على الساعة الثامنة صباح كل يوم أحد، تجدهم يجوبون شوارع وأزقة مدينة المحمدية، يحملون وجبات غذائية بأيديهم ويقتربون من أشخاص يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، يقدمون لهم ما بين أيديهم من أكل، يدردشون معهم ويتشاركون بضعة دقائق، قبل أن يغادروا المكان.. مشهد يتكرر في أكثر من مدينة مغربية، فالأمر يتعلق بجمعية "زيرو جائع"، التي تهدف إلى محاربة هدر الطعام عن طريق منحه لأشخاص بدون مأوى، كثيرا ما يساور الجوع بطونهم دون أن يجدوا لقمة تسد رمقهم. يقول فؤاد جامعي، نائب رئيس جمعية "زيرو جائع"، إن الهدف هو إنقاذ الأشخاص الذين يبيتون بالشارع وعدم إتلاف الأكل، وأيضا تكرار العمليات بشكل متواصل. تنتشر الجمعية في حوالي 20 مدينة بالمغرب، وتضم ما يزيد عن أربعة آلاف متطوع، ووزعت عشرات آلاف الوجبات، كما عقدت شراكة مع عشرة مطاعم ومدارس لتزويدها بالأكل. يقول الجامعي في حديث مع هسبريس: "الأشخاص بدون مأوى هم مواطنون مثلنا، لهم الحق في الأكل واللباس والتطبيب، علينا مساعدتهم وإعادة البسمة إلى شفاههم". تم تأسيس الجمعية قبل حوالي سنتين، بفكرة من الشاب رشيد بكار، وهو طالب في المدرسة المحمدية للهندسة، قبل أن تجد صدى واسعا لدى فئة الشباب خصوصا، إذ أن أغلب منخرطي الجمعية لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين سنة. تشرح صفاء رحاوي، المكلفة بتنسيق أنشطة "زيرو جائع" بمدينة المحمدية، طريقة عمل الجمعية بمدينة الزهور قائلة: "النشاط بالمدينة ينطلق كل ثلاثاء..يتكلف أحد الأعضاء بالنشر عبر مجموعة "واتساب" الخاصة بمنخرطي الجمعية بالمحمدية والمتبرعين، ويشير إلى العناصر الغذائية التي سنحتاجها، فيتكلف بإحضارها كل شخص على قدر استطاعته". وتواصل صفاء: "يتكلف أحد الأعضاء بجمع العناصر الغذائية المكونة للوجبة من المتبرعين، ما عدا الأشياء القابلة للفساد بسرعة، من قبيل الخبز، نتركها ليوم الأحد، إذ نلتقي للبدء في عملية التوزيع انطلاقا من الساعة الثامنة والنصف صباحا، ونستهدف ثلاث مناطق بالمدينة"، وتضيف: "أصبحت لنا علاقات جد متطورة مع المستفيدين، أصبحنا نحس بمشاكلهم وهم أيضا يحسون بنا، قد نصل في بعض المراحل إلى ذرف الدموع برفقتهم.. نحس بآلامهم. هناك أناس لا يطلبون إلا الاستماع لهم واستيعاب مشاكلهم وصعوبات حياتهم". نشاط الجمعية لا ينتهي عند هذا الحد، فعقب انتهاء عملية التوزيع يلتقي المتطوعون لتقييم عملهم، وأيضا للتعرف على المنخرطين الجدد وتكوينهم حول الجمعية وتأسيسها وطريقة عملها، كما يتلقون تكوينا في طريقة الحديث والتعامل مع الأشخاص بدون مأوى والتواصل معهم. تتحدث صفاء بحماس كبير عن فوائد العمل التطوعي وتقول: "أنا شخصيا كنت أظن أن السعادة والفرحة تكمن حين الأخذ، لكن حين الانخراط في الجمعية علمت أن السعادة الحقيقية تكمن في العطاء". من جانبه يؤكد الجامعي أنه لا بد من "لفت انتباه السلطات والحكومة والجمعيات غير الحكومية إلى هذه الفئة"، مضيفا: "أتمنى أن تتوسع هذه المبادرة بشكل أكبر وتستقطب شبابا أكثر فأكثر".