في قلب العاصمة التوغولية "لومي"، يعكف عشرات المعالجين الشعبيين والمشعوذين القادمين من البنين على ترتيب محلاتهم لاستقبال زوار سوق "اكوديساوا" المشهور باسم "لومارشي دي فيتيش"، أكبر مركز للعلاجات الطبية بالأعشاب وجثث الحيوانات والشعوذة ومحاربة السحر، كما يقول مرشدنا كريستيان كودينان، المنحدر أيضا من دولة البنين المجاورة لجمهورية توغو. في سوق منطقة "اكوديساوا" الشعبية بالعاصمة لومي، تنتشر جماجم القرود الوحشية والخنازير البرية وقواقع السلاحف وجلود القنافذ والأفاعي والثعالب والذئاب، إلى جانب رؤوس التماسيح والقردة المقتولة حديثا، والعظام البشرية التي تستعمل في مجموعة من التعويذات والأعمال، التي يقول عنها كريستيان إنها تهدف إلى إعادة الطمأنينة إلى نفس المريض الذي يقصد هذا المكان من أجل التداوي. كودينان، الذي يحرص على ارتداء الزي البنيني الأصيل طوال أيام عمله هنا في هذا السوق الشهير في إفريقيا الغربية، يقول إن سوق "فيتيش" هو المكان المناسب لعلاج كل داء. "مارشي فيتيش"، الذي يتوجه إليه مواطنو توغو والسياح الأجانب، بمن فيهم المغاربة، وفق تأكيدات كريستيان، يعتبر أيضا مقصدا للراغبين في التخلص من "السحر" أو الراغبين في إيجاد علاج "سحري" لعجزهم الجنسي. "في هذا السوق هناك دواء لكل داء، حتى الحب والرغبة في الاغتناء"، يقول كريستيان، الذي يؤكد أن المعالجين الشعبيين وأبناءهم لهم قدرة خارقة على علاج كل الأمراض الجسمية منها والنفسية، والتصدي لكل أنواع السحر الأسود، الذي يستهدف الناس بشكل عام. عندما تلج إلى جناح المعالجين الشعبيين، تجد شخصا مرتديا زيا أبيض وفوق رأسه طاقية من اللون نفسه، لا يخاطب الشخص المريض، بل يحرص على أن يظل كريستيان وباقي أصدقائه وسطاء بينه وبين المريض أو الراغب في الحصول على أمانيه التي لم تتحقق في بلده الأصلي. يقول كريستيان: "هؤلاء المعالجون وأجدادهم أثبتوا جدارتهم وعلو كعبهم في مجال علاج الأمراض والسحر الأسود، وجلب الحظ والمال والحماية من الأرواح الشريرة، منذ عقود، وهو ما يفسر الإقبال الكبير على خدماتهم هنا في سوق "اكوديساوا"، الذي أصبحت له شهرة عالمية لا تضاهى". ويشدد كريستيان كودينان على أن هؤلاء المعالجين يمتلكون قوى خارقة تميزهم عن باقي البشر، معتبرا أن باستطاعتهم سبر أغوار ما يختلج صدر المرضى أو الزوار، والبحث لها عن علاج، والتعرف على أسباب المشاكل التي تصادفهم وكيفية مواجهتها. لكن مشكلة واحدة فقط لا يمكن علاجها، إذ يقول كريستيان: "المشكلة الوحيدة التي قد تحول بين المعالج البينيني وبين إيجاد حل هي غضب الأم من الشخص الباحث عن العلاج؛ فإذا واجهنا مثل هذه الحالة لا مناص من ضرورة حل هذا المشكل بين المريض ووالدته، آنذاك يمكن للمعالج التدخل من أجل البحث عن الحل أو العلاج".