في الجمعة العشرين، يمكن ملاحظة المستجدات السياسية حول حراك الجزائر كما يلي: 1. إلقاء عبد القادر بن صالح للخطاب الثاني الموجه إلى الشعب، خلال ولايته كلها ركزه على نقطتين: الأولى تنفيذ مخطط الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الأركان العسكرية منذ عزل بوتفليقة، وتأخر تنفيذه إلى الآن قصدا، بسلوك سياسة تأخيره إلى حين نهاية ولاية بن صالح الأولى المحدودة في 90 يوما، وإلى حين تطبيق سياسة قمع الحراك ومنعه، وتم تجسيد مخطط الحوار بعقد ما سمي "منتدى الحوار الوطني" حضره بعض المدعوين من الأحزاب والأفراد وقاطعه آخرون، والمهم بالنسبة إلى الحراك هو أن هذا المنتدى لم يحضره ممثلون معروفون من الجهات، وأعني ممثلي الطوارق والمزابيين والقبايل ومندوبي الجزائريين في المنفى والهجرة، ولا من لجان تنظيم الحراك... وتم استجابة لخطاب بنصالح، وقائد الأركان العسكرية. النقطة الثانية هي أن العسكر ليس طرفا في الحوار، ومعنى ذلك أنه فوق الحوار؛ لأنه هو أول من دعا إليه الآخرين فيما بينهم، وليس هو المحاور، مثل ما وقع في السودان الذي تحاور وتفاوض فيه الشعب مع العسكر، في نفس الأسبوع، حيث جرى الحوار بين ممثلي الحراك والعسكر. وألقى قائد الأركان كايد صالح خطابا جديدا موازيا لخطاب بن صالح أ علن فيه التعبئة العامة للجيش للسيطرة على الحراك تحت ذريعة الحفاظ على الأمن، وهو موجه إلى المشاركين في الحوار لكي لا يناقشوا وضعية العسكر أثناء الحوار الذي سيجري بدون حضوره، وشكر في خطابه الصحافة الجزائرية التي خضعت لأوامره بعدم تغطية أنشطة الحراك في الجمعة رقم 20 كما كانت تفعل في بداية الحراك. 2. ظهر من الخطاب الثاني لابن صالح أنه أنهى ولايته الأولى، التي أخذها من الدستور، وسيبدأ ولايته الثانية في الأسبوع الحادي والعشرين من الحراك، ليستمر إلى أجل غير مسمى تحت ذريعة ما يسمّيه الحاكمون ب"استمرار الدولة" بدون نص دستوري، وبدن انتخاب رئيس الدولة، وكأن الوطن يعيش عقدة الخوف من عدم استمرار الدولة كيفما كانت هذه الدولة... وسيبقى الشعب يعيش مهزلة البحث الميثافيزيقي Methaphysique عن من سيخلف بوتفليقة كمن يبحث عن قطة سوداء في بيت مظلم لا توجد فيه القطة، حسب تعبير الفيلسوف الفرنسي. 3. إقالة رئيس المجلس الوطني الشعبي بوشارب، وبالتالي إضعاف دور البرلمان، أي السلطة التشريعية في الولاية الثانية المقبلة لابن صالح الذي وضع صوره مكان صور بوتفليقة في الإدارات العمومية، وفرض العسكر السيطرة على وسائل الإعلام التي تستعمل مصطلح رئيس الدولة، وحذفت نهائيا كلمة "الرئيس المؤقت"؛ لأن كلمة "المؤقت "لم يعد لها معنى، وبقيت انتخابات الرئيس الجديد مؤجلة إلى موعد مجهول قد يصل فيه ابن صالح إلى خمس عهدات Madndats أكثر من بوتفليقة. 4. صادفت الجمعة رقم 20 ذكرى مرور 57 عاما على انسحاب فرنسا من الجزائر، وفيه استمر العسكروالدرك في إعلانات اعتقال أفواج "الحراكة" الذين يهربون يوميا من جزائر "الاستقلال" إلى فرنسا "الاستعمار" وإعلانات اكتشاف خلايا من يسميهم العسكر والدرك ب"الإرهابيين" الذين لا يعلنون أسماءهم ولا صورهم للجمهور، ولا يعلم أحد وضعيتهم في المحاكم، وقد يكونون من المقاومة المسلحة ضد السلطة غير المنتخبة أو من القبايل الذين يناضلون من حقوقهم في تقرير المصير. 5. لقد سبق لنا أن قلنا، في المقالات التي نشرناها عن حراك الجزائر، إن ما يجري في الجزائر يعني كل سكان شمال إفريقيا، وبلاد الساحل التي يسكنها شعب واحد مزقه الاستعمار إلى دول مصطنعة لن تستقر إلا بإزالة الحدود فيما بينها. ومن ثم، فقد تصادف الأسبوع رقم 20 في الجزائر مع ظهور قانون منع حجاب المرأة في تونس، وهي بداية لتفكيك الحكم بواسطة "دين الدولة" في شمال إفريقيا. كما تصادف مع تدخل مجلس الأمن الدولي لوقف هجوم العسكر العربي على مدينة طرابلس في ليبيا، وإعلان السلطات التونسية موعد إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية التي استحال إجراؤها في الجزائر منذ فبراير 2019 ونكسة تجديد الديمقراطية في موريتانيا باستمرار تولي العسكر للحكم بتنصيب الجنرال ولد الغزواني رئيسا للدولة بواسطة انتخابات مفبركة وجاهزة قبل إجرائها، علما بأن الحدود بين تونس وليبيا وموريتانياوالجزائر مفتوحة، ويسهل عبورها بين تلك الأقطار، وتصادف في المغرب مع نشر تقريرين دوليين ضد السلطة المخزنية، يتعلق الأول بنهب رمال شواطئ المغرب خاصة في أسفي والصويرة والقنيطرة، ويتعلق الثاني بانتهاكات حقوق الإنسان، وخاصة في سوء معاملة نشطاء حراك الريف وخرق الحريات العامة. 6. في هذا الأسبوع رقم 20، انتهى شعار "الشعب والجيش خوة خوة" بنشر فيديوهات تثبت ضرب الشباب المتظاهرين سلميا ومعاملتهم بقسوة ووحشية من طرف قوات الدولة التي تبحث عن الاستمرار. كما تزايد الصراع بين الشعب والعسكر حول الراية الأمازيغية التي عاد المتظاهرون في بعض الجهات إلى رفعها بأعداد كبيرة تفوق الراية العسكرية، وتحدوا سلطة المنع التي لم تستطع إزالتها.