لم تتوقع ساكنة إقليم ميدلت أن ينتشر مرض السرطان بتلك الوتيرة وبشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة، لاسيما في صفوف النساء، لأسباب لا تزال مجهولة لحد الساعة. وفي هذا السياق، دق فاعلون مدنيون وجمعويون وحقوقيون ناقوس الخطر، إزاء الوضع الخطير الذي تعيشه النساء بالخصوص في إقليم ميدلت، نتيجة تفشي السرطان بمختلف أنواعه في صفوفهن، مستنكرين الحالة غير السليمة لصحة المرأة الجبلية التي تنذر بعواقب وخيمة، لاعتبار المرأة هي العمود الفقري لكل أسرة. محمد وسرغين، نائب رئيس جمعية سكان جبال العالم فرع ميدلت، قال إن الوضع مقلق وخطير جدا، مردفا أنه "لن تكون خريطة انتشار مرض السرطان بإقليم ميدلت بمحض الصدفة تتمركز بأيت عياش وميدلت وبومية... وما يميز هذه المناطق عن غيرها هو انتشار الضيعات الفلاحية، وخاصة شجرة التفاح، والعدد الهائل من اليد العاملة التي تشتغل موسميا بهذه الضيعات". وأقرّ ووسرغين في اتصال هاتفي مع هسبريس، بأن "تشديد المراقبة على المبيدات الكيميائية المستعملة في هذه الضيعات أصبح من الأولويات، لأن هناك احتمالا كبيرا أن تكون هذه السموم هي السبب". ودعا المتحدث ذاته في التصريح نفسه، المسؤولين إلى إلى "الحفاظ على حياة الناس، وأن ومقاومة هذا المرض الخبيث لا يتمثل فقط في دعم جمعيات محاربة السرطان وتوفير سيارات الإسعاف"، بل ينبغي التحقيق في الأسباب الكامنة وراء هذا الوضع للحد منها. وتأسف نائب رئيس جمعية سكان جبال العالم فرع ميدلت، ل"استغلال معاناة الناس سياسيا من طرف البعض على حساب البعض الآخر، في الوقت الذي يتطلب فيه الأمر تدخل الجهات المسؤولة، للوقوف على الأسباب الحقيقية لانتشار هذا المرض الفتاك، بغية الحد من آهات العديد من المواطنات والمواطنين، لاسيما أن مجتمعنا محافظ يتستر على هذا النوع من الأمراض، ليبقى العدد الحقيقي للمصابين بهذا المرض الخبيث مجهولا إلى حد الساعة". وختم وسرغين حديثه في موضوع انتشار السرطان، بقوله إن " الريف قصفوه بأسلحتهم الكيماوية، والأطلس يقصفونه بمنتجات شركاتهم الكيمائية". ومن جهته، لم ينفِ منسق جمعية أمل لمحاربة داء السرطان بإقليم ميدلت، حسن بن لحبيب، الأعداد الكثيرة من النساء اللواتي قصدن الجمعية لتسجيل أسمائهن ضمن المصابين بالسرطان، من أجل المساعدة على العلاج، لكنه استبعد في الوقت ذاته أن تكون المبيدات الكيمائية الخاصة بأشجار التفاح هي السبب وراء ذيوع السرطان. وأضاف المصدر ذاته في اتصال هاتفي بهسبريس، أن الأسباب الحقيقية للسرطان المتفشي مجهولة، وأن الوضع فعلا يدعو إلى القلق، مضيفا أن النساء اللواتي يلجأن إلى الجمعية غالبا ما يكن مصابات إما بسرطان الثدي أو الرحم أو البروستات... وأضاف بن لحبيب في التصريح عينه، أن السرطان منتشر بكثرة في بومية، إذ بلغ عدد الحالات التي قصدت الجمعية بحثا عن العلاج حوالي 80 حالة، دون الحديث عن النساء اللواتي ينأين بأنفسهن عن التصريح بمرضهن، ويكتفين بالعلاجات التقليدية، من الأعشاب وغيرها الأدوية الكلاسيكية. وأشار المصدر إلى أن منطقة بومية ليست الوحيدة التي تشهد انتشار السرطان، بل إن جل مناطق إقليم ميدلت تعيش هذا الوضع غير المريح، من قبيل "كرامة" التي سُجلت بها 20 حالة، و"أيت عياش" 15 حالة، و"الريش" 30 حالة، و"ميدلت" 80 حالة... وأورد المتحدث أن الجمعية وقعت اتفاقية شراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من أجل التكفل بالنساء اللواتي يعانين السرطان، وذلك عبر نقلهن إلى المركز الاستشفائي الجامعي بفاس، لإجراء الفحوصات الطبية الضرورية. وأردف أنهم يخوضون حملات تحسيسية للحد من انتشار السرطان بالإقليم، عبر توعية الساكنة بالنمط الغذائي الواجب اتباعه، وتجنب كل ما من شأنه الإسهام في ظهور مرض السرطان المهدد لحيوات النساء على الخصوص، داعيا في الأخير المحسنين والمسؤولين على مستوى الإقليم إلى تقديم يد الدعم والمساندة اللازمين للمرضى والجمعية على حد سواء، قصد مساعدتهم على تجاوز محنتهم، التي أرخت بضلالها على مختلف مناحي حياتهم. واتصلت هسبريس بمندوبة وزارة الصحة بإقليم ميدلت، فاطمة اشباعتو، من أجل استقاء تصريح في الموضوع، غير أن هاتفها ظل يرن دون رد.