع الوزانية لوحده يحتاج إلى أكثر من وقفة ودراسة. دون شك، فإن الدور السياسي للزوايا تراجع كثيرا بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة بعد الاستقلال، حيث حاولت الدولة في مرحلة أولى إبعاد ما تبقى من زوايا عن المجال السياسي، وفي مرحلة ثانية بدأت في احتوائها بل وتوظيفها إما بشكل واضح ومباشر أو على نحو ضمني غير مباشر في مواجهة قوى سياسية أخرى ظهرت على الساحة منذ سبعينيات القرن الماضي. ورغم بعض المواقف السياسية الوطنية المشرفة المسجلة حول درقاويي طنجة، خاصة منهم الشيخ احمد بن الصديق، خلال الفترة المتأخرة للكفاح الوطني، فإن عموم الزوايا، وعلى رأسها الدرقاوية، اقتصرت على بعض الأدوار الرمزية إضافة إلى العبادات كالأذكار والسماع في المناسبات الدينية، وكذا في الظرفيات الخاصة كالجنائز والأفراح الأسرية كما حصل بالنسبة لدرقاوية تازة التي توارت نحو تلك الأدوار الرمزية، فقد أصبح رجالاتها معروفين بتازة من خلال مناسبات الأذكار والسماع، وأبرزهم م الصديق العيوني رحمه الله (المتوفي في فاتح ماي 2013 عن 82 سنة) شيخ الدرقاوية بتازة خلال فترة ما بعد الاستقلال وحتى استوفى أجله. كما أن الزاوية تضم رفات العديد من أبناء تازة على مدى عدة عقود وشواهد القبور تشكل في الواقع إشارات تاريخية إبيغرافية تمنح للزائر أفكارا ومشاهد من ذاكرة مدينة تازة ومغرب الحماية والاستقلال. وسنتعرض لتفاصيل أكثر في هذا الاتجاه ضمن الحلقة المقبلة بحول الله. *رئيس مركز ابن بري التازي للدراسات والأبحاث وحماية التراث