الصورة: أرشيف عادت عملية "التطواف"، التي يقوم بها رجال الأمن لمجرمين ومنحرفين، تظهر من جديد في بعض المدن المغربية، مثل مدينة الرباط التي باتت تعرف تسيبا أمنيا لافتا، بعد تسجيل العديد من حالات الاعتداء الجسدي، والسرقة بالقوة، واعتراض سبيل المارة، خاصة في الساعات المبكرة من الصباح، وفي الساعات المتأخرة من الليل، وفي الأماكن المظلمة والخالية. وتنشط العصابات الإجرامية، ومروجو المخدرات بكل أصنافها في العاصمة الإدارية، خاصة في الأحياء الشعبية التي تعد نقطا سوداء من الناحية الأمنية، من قبيل حي الفرح "دوار الحاجة"، وحي المعاضيد "الرشاد"، وحي الانبعاث، وحي يعقوب المنصور، ودوار "الكورة"، وغيرها من الدواوير والأحياء العشوائية بالرباط. بين الأمن والتشهير و"طوَّفت" فرقة أمنية في أحد الأحياء الشعبية بالرباط، قبل أيام قليلة، منحرفا قاصرا، يلقب ب"كَياصة" كان يُرهب السكان، سيما النساء والفتيات، بحمله لسيف يكاد يقارب طوله، وتهديده لضحاياه بأن يتركوا له متاعهم وما يملكون من هواتف وأموال وغيرها، وإلا فإن شرطة من سيفه الذي يستله من تحت ثيابه ستترك جرحا غائرا في وجوههم. وشوهد هذا المنحرف، وهو حافي الرجلين وعاري الجسد تماما إلا من تُبانه، يمسك به عناصر من فرقة أمنية، يطوفون به في بعض الأحياء، وقد تبعتهم أفواج من الفضوليين، وذلك من أجل أن يكون عبرة لغيره من المجرمين والمنحرفين، قبل أن يسلموه تحت وابل من الضرب والرفس إلى مقر الأمن لإنجاز محضر قانوني له، ثم قُدم في حالة اعتقال إلى النيابة العامة من أجل محاكمته على تهم النهب والسلب والاعتداءات التي كان يقوم بها. وقال أحد رجال الأمن الذي شارك في عملية "تطواف" أخرى شهدها أخيرا حي المسيرة 2 بمدينة تمارة، ضواحي الرباط، في تصريح لهسبريس، إن مثل هذه العمليات قانونية، ولا يمكن القيام بها إلا بإذن من السلطات الأمنية والقضائية المختصة. وأوضح المصدر أن عملية التطواف لا يقوم بها الأمن في كل عملية ضبط وقبض للمجرمين، بل تتحدد في بعض الحالات الخاصة التي يكون فيها المجرم المعني بالأمر قد ارتكب جرائم متعددة، أو قام بترهيب السكان في بعض الأحياء، فيكون إمساكه و"طوافه" في هذه الأحياء بمثابة إعلان عن إلقاء القبض عليه، وإعادة للطمأنينة في نفوس الناس. وبحسب مصادر هسبريس، فإن العديد من سكان أحياء "دوار الحاجة" و" المعاضيد" والمناطق المجاورة، قد حاولوا الترتيب لتنظيم مسيرة احتجاجية سلمية من أجل لفت الانتباه إلى حالات الانفلات الأمني الذي تشهده هذه الأحياء الشعبية تحديدا. ومقابل ذلك، تضيف المصادر ذاتها أنه لوحظت في الأيام القليلة الأخيرة مجهودات طيبة من لدن فرق أمنية صارت تجوب بعض الأحياء الصعبة بطريقة مفاجئة، خاصة في فترات الليل، وتحاول تفتيش جيوب المراهقين بحثا عن أقراص الهلوسة، القرقوبي، وأيضا عن أسلحة بيضاء محتملة.. ويُذكر أن "التطواف" عُرف جرى به العمل في سنوات خلت في مدينة فاس، بالتحديد، حيث كانت تكثر حالات الجرائم والاعتداءات على الساكنة، فاهتدى المسؤولون عن الأمن في المدينة إلى طريقة الطواف بالمجرم في الأحياء، لضرب عصفورين بحجر واحد: بث الأمن في النفوس، وأيضا أخذ المنحرفون الآخرون العبرةَ من المجرم المقبوض عليه. وتلقى عملية "التطواف" انتقادات من طرف الحقوقيين الذين يرون فيها نوعا من الاعتداء على حقوق المجرم أو المُشتبه فيه، وتشهيرا غير قانوني به، من خلال إهانة شخصيته وتعريضه للسخرية والسب والشتم من لدن عائلات الضحايا أو من السكان. [email protected]